تعددت المؤسسات المختصة في منح التمويل الصغير أو الأصغر في تونس من أجل دعم الإستثمار من جهة وحث الباعثين، لا سيما الشباب منهم والفئات الهشة غير القادرة على الحصول على تمويلات من المؤسسات المالية التقليدية،من الحصول على قروض صغرى بهدف إحداث مشاريعها الخاصة. اندا تمويل واندا العالم العربي هي من أولى المؤسسات التي كرست كل طاقاتها وبرامجها لمساعدة الطبقة الفقيرة وخاصة النساء لإحداث مورد رزق لها ولعائلتها حيث وجهت أندا كل مجهوداتها منذ احداثها وبنسبة 100 بالمائة لتمويل النساء العاطلات عن العمل وخاصة القاطنات في الأرياف والأحياء الشعبية. «الصباح الاقتصادي» التقى أسماء بن حميدة مؤسسة أندا تمويل واندا العالم العربي وتناول اللقاء عديد المحاور أهمها تجربة اندا في مجال التمويل الأصغر في تونس وأهم المؤشرات المحققة والأهداف التي تطمح المؤسسة لبلوغها خلال الفترة القادمة وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار. * كيف خامرتك فكرة إحداث مؤسسة اندا؟ -بعد عودتي إلى تونس وبعد تجارب دولية في عدة مجالات أردت أن أرد الجميل لبلادي بأن قمنا بعدة مشاريع ذات طابع بيئي في البداية وأخرى ذات طابع اجتماعي. وخلال فترة دراسة المشروع والاختلاط بمتساكني الحي الأكثر شعبية بتونس (حي التضامن) لاحظت التواجد المكثف للرجال بالمقاهي والتزام النساء بعدم مغادرة المنزل رغم إتقانهم (النساء والرجال) لعديد المهارات وخاصة الحرفية منها، لاحظت كذلك صورة لن تمحى من ذاكرتي وهي صورة المواطنين الواقفين في طابور طويل أمام المعتمدية لنيل مساعدات (قفة رمضان) وهو ما حثني للتعمق والاستئناس بتجارب عالمية لا تقوم على الإعانات بل على تمويل بسيط حسب تقنيات وإجراءات تضمن كرامة الفرد، وقد كان هذا الحافز الأساسي لإدراج التمويل الأصغر في تونس وانطلاقة منظمة أندا. * لو استعرضتي التطور التاريخي للمؤسسة؟ -كان اسمها في البداية أندا العالم العربي تأسست سنة 1990 لتهتم في أول ثلاث سنوات بالجانب البيئي من خلال تهيئة محمية إشكل بولاية بنزرت ومن ثم وبداية من سنة 1993 اهتمت بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتختص سنة 1995 في التمويل الأصغر بسقف تمويل محدد للجمعيات لا يتجاوز وجوبا 5.000 دينار. وتوالت السنوات لتحقق أندا اكتفائها الذاتي سنة 2003 ولتبدأ التوسع الجغرافي خارج تونس الكبرى. وقد اهتمت مؤسسة أندا العالم العربي بتمويل المشاريع الصغرى في المناطق الريفية النائية والأحياء الشعبية وتضمنت رسالتها الاجتماعية التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة والشباب. ثم تحصلت أندا العالم العربي على موافقة من وزارة المالية التونسية بتاريخ 31 ديسمبر 2015 لإنشاء مؤسسة أندا تمويل. ومنذ ذلك التاريخ رفعت أندا تمويل سقف التمويلات إلى 20 ألف دينار مما مكن من تلبية الاحتياجات المتزايدة لحرفائها الاوفياء والذين يسعون إلى تطوير مشاريعهم. كما أصبحت المؤسسة قادرة على خدمة المشاريع الريفية والصغرى وكذلك الناشئة التي يقوم بها الشباب، وبالتالي المساهمة في إحداث فرص العمل للشباب ما من شانه تقليص النسب المرتفعة للبطالة خاصة في الولايات الداخلية. وفي نفس الوقت وإلى جانب إطلاق أندا تمويل أعلنت المنظمة غير الحكومية أندا العالم العربي مواصلتها تقديم خدمات غير مالية تتعلق أساسا بالتكوين لتطوير القدرات في مجال المبادرة والتصرف في المؤسسات الصغرى وتوفير الدعم على مستوى التسويق خاصة بالنسبة للحرفيين والمنتجين الفلاحين والاستشارات والمواكبة لإحداث المؤسسات فضلا عن التكوين في المجال المالي والمواطنة. * لو قدمت اندا في أرقام؟ -تسدي أندا خدماتها في كل ولايات الجمهورية من خلال 80 فرعا قارا و3 فروع متجولة بعدد إجمالي يفوق 1500 موظف منذ تأسيسها، ومولت أندا 695 ألف حريف بعدد قروض ناهز2.6 مليون دينار، وبإجمالي مبالغ مسندة بلغت 3000 مليون دينار. * هل نجحتم في تحقيق الأهداف المرسومة منذ احداثكم للمؤسسة؟ -عند التدقيق في الفئات الممولة من قبل مؤسسة أندا نجد أن ما يزيد عن 85 بالمائة من الحرفاء تحت مستوى خط الفقر منهم 64 بالمائة نساء وهو الهدف الأساسي من احداث المؤسسة اي تمويل الطبقات الهشة وخاصة النساء منهم و36 بالمائة رجال. وعن الجهات التي انتفعت بالقروض المسندة فقد وجهت بنسبة 42 بالمائة نحو المناطق الريفية و 58 بالمائة في المناطق الحضرية لا سيما منها الاحياء الشعبية، حيث بلغت نسبة الشباب من إجمالي الحرفاءالمتحصلين على قروض 26 بالمائة، وهو ما يعد نجاحا لأندا في تحقيقها للشمولية المالية. * ما هي الأهداف المستقبلية لاندا تمويل؟ -نهدف لأن تكون أندا مؤسسة مالية بكل ما للكلمة من معنى اذ نطمح ان تكون أول بنك تونسي للتمويل الصغير يرتكز أساسا على الشمولية المالية من خلال تنويع المنتجات والخدمات مثل القروض والادخار وتحويل الأموال.. مع التركيز على الفروع المتجولة واستعمال التكنولوجيا الحديثة لخدمة المناطق الحدودية والنائية بأقل التكاليف للحريف. * ماذا ينقص برامج تمويل المؤسسات الصغرى في بلادنا حتى يدفع بالمبادرة الخاصة ويجعل منها تجربة ناجحة على غرار عديد الدول؟ -ننتظر تحسينا في الإطار التشريعي للإحاطة بهذا المجال وتوسعة خدماته والترفيع في سقف القروض بما يتجاوب مع احتياجات الحرفاء من الفئات الهشة. وهو ما سيمكن هذه المؤسسات من جملة من الامتيازات تحقق بها نسبا أكثر في الإدماج المالي للفئات الهشة وخاصة منها الشباب لحمايته من الأخطار المحدقة به كالتطرف والهجرة غير الشرعية. * ما هي قراءتك للوضع الاقتصادي اليوم؟ -لا يخفى على أحد ما يشوب الوضع الاقتصادي العام للبلاد من صعوبات لها تأثير مباشر على الفئات الهشة من المجتمع. ونظرا لاحتكاكنا المباشر واليومي بهذه الفئات نلاحظ، أنه بالرغم من هذه الصعوبات المعترضة والتي تمس أساسا من القدرة الشرائية والظروف المعيشية، أن رغبتهم في تطوير وبعث المشاريع يبشر بكل خير للفئة المستهدفة من التمويل الأصغر. ونقر بتدهور القدرة الشرائية لهذه الفئة وهو ما أنتج إحساسا كبيرا بالإحباط بالنسبة للمناطق المهشمة والفقيرة التي انتظرت كثيرا من الثورة مما يكثف في نسبة الطلبات وهو ما يفرز النسب العالية لظاهرة الهجرة غير الشرعية وكل هذا يفرض علينا إحاطة أكثر بحرفائنا خصوصا والطبقة الفقيرة عموما.