يبدو أن "نداء تونس" قد وقع -أو أوقعه أعضاء منه- في مأزق اتخاذ موقفين متعارضين، الأول مشاركته في حكومة الوحدة الوطنية وتحالفه مع حركة النهضة، والثاني أن يكون نواب أعضاء في الحزب مشاركين في الجبهة "البرلمانية الوسطية التقدمية" التي تم الإعلان عنها مؤخرا، والتي تقف ضد هذا التحالف الحزب اتخذ منذ البداية موقفا واضحا تجاه هؤلاء النواب وتتالت التصريحات بين الناطق الرسمي باسم النداء ورئيس كتلة الحركة سفيان طوبال ليصرح " ''من سيلتحق من نواب النداء بهذه الجبهة البرلمانية عليه أن يعتبر نفسه قد غادر كتلة النداء'' واصفا الجبهة ب"البدعة التي ولدت ميتة"" تطبيق النظام الداخلي ولكن حدة التصريحات تراجعت، فالناطق الرسمي باسم "نداء تونس" منجي الحرباوي وصف الجبهة في البداية بالانقلابية ليتطور الخطاب إلى التحذير من السقوط مباشرة في الحديث عن طرد النواب فقد أكد نهاية الأسبوع المنقضي بأن النظام الداخلي للحزب سيطبق على هؤلاء النواب وأنهم سيعرضون على لجنة النظام. ولكنه انتقد في نفس الوقت من يسعون إلى التأثير سلبا في علاقات النداء بنوابه فقد صرح أن " الادعاء بإمهال هؤلاء النواب مدة قبل طردهم نهائيا يتنزل في اطار تعكير الأجواء بين قياديي الحزب وأعضاء كتلته." هذا إلى جانب تأكيده أن اتخاذ أي قرار بشأن هؤلاء النواب يكون بالضرورة نتيجة تصريحاتهم أو مواصلتهم التنسيق مع الكتلة وخياراتهم خلال المصادقة على ميزانية 2018. ويعني ذلك أن النداء سينتظر التأكد من نية هؤلاء النواب الانضمام للجبهة نهائيا وأن تصريحاتهم وأفعالهم تؤكد ذلك حتى يتجه إلى اتخاذ إجراء فعلي إجراءات أقل حدة من التصريحات عمليا اتخذ النداء إجراءات أقل حدة بكثير من تصريحات قياداته في السابق، إذ أعطى نوابه المنضمين للجبهة مهلة للتراجع عن الالتحاق بالجبهة البرلمانية وبذلك يبدو أن النداء بصدد تمكين نوابه من فرص إضافية لتفادي تقلص حجم كتلته و الدليل أن التصريحات والتهديدات السابقة لم تكن إلا لإبراز المواقف المعارضة للكتلة وحتى لا يتخذ النداء موقفا مزدوجا على الساحة السياسية. ولكنه عمليا يحسب نقاط الخسارة فإن طرد فعليا النواب السبعة الذين انضموا إلى "الجبهة الوسطية التقدمية"، فحجم كتلة الحزب سينخفض إلى 50 نائبا ويتزايد بذلك الفارق في حجم المقاعد بين كتلة حركة النهضة وكتلة نداء تونس حسابات متداخلة وبغض النظر عن كيفية تعامل "نداء تونس" مع نوابه، فإنها أزمة جديدة تضاف إلى الأزمات التي يعرفها الحزب من فترة إلى أخرى وتوحي على الأقل بغياب "التوافق" الداخلي حول مواقف الحزب داخل البرلمان وخارجه. وإذا تم طرد هؤلاء النواب بالفعل فإن النداء سيخسر وزنا في مجلس نواب الشعب، وأما إن نجح في استعادتهم بانسحابهم من الجبهة فإن ذلك ستكون له تبعات سلبية على الجبهة بإضعافها في بدايتها. أما "التوافق" مع النواب وبقاؤهم في نداء تونس والجبهة في نفس الوقت، فهو تهديد مباشر ل"التوافق" مع حركة النهضة وهو أمر لا يبدو أن النداء مستعد للتخلي عنه في هذه المرحلة