أحالت الحكومة مؤخرا على مجلس نواب الشعب مشروع قانون أساسيا يتعلق بإحداث برنامج الأمان الاجتماعي للنهوض بالفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل. جاء مشروع القانون الذي تحصلت «الصباح» على نسخة منه في 20 فصلا موزعة على ثلاثة أبواب. باب أول تعلق بالأحكام العامة، وباب ثان مخصص لبرنامج الأمان الاجتماعي آلياته وأهدافه، وباب ثالث يتعلق بالمنافع المخولة للمنتفعين ببرنامج الأمان الاجتماعي. وحسب وثيقة شرح الأسباب يندرج مشروع القانون في إطار مقاربة جديدة للمنوال الاجتماعي المزمع إرساؤه والذي يقتضي إدخال إصلاحات ضرورية على الخطط والمشاريع والبرامج الاجتماعية الجاري بها العمل حاليا بتعديلها وتطويرها وحوكمة آليات التصرف فيها، وتحسين أدائها على أساس احترام مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف وتكافؤ الفرص وباستخدام تكنولوجيا المعلومات تجسيما لأحكام الدستور وتماشيا مع مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعقد الاجتماعي والتوصية عدد 202 عن مكتب العمل الدولي حول إرساء أرضية دنيا للحماية الاجتماعية وتطبيقا لمقتضيات اتفاق قرطاج المؤرخ في 13 جويلية 2016 والمتعلق بضبط أولويات حكومة الوحدة الوطنية. ويهدف مشروع القانون إلى تنظيم برامج المساعدات الاجتماعية في إطار تشريعي موحد لتجاوز الفراغ القانوني وحالة التشتت على مستوى النصوص الترتيبية المختلفة المنظمة لها حاليا، ويرسى الإطار القانوني الملائم لاستكمال الإصلاحات الكبرى التي شرعت في إنجازها وزارة الشؤون الاجتماعية منذ تكليفها بمقتضى قرار جلسة العمل الوزارية في 3 أوت 2012 بإنجاز سجل معطيات حول العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل والمراجعة الشاملة للمنتفعين بالمساعدات المالية المباشرة والعلاج المجاني والعلاج بالتعريفة المنخفضة. ويستهدف برنامج «الأمان الاجتماعي» الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل من التونسيين والأجانب المقيمين بصفة قانونية بتونس على أساسا مبدإ المعاملة بالمثل ومراعاة الاتفاقيات الدولية في هذا المجال في إطار مقاربة الفقر متعددة إجراءات الأبعاد التي تتجاوز الفقر المادي، والمعتمدة على المستوى الدولي ووفق شروط تراعي قواعد الشفافية والموضوعية والإنصاف مع تجسيم المبدأ الدستوري المتعلق بالتمييز الإيجابي لفائدة الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية والجهات ذات الأولوية، وباعتماد أساليب علمية وموضوعية وشفافة تتمثل في نظام تنقيط لتحديد المنتفعين بالبرنامج وتصنيفهم إلى فئات فقيرة وفئات محدودة الدخل. لجنة وطنية للأمان الاجتماعي ينص مشروع القانون على إحداث لجنة وطنية للأمان الاجتماعي لضبط التوجهات العامة للسياسات الاجتماعية للدولة في مجال النهوض بالفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل لضمان تناسقها وتكاملها. ويرأس اللجنة رئيس الحكومة أو من ينوبه وتضبط مشمولاتها وتركيبتها وطرق سير أعمالها بأمر حكومي. وتم التأكيد في مشروع القانون على ضرورة وضع إستراتيجية وطنية لمقاومة الإقصاء والحد من الفقر والأسباب المؤدية اليه في إطار تشاركي، لتعزيز آليات الإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل، واعتبار العمل على التوقي من الفقر والحد منه والارتداد إليه والنهوض بالفقراء وذوي الدخل المحدود من قبيل المسؤولية الوطنية التي تتحملها الأطراف التالية: الدولة باعتبارها مسؤولة عن وضع وتطوير وتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج والآليات الوقائية والإسعافية والإدماجية الرامية للحد من الفقر والإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل. المنشآت والمؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة وذلك من منطلق مسؤوليتها الاجتماعية أو انخراطها ضمن مقاربة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني للإسهام إلى جانب الدولة في النهوض بالفئات المذكورة. المجتمع المدني من منظمات وطنية وجمعيات انطلاقا من انخراطها في تكريس قيم التضامن والتكافل الاجتماعي والنهوض بالفئات المعنية وتجسيم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين، الأسر والأفراد من خلال نبذ التواكل واعلاء قيمة العمل والمساهمة في كسر حلقة الفقر وعدم توريثه واستغلال فرص الإدماج الاجتماعي والاقتصادي المتاحة. واعتبرت وثيقة شرح الأسباب أن برنامج «الأمان الاجتماعي» بأهدافه وبمختلف آلياته ومكوناته أكثر تلاؤما واستجابة لاستحقاقات المرحلة ومقتضيات تطوير سياسة الحماية الاجتماعية بتونس لاعتبارات عديدة منها عدم تطوير مفهوم وأهداف البرامج الوطنية لإعانة العائلات المعوزة بصفة جذرية منذ إحداثه سنة 1988 وحتى في آخر مراجعة له سنة 2011، اذ يعتبر في وضعه الحالي على مستوى الفئات المستهدفة ومن خلال المقاييس التي يعتمدها برنامج الفئات الخصوصية لا يشمل سوى المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة غير القادرين على العمل ودون سند عائلي ولا يرتقي بذلك إلى طبيعة ومستوى ونجاعة من الفقر والهشاشة الاجتماعية، اضافة إلى ضرورة تحديث صيغ وآليات التصرف في البرامج المساعدات الاجتماعية لدعم الحكومة والشفافية والموضوعية في اسنادها لمستحقيها دون سواهم وترشيد النفقات العمومية في هذا المجال والتي بلغت قرابة 500 مليون دينار بعنوان ميزانية الدولة لسنة 2017. منافع وتحويلات ويتضمن برنامج «الأمان الاجتماعي» مجموعة من المنافع المسندة للمنتفعين به تتمثل في التحويلات المادية المباشرة ودعم مالي ظرفي للفئات المعنية. إضافة إلى المنافع الصحية المخولة لها. ولتعزيز آليات الإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للفئات المعوزة والفئات محدودة الدخل، تم التنصيص على تدابير للنهوض بهذه الفئات وتحسين نفاذها إلى برامج السكن الاجتماعي والتكوين المهني والتشغيل وآليات الاقتصاد التضامني والاجتماعي من أجل تعزيز فرص إدماجها وتمكينها الاقتصادي. سجل معطيات كما تم تخصيص الباب الرابع من مشروع القانون لإرساء سجل المعطيات حول الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل وهو مشروع شرعت في انجازه المصالح المعنية بوزارة الشؤون الاجتماعية منذ تكليفها به وتم للغرض إحداث وحدة تصرف حسب الأهداف بمتقضى امر مؤرخ في 30 افريل 2014 تتولى حاليا قيادة ومتابعة إنجاز مختلف الأنشطة المتعلقة بالمشروع المذكور ومن المقرر أن يتضمن سجل المعطيات حول الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل بيانات ومعطيات حول المترشحين للانتفاع بالإضافة إلى برنامج الأمان الاجتماعي. علما ان البيانات ستكون خاضعة للتحيين. يذكر أن مشروع القانون ينص على ضبط وشروط وإجراءات الانتفاع ببرنامج الأمان الاجتماعي وسحبه والاعتراض عليه بمقتضى امر حكومي.