شهدت مدينة القصرين بعد ظهر ومساء أمس اتساعا في رقعة الاحتجاجات التي انطلقت حوالي منتصف النهار بحي الزهور لتشمل وسط المدينة حيث المفترق المؤدي الى حي النور وجوانب من هذا الأخير ثم بلغت في السادسة مساء حي المنار وذلك احتجاجا على ارتفاع أسعار مختلف المواد، هذا وأمام إغلاق المحتجين لبعض الطرقات فقد شهدت المدينة انتشارا امنيا مكثفا واستعمالا للغاز المسيل الذي غطى بعض أرجاء المدينة، مع تمركز أربع مدرعات في حي الزهور بداية من الساعة السادسة من مساء أمس في محاولة للسيطرة على الوضع فيما تعطلت الدراسة ببعض المؤسسات التربوية وخرج تلاميذها للمشاركة في الاحتجاجات وسط دعوات من الأهالي إلى الهدوء وضبط النفس .. وفي تالة وبمجرد مغادرة وزيري الشؤون الاجتماعية وأملاك الدولة والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل عادات الاحتجاجات لتعمّ مختلف أرجاء المدينة وتوقفت الدروس في كل الاعداديات والمعاهد تقريبا كرد فعل على سرعة مغادرة الوفد الحكومي للمنطقة قبل تقديم أجوبة عن مطالب ومشاغل أبنائها، لكنها لم تخرج عن السيطرة ولم تسجل إلى غاية بداية ليلة البارحة أي أعمال تخريب. ويذكر أن مدينة تالة شهدت مساء أول أمس الأحد والى ساعة متأخرة احتجاجات قادتها مجموعات شبابية تولت إغلاق الشارع الرئيسي للمدينة (الطريق الوطنية عدد 17 الرابطة بين القصرين والكاف) بمختلف الحواجز والعجلات المطاطية المحترقة، ورشق أعوان الأمن بالحجارة مما اضطر هؤلاء إلى التدخل لتفريقهم بالغاز المسيل، في عمليات كر وفر إلى ما بعد منتصف الليل، لكنها لم تعرف أي تخريب أو استهداف للممتلكات العامة والخاصة، وحسب ناشطين بالمجتمع المدني بتالة فان احتجاجات ليلة أول أمس انطلقت من ورود أنباء عن تأجيل انطلاق أشغال المستشفى الجهوي الجديد (صنف ب) بتالة المبرمج منذ 2012 إلى أواخر 2018 بدلا من أواسط نفس السنة وذلك استنادا إلى ما ذكره وزير الصحة عماد الحمامي خلال زيارته يوم الجمعة الفارط الى الجهة ومعاينته صحبة وزير الصناعة وكاتب الدولة للموارد المائية لقطعة الأرض التي سيقام عليها، وفد حكومي لتهدئة الوضع وأمام احتقان الوضع في تالة تحول أمس وزيرا الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي وأملاك الدولة والشؤون العقارية مبروك كرشيد وقبلهما الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وكانت لهم صحبة والي القصرين جلسة مع الناشطين السياسيين والنقابيين ومكونات المجتمع المدني، استمعوا فيها إلى مشاغل أهالي تالة وأولها مشروع المستشفى الجهوي الجديد وتفعيل المشاريع المبرمجة في مختلف القطاعات وخاصة في ما يتعلق ببعث قطب وطني لصناعة وتحويل الرخام بتالة والمطالبة بتوفير مواطن شغل لجحافل العاطلين عن العمل من خلال اتخاذ إجراءات لتشجيع المستثمرين على الانتصاب بالمنطقة الصناعية الجديدة بتالة، وإعادة مقترحات سابقة مثل إحداث مصنع للاسمنت بمنطقة جبل بولحناش. على صعيد متصل اختتمت أمس تظاهرة «يوم الشهيد» بمدينة القصرين تحت شعار «حتى لا ننسى ونقبل العزاء» بحضور وزير الشؤون الاجتماعية ووزير أملاك الدولة و الشؤون العقارية والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حيث تم تنظيم عروض مسرحية وموسيقية وندوة فكرية بعنوان «من الثورة إلى الانتقال الديمقراطي» والتي قدمت فيها خمس مداخلات حول العدالة الانتقالية والمسار القضائي لقضية شهداء وجرحى الثورة بتالةوالقصرين والعلاقة بين الحكم المحلي والتنمية في الجهات المهمشة، وقوبلت كلمة رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين خلال هذه الندوة بالمقاطعة عدة مرات من عائلات الشهداء والجرحى الذين انتقدوا مسار العدالة الانتقالية في تونس وطريقة الهيئة في التعاطي معه وطالبوها بالتعجيل بالإعلان عن القائمة الرسمية لشهداء وجرحى ثورة 14 جانفي حتى يتم غلق هذا الملف. من جهة أخرى تعهد وزير الشؤون الاجتماعية بالإعلان عن القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة قبل موفى شهر جانفي الجاري بمجرد الانتهاء من التثبت من بعض ملفات عدد من الجرحى، في حين ذكر وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ان الحكومة ستعقد قريبا مجلسا وزاريا مضيقا مخصص لولاية القصرين سيقع خلاله تناول كل ما يتعلق بمسيرة التنمية فيها وتحديد آجال انجاز المشاريع المبرمجة والإعلان عن أخرى جديدة.