أصدرت في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول الدائرة الجنائية الخامسة المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس حكمها فيما عرفت بقضية «خلية المكناسي» الإرهابية وقضت في حق الارهابي الذي أحيل بحالة فرار وهو مؤسس الخلية المدعو مروان المحمدي مدة 50 عاما في حين قضت بسجن أمير الخليّة علاء الدين الطّاهري مدة 18 عاما وتراوحت بقية الأحكام في حق 12 متهما بين 4 و21 سنة سجنا. تعود وقائع الإطاحة بخلية المكناسي الإرهابية إلى شهر أكتوبر من سنة 2014 حيث تمكنت وحدات إقليم الحرس الوطني بقابس من القبض على اخطر العناصر الارهابية المطلوبة لدى وزارة الداخلية من بينها المدعو علاء الدين الطاهري زعيم خلية المكناسي ثم تمكنت الوحدات المختصة في مجابهة الإرهاب من ايقاف 12 عنصرا تابعا للخلية في حين تحصن مؤسسها المدعو مروان المحمدي بالفرار. وبعد أن تمكّنت من إيقاف عدد من عناصر تلك الخلية بينهم قياديون حجزت لديهم طناّ من مادة الأمونيتر وشاحنة رباعية الدفع وسيّارتين ومجموعة أجهزة إعلامية محمولة ووحدة مركزية لحاسوب وهواتف جوالة وبندقية صيد وخراطيش عيار 16 مم ودارات كهربائية وجمازتين عسكريتين ومنظارين وفرن كهربائي وكمية من الضمادات الطبية ومحرار وكمية من القطن وبدلة رياضية خاصة بالرياضات الدفاعية. وكشفت الابحاث في هذه القضية ان امير الخلية علاء الدين الطاهري يبلغ من العمر 29 عاما وهو اصيل جهة المكناسي وقد تبنى الفكر التكفيري منذ سنة 2006 وتحصل على شهادة تقني سامي في الهندسة المدنية سنة 2012 وفي نفس الفترة انتهى من حفظ القرآن الكريم ونصّب إماما خطيبا على أحد المساجد بمدينة المكناسي بعد انزال الإمام السابق، وبحكم عمله واحتكاكه الدائم بالمصلّين وجلهم من المتشددين فقد طلب منهم البحث عن شخص يتمتع بكفاءة دينية لتعليم الأطفال الصغار حفظ القرآن فاقترحوا عليه اسم المدعو حلمي الطاهري. اتصل علاء الدين الطاهري بذلك الشخص واقترح عليه تحفيظ الأطفال الصغار القرآن الكريم فوافق على المقترح ثم بعد فترة وجيزة لاحظ عليه ميله الى ما يعرف بتنظيم «أنصار الشريعة» المحظور إذ أنه كان يدعو العديد من الشباب والأطفال الصغار الى اتّباع «أنصار الشريعة» الشيء الذي دفع علاء الدين الطاهري الى التحدث معه ليكتشف أنهما يتفقان في الأفكار اذ ان المدعو حلمي الطاهري يعتبر أعوان الأمن «طواغيت» وتونس دولة كافرة ويحل فيها «الجهاد». وفي أوائل سنة 2013 التقى حلمي الطاهري وعلاء الدين الطاهري بمروان المحمدي الذي طلب منهما استقطاب شبان أصيلي المكناسي ولديهم رغبة في الالتحاق ببؤر التوتر في سوريا او مالي ل»الجهاد». فواق علاء على طلبه وبعد فترة اتصل به خمسة شبان اصيلو المكناسي وطلبوا منه مساعدتهم على السفر الى سوريا فوافق على طلبهم ثم اتصل بحلمي الطاهري الذي اتصل بدوره بمروان المحمدي ليساعد هؤلاء الشبان على السفر الى سوريا بدعوى «الجهاد» فأبدى مروان المحمدي رغبته في مساعدتهم شريطة أن يوفروا له كميات من مادّة الأمونيتر، وللغرض سلّم لحلمي الطاهري مبلغا ماليا قدره 2200 دينار سلم منه بدوره لعلاء الدين 800 دينار وسلم بقية المبلغ للشباب الذين سيوفّرون له مادة الأمونيتر. وبعد مدة اقتنى الشبان «الأمونيتر» على مراحل وقاموا بتجميعه في قطعة أرض تابعة لاحدهم. لقمان أبو صخر على الخط.. بعد ان أتمّوا تلك المهمة التقى علاء الدين الطّاهري بحلمي الطّاهري فطلب منه هذا الأخير التحوّل الى سوق الجديد للقاء مروان المحمدي لأمر عاجل وأكيد فتحول الى المكان المحدد، وأثناء لقائه به طلب منه التحوّل الى الطريق الرئيسيّة لمنطقة سوق الجديد للقاء شخص يرغب في التحدث إليه فاستجاب علاء لطلب مروان، وتوجه فعلا الى الطريق الرئيسي لمنطقة سوق الجديد فوجد شخصا على حافّة الطريق أشار عليه بيديه للتوقّف بسيارته بالقرب منه ثم صعد معه السيارة ليتبين له من خلال لهجته أنه جزائري الجنسية وهو الإرهابي الخطير المرابط بجبل الشعانبي في تلك الفترة وأمير كتيبة عقبة بن نافع لقمان أبو صخر وقد علم بذلك فيما بعد عن طريق مروان المحمدي الذي أخبره أن لقمان أبو صخر تابع لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأن برنامجه يتمثّل في القيام بعمليات نوعية بالبلاد وإرباك الدولة لتطبيق الشريعة الإسلامية في تونس، وأنه يرغب في انضمامه الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الذي ينشط في تونس تحت لواء كتيبة «عقبة بن نافع». حينها طلب علاء من مروان المحمدي منحه فرصة للتفكير ثم اتصل بابن عمه الذي لم يرفض الأمر، وبعد تفكير طويل رفض علاء الدين الطاهري الانضمام الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وأخبر مروان المحمدي بذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» لكن مروان كان مصراّ على انضمامه الى التنظيم وظل يتّصل به باستمرار حتى يقنعه بالأمر خاصة وأن علاء لديه سلطة أدبيّة على العديد من الشباب السلفي بجهة المكناسي. في الأثناء أصدرت المصالح الأمنية منشور تفتيش في حق مروان المحمدي على خلفية تورّطه في قضيّة إدخال السلاح من ليبيا الى تونس فتوارى عن الأنظار، ولكن علاقته بعلاء لم تنقطع اذ ظل يتّصل به عبر الفايس بوك وكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن المسائل الفقهية وينسقان للمجموعة الراغبة في السفر الى سوريا. تفجيرات واغتيالات.. أفراد خليّة المكناسي الإرهابية أدّت البيعة الى المتهم ياسين غابري ثم انطلق أفرادها في التدرّب على صنع المتفجرات ورصد العديد من الأهداف والتخطيط للعديد من العمليات الإرهابية النوعية بالجهة على غرار تفجير معمل الجبس الذي يملكه مستثمر أجنبي وشركة فلاحية واقعة بمنطقة الفنادق ومدرسة رقباء الجيش الوطني وميدان الرماية التابع للجيش الوطني بالمكناسي بالإضافة الى استهداف دوريات الحرس الوطني واغتيال أمنيين. وقد تحوّل بعد ذلك افراد الخلية الى سفح جبل الشعانبي وحملوا معهم الأسلحة والذخيرة على متن دراجة نارية تابعة لأحدهم في اتجاه الطريق الرئيسي الا أن تواجد مدرّعات تابعة للجيش الوطني أعاقت تقدمهم فتركوا الدراجة ملقاة بإحدى المزارع وتوغلوا قليلا بين اشجار الزيتون فشاهدوا أعوان الجيش وهم يعثرون على الدراجة النارية وبعض الأغراض التابعة لهم ولكن أعوان الجيش لم يتفطنوا الى وجودهم بين الأشجار. في صباح اليوم الموالي أجرى مروان محمدي اتصالات هاتفية ثم اتّجه نحو الطّريق الرئيسي لينتظر شخصا ما يقوم بنقله الى منطقة سوق الجديد تاركا بحوزة رفاقه سلاح «كلاشينكوف» ورمانة يدوية وطلب منهم نقلهما الى جبل قولاب وتسليمهما لكل من صابر وبديع ومعز الا أنهم حفروا حفرة بالقرب من منزل والدي علاء الدين الطاهري الواقع بريف المكناسي وأخفوا سلاح الكلاشينكوف والرّمانة اليدوية. وبعد عشرين يوما على إقامتهم في الرّيف تحت أشجار الزيتون قرّرت المجموعة الفرار الى ليبيا وللغرض توجه احد العناصر الى منزله وجلب دراجة نارية تحوّلوا على متنها عبر مراحل الى جهة قابس بنية التحوّل الى بن قردان مشيا على الأقدام ولكن علاء الدين شعر بصعوبة الأمر فقرر تسليم نفسه الى الوحدات الأمنية ثم تتالت عملية ايقاف بقية عناصر الخلية.