استنكرت هيئة المهندسين المعماريين فحوى مذكرة أصدرها مؤخرا وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية موجهة إلى المديرين الجهويين للتجهيز يقر فيها الوزير بعدم إلزامية تأشيرة الهيئة في ملف مطالب رخص البناء. ويؤشر بيان الهيئة الذي جاء في لهجة مشددة إلى تعمق الخلاف بين المعماريين وبين وزارة الإشراف ليس فقط في موضوع رخص البناء ولكن أيضا في ملفات اخرى منها ما يتعلق بمسائل قانونية وترتيبية تمس بالمهنة سبق أن عبرت عنها العمادة، مثل ملف السكن الاجتماعي، او مشروع القانون المتعلق بتنقيح مجلة التهيئة الترابية.. وعبّرت الهيئة في بيان صادر بتاريخ 3 نوفمبر 2017 تحصلت «الصباح» على نسخة منه عن تفاجئها من قرار وزير التجهيز الذي دعا المديرين الجهويين إلى إمكانية قبول مطالب رخص البناء حتى وإن لم تتضمن تأشيرة هيئة المهندسين المعماريين بتعلة أنها ليست من الوثائق المكونة للملف. إجراء حمائي وأوضحت الهيئة أن «قرار هيئة المهندسين المعماريين عدد 02/2017 والصادر في شهر أوت 2017 والقاضي بإلزامية وضع التأشيرة الإلكترونية على الأمثلة الهندسية لملف رخصة البناء هو «قرار داخلي من صلاحيات مجلس الهيئة يهم جميع المهندسين المعماريين ويلزمهم بتطبيقه، وهو غير مخالف لأي تراتيب أو قوانين سارية ولا يمكن الطعن فيه إلا أمام القضاء الإداري، وقالت إن الهدف من التأشيرة «تنظيم القطاع وصد الدخلاء وحماية حقوق كل من الحريف والمهندس المعماري في إطار تعاقدي شفاف يقطع مع جميع الممارسات المنافية لأخلاقيات المهنة والسمسرة والفساد.» وأضاف بأن « التأشيرة ليست وثيقة ولا تمس من جوهر مكونات ملف رخصة البناء، بل هي إجراء حمائي للمهنة في إطار علاقة المهندس المعماري إزاء هيئته طبقا لصلاحيات المجلس، شأنها شأن إجراء إلزامية وضع المعرف الجبائي». وألمح بيان هيئة المهندسين المعماريين إلى تراجع وزير التجهيز عن تأييده لمشروع التأشيرة الالكترونية للمهندس المعماري لملفات رخص البناء خاصة بعد مساندة وزارة الشؤون المحلية والبيئة لقرار الهيئة المهندسين المعماريين.. ودعته إما إلى «تبنّي المشروع وإضفاء الصبغة الإلزامية للإدارة عليه أو النأي بنفسه عن تهمة تكريس الممارسات غير القانونية في ميدان الترخيص في البناء وتشجيع السمسرة والفساد». يذكر ان وزير التجهيز أصدر مؤخرا مذكرة داخلية موجهة إلى المديرين الجهويين للتجهيز خلص فيها إلى أن تأشيرة هيئة المهندسين المعماريين على الرسوم المعمارية لم تكن من الشروط المطلوبة في الوثائق المكونة لملف رخص البناء، وبالتالي نصت المذكرة على انه « لا يمكن للإدارة رفض مطلب رخصة بناء بتعلة أنه لم يتضمن تأشيرة الهيئة..» وعلل الوزير قراره بأن «الوثائق المكونة لملفات رخص البناء تم ضبطها بصفة حصرية بمقتضى قرار وزير التجهيز المؤرخ في 17 افريل 2007 والمتلعق بضبط الوثائق المكونة لملف رخصة البناء واجل صلوحيتها والتمديد فيها وشروط تجديدها». وقد صدرت المذكرة بناء على استشارات وردت على الوزارة من ادارات جهوية للتجهيز ومن بلديات بخصوص قرار هيئة المهندسين المعماريين القاضي بإلزامية تأشيرة على الرسوم المعمارية المكونة لملفات رخص البناء، حسب ما جاء في المذكرة. وزارة تعنى بالمدينة والسكن وفي مستوى متصل، دعا مجلس الهيئة في ذات البيان رئيس الحكومة، للتدخل وسحب ملف الترخيص في البناء من أنظار وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية معللة ذلك بأن الوزارة «لم تعد تشاريعها قادرة على مواكبة التطور الحضري للمدن، وأثبتت فشلها في إيجاد الآليات القانونية للتحكم في المشهد المعماري والعمراني للمدن التونسية، رغم كل المقترحات المقدمة من طرف الهيئة في الغرض، سيّما أنها ليست مرجع نظر الجماعات المحلية». كما طالب مجلس الهيئة رئيس الحكومة ب»إحداث وزارة تعنى بالمدينة والسكن على غرار ما هو معمول به في كل الدول المتقدمة، وايلاء هذا القطاع الأهمية القصوى لانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية على المجتمع»، و»التدخل العاجل لإعادة تفعيل لجنة إصلاح منظومة رخص البناء التي أحدثت لدى رئاسة الحكومة منذ سنة 2014 والمعطلة منذ ما يزيد عن السنة، التي اشتغلت على بلورة منظومة جديدة في مجال الترخيص في البناء متطورة، شفافة، سهلة التطبيق، كما تساهم ايضا في تحسين ترتيب تونس في مؤشر مناخ الأعمال الدولي، الذي تعتمده كل المؤسسات المالية العالمية وأولها صندوق النقد الدولي». يذكر ان عديد الدراسات التي انجزت بعد الثورة بخصوص تفشي ظاهرة الفساد الصغير في تونس ومنها الدراسة التي انجزها برنامج بارومتر الحوكمة المحلية بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وتعلقت بدراسة الفساد في الإدارة العمومية ونشرت نتائجها في ماي 2014 تؤكد تصدر الرشوة في رخص البناء في الإدارة العمومية على مستوى البلديات والولايات مجالات الفساد الصغير على غرار رخص المقاهي ورخص التاكسي والنقل الجماعي..