الطلاق هو "معضلة" كل المجتمعات فهو ليس فقط فشلا لمؤسسة الزواج بل إن له كذلك مخلّفات و«رواسب» نفسية وبدنية قد تبقى مع مرور الزمن ولا تنعكس فقط على حياة الزوجين ولكن كذلك على الأبناء الذين قد يدفعون «فاتورة» باهظة لانفصال مبكر بين والديهما تبقى تأثيراته على المدى الطويل مما ينعكس سلبا على حياتهم مستقبلا، ولكن رغم كل هذه السلبيات فهناك ارتفاع «صاروخي» لنسب الطلاق في بلادنا في مختلف ولايات الجمهورية مما يثير أكثر من نقطة استفهام حول مدى قدرة «مؤسسة» الزواج على الصمود أمام هذا الخطر الداهم الذي يهدد «بنيانها» بالانهيار في ظل الصعوبات التي قد يواجهها الأزواج أمام «ضيق الأفق» وتفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والعائلية في وقتنا الراهن. وتعتبر ولاية المهدية من بين الولايات التي ارتفعت فيها نسبة الطلاق وذلك من خلال عدد القضايا المنشورة أمام المحاكم وفي هذا السياق ذكر جابر الغنيمي الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بالمهدية ل «الصباح» انه تم تسجيل ارتفاع في نسبة الطلاق في ولاية المهدية وهناك سنويا عدد هام من القضايا المنشورة في الطلاق والتي تفوق الألف قضية طلاق فبالنسبة لسنة 2017 فقد وصل العدد الجملي إلى أكثر من800 قضية طلاق تم نشرها أمام ابتدائية المهدية أما بالنسبة للسنة الحالية وخلال شهر جانفي الجاري فهناك 700 قضية طلاق منشورة أمام المحكمة وأضاف الغنيمي انه خلال شهر ديسمبر الفارط تم نشر676 قضية طلاق تم الفصل في 164 قضية منها من بينها 99 قضية تم الحكم فيها بإيقاع الطلاق بين الزوجين أي أنه يوميا يقع الفصل في أربع قضايا طلاق. الفئات "الهشة" في الصدارة.. وقال الغنيمي إن «الطلاق هو حل عقدة الزواج وهناك ثلاثة أنواع من الطلاق وهي طلاق للضرر أو بالتراضي أو إنشاء أي بطلب من أحد الزوجين أما أسباب الطلاق فهي عديدة ومتنوعة منها الاجتماعية التي تتعلق بالحالة الاجتماعية للأسرة فأحيانا تكون طلبات الزوجة مشطّة ولا يمكن للزوج الاستجابة لها من حيث توفير محل سكنى مستقل أو الإنفاق عليها ببذخ الى جانب أسباب جنسية والتي تتعلق بحالة الزوجة التي قد يكتشف زوجها أنها تعاني من مرض أو أنها لا تلبّي رغبات زوجها كما يمكن ان يكون العكس أي أن يكون الزوج عاجزا جنسيا أو يشكو مرضا جنسيا كما أن هناك أسبابا تتعلق بعدم الإنجاب وهو سبب ظاهر يمكن أن يكون السبب فيه الزوج أو الزوجة مما يدفع بأحدهما او ما يعبر عنه بالطرف «المتضرر» لتقديم قضية في الطلاق وفي بعض الأحيان هناك أسباب خفية أخرى قد تؤدي الى الطلاق مثل اكتشاف وجود اختلاف في الطباع اثر الزواج باعتبار التّعامل اليومي بين الزوجين أو تدخل عائلتي الطرفين في علاقتهما مما يؤدّي الى حدوث عديد المشاكل وبالتالي يكون الطلاق هو الحل وهناك أسباب أخرى كالخيانة الزوجية». وأكد محدثنا أن ظاهرة الطلاق متفشية في المجتمع ككل وليست مرتبطة بالوضع الاجتماعي للزوج أو الزوجة فأغلب وجل قضايا الطلاق المعروضة مثلا أمام محكمة المهدية يكون فيها الزوجين من الفئات المتوسطة والهشة وليس هناك حالات من العائلات الميسورة الحال فجل الراغبين في الطلاق من الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل وأغلب قضايا الطلاق من هذا النوع باعتبار انه عندما يكون المستوى المعيشي جيد لا يكون هناك سبب للطلاق إلا إذا تعلق الأمر بسبب جنسي أو الزنا. ارتفاع "صاروخي".. لا يقتصر ارتفاع معدل الطلاق على ولاية المهدية فحسب بل يهم كامل ولايات الجمهورية ففي آخر احصائيات لوزارة العدل فهناك 14982قضيّة طلاق تم البت فيها خلال سنة واحدة أي بنسبة 41 حالة طلاق يوميا وما يزيد عن 3 حالات طلاق في الساعة حسب التوقيت الإداري. كما نطقت المحاكم التونسية خلال السنة القضائية 2014 - 2015 ب14982 حكما أي ما يزيد عن 1248 حكم طلاق خلال الشهر الواحد و41 حكما في اليوم وما يزيد عن 3 حالات طلاق في الساعة الواحدة. ويتصدر الطلاق إنشاء طليعة أنواع الطلاق في بلادنا حيث بلغ عدد القضايا التي تم البت فيها خلال الفترة المذكورة 7256 حكما نهائيا وباتا وأما الطلاق بالاتفاق بين الطرفين أي الطلاق بالتراضي فقد بلغ 6241 حكما باتا في حين بلغ 5793 سنة 2014،وسجلت قضايا الطلاق للضرر النسبة الأقل حيث بلغ عدد القضايا التي تم البت فيها خلال الفترة المذكورة 1485 حكما نهائيا وقد سجل ارتفاع عن السنة التي سبقته حيث بلغ 1350. الزوج الأكثر "تضررا".. وتشير تلك الأرقام إلى أن القضايا التي تم البت فيها هناك 9165 قضية بطلب من الزوج مقابل 5817 بطلب من الزوجة أي بفارق 3348 قضية أي حوالي ثلثي القضايا التي تم البت فيها،وتشير نفس الأرقام إلى أن 848 حكم طلاق للضّرر رفعها الزوج مقابل 637 حكم قضائي في الطلاق حصيلة قضايا رفعتها الزوجة مما يشير إلى أن حتى نسبة الطلاق للضرر نجدها مرتفعة لدى الرجال على الرغم من المتعارف عليه أن المرأة هي الأكثر تضررا وهناك 4641 قضية طلاق إنشاء تم البت فيها من قبل الزوج مقابل 2615 من طرف الزوجة.