في رد فعل فوري على قرار البرلمان الأوروبي تصنيف تونس ضمن قائمة سوداء جديدة للدول ذات المخاطر العالية في مجال تبييض الأموال، قرر امس رئيس الحكومة يوسف الشاهد تفعيل إجراءات اعفاء الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي من مهامه. وقالت رئاسة الحكومة أنه عملا بأحكام الفصل 78 من الدستور، قام رئيس الحكومة بتقديم مقترح الى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يتعلق باعفاء الشاذلي العياري من مهامه على رأس البنك المركزي التونسي واقتراح تعيين مروان العباسي خلفا له. وحسب الفصل 78 من الدستور فإن اعفاء محافظ البنك المركزي يتم من قبل رئيس الدولة وباقتراح من رئيس الحكومة أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب، فيما تتم المصادقة على اعفائه بالأغلبية المطلقة من أعضاء البرلمان. وينص نفس الفصل على أن تعيين محافظ جديد يتم باقتراح من رئيس الحكومة وبعد المصادقة عليه من قبل الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فيما يتم تعيينه بأمر من رئيس الجمهورية. وما من شك أن قرار البرلمان الأوروبي كان النقطة التي افاضت الكاس وحسمت في مطالب أحزاب سياسية وخبراء ومنظمات وطنية لكن التردد في اتخاذ قرار الإقالة من عدمه وسم طبيعة العلاقة التي ربطت الشاذلي العياري برئيس الجمهورية علما أن معطيات غير رسمية اكدت في مناسبات عديدة وجود نية لدى الباجي قائد السبسي في اقالة العياري في جويلية الماضي لكن تم العدول عن ذلك.. كما فشلت جل الحكومات المتعاقبة بعد تعيين العياري في 2012 في إزاحته من المنصب. كما تسربت أنباء خلال الفترة الماضية عن وجود اتصالات في قصر قرطاج بحثا عن مرشحين محتملين لتعويض الشاذلي العياري وقد تم تداول آنذلك أسماء خبراء في المال والاقتصاد مثل عزالدين سعيدان، ومروان عباس.. في الواقع، لا يمكن الجزم بإقالة العياري من منصبه نهائيا الا بعد موافقة اغلبية مجلس نواب الشعب، الذي يجتمع بدعوة من رئيس المجلس في جلسة عامة ستكون على الأرجح جلسة محاسبة محافظ البنك المركزي بعد أن صمد في منصبه امام جميع محاولات اضعافه ودعوات اقالته وهو الذي استمر في المنصب منذ جويلية 2012 إلى حد اليوم وعاصر خمس حكومات كاملة. ويوجه للعياري انتقادات لاذعة بسبب مسؤوليته المباشرة وغير المباشرة في ارتباك السياسة النقدية في البلاد مما ساهم في انهبار الدينار التونسي ورفع الحماية عنه، فضلا عن انهيار احتياطي العملة الصعبة إلى 84 يوما وهو أمر لم يحصل منذ اكثر من 20 عاما.. فضلا عن عدم اتخاذه لقرارات وإجراءات ردعية لوضع حد للتمويلات المشبوهة وشبهات غسيل الأموال رغم اعتراف البنك المركزي بوجودها من خلال تقارير لجنة التحاليل المالية.. يذكر أن آخر دعوات اقالة محافظ البنك المركزي صدرت عن نور الدين الطبوبي اميم عام الاتحاد العام التونسي للشغل، قبل أسبوعين حين حمل الطبوبي العياري مسؤولية تراجع قيمة الدينار التونسي. يذكر أن الشاذلي العياري عين في منصب محافظ البنك المركزي باقتراح من رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي خلفا لمصطفى كمال النابلي في 24 جويلية 2012. ◗ رفيق بن عبد الله من هو مروان العباسي؟ مروان العباسي هو خبير إقتصادي لدى البنك الدولي مكلف بالملف الليبي، ومتحصّل على درجة الدكتوراه في علوم الاقتصاد من جامعة باريس الأولى ودرجة الماجستير في الرياضيات الاقتصادية والاقتصاد المتري من جامعة باريس الثانية، ودرجة الماجستير في الاقتصاد الزراعي من جامعة باريس الأولى. ومتحصل أيضا على عدد من الإجازات في علوم الاقتصاد علما وأنه قد عين سنة 2007 أستاذا بجامعة قرطاج ودرّس العديد من طلاب ماجستير إدارة الأعمال MBA وبرامج التنفيذيين. وسمّي العباسي سنة 1997 مستشارا لدى المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، وخبيرا بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، ومستشارا اقتصاديا لوزير التجارة والسياحة والحرف اليدوية لشؤون تنسيق مشاريع تنمية الصادرات التي يمولها البنك الدولي علاوة عن كونه أستاذا زائرا في جامعة تسوكوبا في اليابان وجامعة رينسيلار بوليتيكنيك في نيويورك. والتحق سنة 2008 بمجموعة البنك الدولي كخبير اقتصادي أول ومنسق قطري للبرامج في ليبيا كما عيّن سنة 2010 ممثلا للبنك الدولي في ليبيا. وكان العباسي قد رفض المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، بعد رفضه حقيبة وزارة المالية في أوت 2016. وبرر رفضه، آنذاك، بأسباب تتعلّق أساسا بموقفه من التركيبة الحكومية وعدم الاستجابة لطلبه بتوسيع نطاق وزارة المالية لتشمل الاقتصاد الوطني، حتى يتمكن من القيام بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية والخروج بالبلاد من الأزمة.