أسلاك كهربائية مكشوفة وبالوعات صرف مياه مسدودة وجدران مشققة ومبان متصدعة ومهددة بالانهيار.. هذا هو حال المؤسسات التربوية في تونس سواء كانت أقسام او مبيتات أو مطاعم زيادة على الغياب التام للصحة المدرسية وسط انتشار عديد الأمراض مثل "البوصفير". ودون أن ننسى الجانب الآخر من المعاناة المتضاعفة للتلاميذ الذين يقيمون في المبيتات المدرسية من الاكتظاظ والضجيج وسوء المعاملة زيادة على مشقة التنقل لعشرات الكيلومترات طلبا للعلم. وبعيدا عن منطق الشعبوية أو الاستثمار في الأزمات فان حادثة الحريق التي نشبت بمعهد تالة أعادت للأذهان الصورة القاتمة للمؤسسات التربوية في تونس التي أصبح جزء كبير منها يمثل خطرا حقيقا على صحة التلميذ. وكان المستوري القمودي الكاتب العام السابق لنقابة التعليم الأساسي قد أكد في تصريح للشقيقية "الصباح "نيوز" أن عددا كبيرا من المدارس في تونس خاصة تلك التي تم انشاؤها إبان الاستعمار الفرنسي باتت متهاوية ومهددة بالسقوط. غياب المواصفات الصحية ويذكر ان 60 بالمائة من المطاعم المدرسية في تونس لا تخضع للمواصفات الصحية العالمية وفقا لتصريح سابق لمدير حفظ صحة الوسط وحماية المحيط محمد الرابحي لراديو "شمس اف ام". من جانبه وصف زهير النفزي رئيس مصلحة الإعلام في مجال التربية والتكوين بإدارة الاتصال بوزارة التربية ل "الصباح" وضعية العديد من المؤسسات التربوية في تونس ب "التاعبة" فأكثر من 549 مؤسسة تربوية بمختلف أنواعها من معاهد واعداديات ومبيتات تتطلب تدخلا عاجلا وفوريا على مستوى البنية التحتية ولم يتم التدخل إلى حد الآن إلا في 260 مؤسسة فقط، هذا ما أكده النفزي. وعلى خلفية وفاة التلميذتين بمدرسة إعدادية بمنطقة تالة من ولاية القصرين أول أمس قال النفزي أن وزارة التربية سارعت بالقيام بتحقيق إداري شامل ودقيق لتحديد المسؤوليات بالتوازي مع القيام بتحقيقات أمنية وقضائية، مشددا على أن التحقيق يتطلب حيزا من الوقت للوقوف على أسباب الاخلالات لمحاسبة المسؤولين دون الوقوع في المغالطات أو الاتهامات غير المبررة. وأكد النفزي أن عدد المنتفعين بالمطاعم والمبيتات في المعاهد والاعداديات يبلغ 90 ألف تلميذ موزعين على 450 مطعما ومبيتا منهم 45 ألف مقيم و45 ألف نصف مقيم مشيرا الى ان هناك 2453 مطعما في الابتدائي توفر 2014 أكلة جاهزة ينتفع بها 262 ألف تلميذ و439 أكلة ساخنة. وحول وضعيات البنية التحتية للمبيتات والمؤسسات التربوية بصفة عامة قال النفزي انه توجد نفقات تعهد وصيانة رصدت بعنوان سنة 2018 تفوق 36 مليون دينار وهي اعتمادات مخصصة لصيانة 260 مؤسسة تربوية بين مدارس ابتدائية وإعدادية ومعاهد ومبيتات مشيرا إلى أن المدارس الابتدائية التي تحتاج تدخلا عاجلا بولاية القصرين يبلغ عددها 6 مدارس وإعداديتين ومعهدا فقط ومبيتا واحدا أي إجمالا 10 مؤسسات تربوية. وذكر ممثل وزارة التربية أن المبيت الذي نشب فيه الحريق تمت صيانته على جميع المستويات من شبكة كهربائية وغرف وآسرّة في سنة 2008 كما تم التقدم بطلب عروض لتهيئة القسم الخارجي لإعدادية تالة وتقدمت الأشغال بنسبة 60 بالمائة. كما أفاد النفزي ان هناك منظومة قانونية معمول بها وهي منظومة الوقاية من الحرائق وتفرض على كل المؤسسات التربوية القيام بمراقبة دورية لشبكات التيار الكهربائي داخلها ويتم تقديم شهادات في الغرض. إضراب حضوري في 15 فيفري فخري الصميطي عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي شدد في تصريحه ل "الصباح" على أن وزارة التربية "لا حول ولا قوة لها فهي تعالج فقط المسائل العابرة مثل فتح تحقيق في حادثة أليمة اهتزت لها قلوب التونسيين راحت ضحيتها التلميذتين رحمة وسرور". واعتبر الصميطي أن ما تقوم به الوزارة هي مجرد مسكنات ودليل ذلك أن المبيت والمدرسة الإعدادية 25 جويلية 1957 بتالة التي جدت بها الحادثة كانت محلّ جدل السنة الفارطة وتم تنفيذ إضراب ب 5 أيام متتالية مع إمضاء محضر اتفاق بين الطرف النقابي والمندوبية الجهوية للتربية والسلط الجهوية بما فيها المعتمد لكن لا شيء علما وأن حظيرة الأشغال التي انطلقت منذ سنوات تجاوزت التاريخ المتفق عليه حسب قوله. وأشار عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي إلى أن الفرع الجامعي بالقصرين والنقابة الأساسية بتالية نبها مرارا وتكرارا إلى وضع هذه المؤسسة لكن الجميع استفاق بعد حدوث "المصيبة"، مضيفا انه تم تنفيذ وقفة احتجاجية أمس بساعتين في مختلف معاهد الجمهورية احتجاجا على ما جد أمام صمت وزارتي التربية وشؤون الشباب والرياضة والحكومة. وأفاد المتحدث بأنه سيتم تنفذ إضراب حضوري يوم 15 فيفري لرفع عديد المطالب من بينها الوضع في المؤسسات التربوية إضافة إلى انعقاد هيئة إدارية قطاعية لاتخاذ القرارات النضالية اللازمة في موفى الشهر الجاري. وبخصوص ديوان الخدمات المدرسية قال الصميطي أن الجامعة نبهت من إحداثه لان الهدف منه كان الدعاية السياسية واستعمال المدرسة جسرا للارتقاء سياسيا مشيرا إلى انه منذ إحداثه والشكاوى تتهاطل على الجامعة سواء من أولياء التلاميذ أو من مديري المؤسسات التربوية لان احداثه كان سببا في تخفيض ميزانية المؤسسات التربوية.