ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن إحداث مكاتب صرف حتى أن إحداث هذه المكاتب أفرد بفصول ضمن قوانين مالية سابقة لكنها لم تفعل. ويبدو أن الحكومة ماضية، هذه المرة، في إحداث مكاتب الصرف اليدوي بكامل تراب الجمهورية لتوجيه عمليات الصرف نحو القنوات الرسمية وبهدف وضع حد لعمليات الصرف غير الشرعية بالإضافة إلى مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك بمقتضى أمر حكومي جديد تمت المصادقة عليه خلال مجلس وزاري الأسبوع المنقضي ويتعلق بتسوية مخالفات الصرف، ويتضمن قانون المشروع، الذي أحيل على مجلس النواب، 5 فصول تتمحور حول المخالفات وموضوع التسوية والمنتفعين بها. وبشأن إحداث مكاتب الصرف وجدواها في الحد أو القضاء على ظاهرة تداول العملة خارج القنوات الرسمية فقد أكد الخبير في المخاطر المالية مراد الحطاب ل»الصباح» أن قرار إحداث مكاتب الصرف مرحب به باعتباره سيساهم في الحد من تداول العملة خارج الأطر المنظمة، مبينا وجود العديد من مكاتب الصرف في النزل وفي كل المقرات والفروع البنكية إلا أن الإشكال يكمن في توقيت عمل هذه المكاتب وخاصة في توزيعها على كامل تراب الجمهورية وهو إشكال سيحل من خلال فتح مكاتب للصرف في كل الجهات تعمل على امتداد الساعات ما سيمكن من التصدي لعمليات الصرف خارج المنظومة المهيكلة. واستدرك الخبير قائلا إن تداعيات إحداث هذه المكاتب محدودة، متسائلا عن جدوى إحداثها في بلاد ليس فيها صرف، واستغرب من سعي الحكومة، من خلال هذا الإجراء، لتعبئة العملة الصعبة في حين أنها تعلم جيدا أن الناشطين في التجارة الموازية والاقتصاد غير المنظم لن يلجأوا أبدا إلى مكاتب الصرف المنظمة مشددا في ذات الصدد على أن حجم العملة المتداولة خارج الأطر المهيكلة يناهز ال10 آلاف مليون دينار. وواصل الحطاب شارحا أن إحداث مكاتب صرف في بلد يعاني من نزيف في العملة الصعبة ليس ذا معنى، مبينا أن هذا النزيف متأت بالأساس من تفاقم الواردات التي فاق حجمها خلال 8 أشهر الأولى من السنة 36.088 ألف مليون دينار في حين أن العائدات الجمركية لهذه الواردات لا تتجاوز 400 مليون دينار أي 1.4 % فقط من الحجم الإجمالي للمواد الموردة. هذا بالإضافة إلى ضعف مخزوننا من العملة الصعبة دون نسيان الحجم الضخم للدين الخارجي والذي تسدده بلادنا بالعملة الصعبة أيضا. وأردف الخبير في المخاطر المالية مؤكدا على أن حجم العملة الصعبة التي خرجت من بلادنا بين واردات وتسديد للديون بلغت إلى حدود شهر أوت 40 ألف مليار دينار. وختم مبرزا أنه لا يمكن الحديث عن مكاتب صرف إلا إذا كانت وضعيتنا مريحة من حيث مخزون العملة الصعبة والميزان التجاري وميزان الدفوعات ما من شأنه أن يخلق سوقا للتبادل ويحدث دينامكية اقتصادية. سوق صرف موازية ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي رضا قويعة ل»الصباح» أن إحداث مكاتب الصرف سيساهم في إحداث مواطن شغل جديدة كما يعتبر بداية لتحرير صرف العملات على اعتبار أن المنافسة ستكون على أشدها بين مكاتب الصرف التي ستعرف مضاربة من حيث الأسعار. وأشار أن هذه المكاتب ستحتكر عمليات الصرف مما سينقص من حجمها لدى البنوك وهذا من شأنه أن يخلق سوق صرف موازية للمنظومة البنكية التي لن تتمكن من التحكم في كتلة العملة الصعبة في البلاد.