تم أمس الإمضاء بالأحرف الأولى على اتفاقية السماوات المفتوحة في مجال النقل الجوي بين تونس والاتحاد الأوروبي وهي فكرة،على عكس ما يعتقد البعض،ليست وليدة السنوات الأخيرة وإنّما هي مطروحة منذ سنة 2008. هي اتفاقية ستشمل كل المطارات التونسية باستثناء مطار تونسقرطاج الدولي الذي سينضم للاتفاقية بعد 5 سنوات في إطار إعطاء الناقلة الجوية التونسية حصانة كافية وأبعادها عن المنافسة في هذا المطار الرئيسي وهي مدة اعتبرت كافية لتعيد الشركة هيكلتها حتى تكون قادرة على منافسة شركات الطيران ذات الكلفة المنخفضة التي ستستغل هذه الاتفاقية لتكثيف رحلاتها نحو تونس. التوقيع على اتفاقية السماوات المفتوحة في انتظار استكمال بقية الإجراءات، من المؤكد أنه سيحقّق قفزة نوعيّة في مجال السياحة التونسيّة وسيعطي دفعا هاما للقطاع السياحي الذي بدأ يتعافى بعد سنوات عجاف مر فيها القطاع بأحلك فتراته. وعن المخاوف من حيث تأثيرات الاتفاقية على الناقلة الوطنية والمساهمة في تراجع مداخيلها جراء التخفيض في الأسعار بموجب اتفاقية السماوات المفتوحة، فإنها تبقى مشروعة خاصة أنه يصعب على الخطوط التونسية منافسة أقوى الناقلات العالمية التي تتّفوق في كل شيء تقريبا وخاصة من حيث القوة اللوجستية وضخامة الأسطول.. وهي مخاوف مشروعة كذلك اذا لم يتم وضع كل الآليات الكفيلة بجعل المنافسة منظمة في أطر عادلة مع تعديل المسار بمرور الوقت خاصة أن الاتفاقية ستكون متدرجة. لكن من الزاوية الاخرى، فان هذه المخاوف يمكن أن تكون في جزء منها غير مبررة باعتبار أن الاتفاقية ستعزز القدرة التنافسية للمطارات التونسية خاصة منها الداخلية التي تعاني ركودا كاملا، ومن شان الاتفاقية ان تحول إليها عددا لا باس به من الرحلات بعد منح شركات الطيران الأجنبية حرية التنقل بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي وباقي الدول الموقّعة على الاتفاقية وعددها 32. كما أن ايجابيات اتفاقية السماوات المفتوحة مؤكدة اذا ما نظرنا الى كونها تشترط تقنيات متطورة تتعلق بالطيران وسلامة الرحلات والتأهيل وتطوير مجالات الخدمات والسلامة إلى جانب أنها تمكنّ من رفع عدد السياح الوافدين نحو تونس خاصة عبر شركات الطيران منخفضة الكلفة. كذلك ومن بين فوائد السماوات المفتوحة تنشيط الحركة الملاحية والسياحية ولنا في تجربة المغرب ومالطا أحسن مثال حيث الى جانب النجاح المحقق سياحيا فان الطيران المغربي مثلا أصبح الوسيلة الاوروبية لاستكشاف إفريقيا وأدغالها. وعموما يمكن القول أن «السماء المفتوحة» بالنسبة لتونس باتت أمراً لا مفر منه مع ضرورة أن تفرض تونس على الاوروبيين المحافظة على المكاسب التونسية من الاتفاقيات الثنائية (لتونس 24 اتفاقية مع 24 دولة أوروبية) والمحافظة على نسبة السوق التي حصلت عليها تونس، وتعهد الطيران الأوروبي بتأهيل الطيران المدني التونسي مع العمل اقصى ما يمكن على عدم المس ب»الخطوط التونسية» حتى يشتد عودها وتتلاءم مع الوضع الجديد وتستفيد من «السماوات المفتوحة»...