هل لنا ان نتخيل كيف سيكون رد الزعيم الإفريقي الامريكي مارتن لوثر كينغ على تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب لو انه كان على قيد الحياة بعد وصفه دولا افريقية ومعها هايتي "بالأوكار القذرة"؟ ربما جاز القول أن ما وصفه الرئيس الامريكي ب"الاوكار القذرة" هي نتاج "أفكار قذرة" مبنية على مواقف غارقة في التمييز والعنصرية والتعالي والمكابرة.. طبعا من حق ترامب كرئيس منتخب أن يحدد الشروط التي يريد فرضها على المهاجرين الاجانب القادمين الى بلاده، ومن حقه ان يحدد قائمة الدول غير المرحب بها وأن يفرض ان يكون هؤلاء من بين الاكثر كفاءة والاكثر ذكاء والافضل تكوينا، تماما كما أن من حقه وفق لغة الاقوى أن يفتح الابواب لاستقبال الاكثر علما ومعارف واتقانا للغات وللمهارات والاكثر قدرة على تقديم الاضافة لاحتياجات بلاده الاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية والادبية وغيرها الا انه ليس من حقه أن يهين الشعوب او يمتهن كرامتها بسبب فقرها او لونها او انتمائها.. ما يريد ترامب فرضه ليس بدعة فقد سبقته الى ذلك المانيا وكندا وغيرها من الدول التي تصر على منح اللجوء للمهاجرين الذين تتوفر فيهم كل الخصال التي تميزهم عن غيرهم من طالبي اللجوء.. ولكن يبدو أن الرئيس الامريكي مصر على اظهار ما فيه من عنصرية واستهانة بالشعوب المختلفة في انتقائه العنصري للمهاجرين.. وهو عندما يشير الى رغبته في ان يكون القادمون الى بلاده اشبه بالنرويجيين فانه يكشف عن نظرة متعالية واحتقار لغير البيض.. ولو أن التعليقات التي نسبت للرئيس الامريكي وأثارت امتعاض مسؤولين في الاممالمتحدة وفي الاتحاد الافريقي صدرت عن مسؤول غيره لما اثارت ما اثارته من انتقادات بل انها تكتسي ما تكتسيه من خطورة وما تثيره من مخاوف لأنها تأتي من الرئيس الامريكي الذي يفترض ان يكون الاكثر حرصا على تجنب هذه المواقف.. قبل عام ومنذ وصوله البيت الابيض صدم الرئيس الامريكي الملياردير القادم من عالم المال الى عالم السياسة الامريكيين بمواقفه الغريبة وعدائه المعلن للأجانب.. واذا كانت تصريحاته المعادية للأجانب وتحديدا للمسلمين في امريكا الاكثر استفزازا حتى الان بعد قراره منع مواطني ست دول اسلامية من دخول امريكا بدعوى الارهاب فقد اختار هذه المرة توسيع دائرة رفضه للحضور الاجنبي في بلاده الى دول مجاورة حيث اعلن اقامة جدار عازل على طول الحدود مع المكسيك كما وصف دول مثل هايتي الى جانب دول افريقية بالأوكار القذرة وربما يكون ترامب تجاهل انه يشتم جزءا لا يتجزأ من مكونات الشعب الامريكي من اصول افريقية وهم الذين تحملوا الاحكام العنصرية وخاضوا معركة مصيرية من اجل الحرية والمساواة والعدالة منذ رفع مارتن لوثر كينغ شعاره الشهير لدي حلم i have a dream وربما يكون تعمد ان يتجاهل ان آخر رئيس امريكي سبقه الى السلطة كان من اصول كينية وهو الرئيس باراك اوباما اول رئيس من اصول افريقية يحكم البيت الابيض بعد ان رفع بدوره شعارهyes we can .. بعد اسبوع على صدور كتاب "نار وغضب" الذي كشف الكثير من كواليس البيت الابيض والخيارات الغريبة والصفقات التي يعد لها الرئيس ترامب ومستشاريه في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم فان تسريبات الامس بدورها تتنزل في نفس التوجهات المعلنة للرئيس الامريكي حتى الآن منذ اول يوم انطلق في الكشف عن وعوده الانتخابية الى أن بدأ بتنفيذها مفاخرا بالاستجابة لتطلعات ناخبيه.. يخطئ من يعتقد ان الموعد الطبي الذي ينتظر الرئيس الامريكي دونالد ترامب اليوم يتعلق باختبار مداركه العقلية او للكشف عن مؤهلاته لرئاسة امريكا بل الحقيقة ان الكشف الذي ينتظره يعد اختبار طبي عادي ولن تمنع نتائجه مستقبلا الرئيس الامريكي لمن المجازفة بمثل تلك الافكار والتصريحات الغارقة في الاستفزاز والعنصرية.. فمنذ ان وجد ترامب ضالته على مواقع التواصل الاجتماعي لم يحرم نفسه من حقه في التعبير عن آرائه ومواقفه حتى وان تجاوز كل الخطوط الحمر المسموح بها، او خرج عن الاعراف والتقاليد الديبلوماسية والبروتوكولات المتعارف عليها.. ولعله اراد الخروج عن السائد والمألوف ومنح نفسه ما لم يسبقه اليه احد من الرؤساء الامريكيين..