رغم صدوره بالرائد الرسمي قبل حوالي أسبوعين، ما يزال قانون المغادرة الطوعية للأعوان العموميين في انتظار التفعيل الرسمي من قبل رئاسة الحكومة باعتبار أن الفصل 9 منه ينص على ضرورة ضبط الآليات المرافقة وصبغ وإجراءات وآجال تطبيق أحكام القانون بمقتضى أمر حكومي.. وبالتالي فإن الموظفين الراغبين في المغادرة الطوعية عليهم انتظار صدور الأمر الحكومي لتسجيل أسمائهم والتقدم بمطالب في الغرض للوزراء الراجعين إليهم بالنظر. وكانت الحكومة قد أحالت مشروع القانون المذكور قبل المصادقة عليه على مجلس نواب الشعب في شهر نوفمبر 2017 وطالبت بإعطائه أولوية استعجال النظر وهو ما كان بالفعل، إذ لم تتجاوز عملية النظر في القانون المذكور ثلاثة أشهر حتى استكمل مساره القانوني بصدوره بالرائد الرسمي عدد 8 المؤرخ في 26 جانفي 2018. يذكر أن الحكومة رصدت بقانون المالية لسنة 2018 مبلغا ضخما يقدر ب535 مليون دينار لتمويل برنامج التقاعد المبكر الذي يستهدف حوالي 6 آلاف موظف تقدموا نهائيا بمطالب تقاعد، وبرنامج المغادرة الطوعية الذي يستهدف بين 10 و15 ألف موظف. ويتنزل البرنامجان ضمن رؤية إصلاحية حكومية للوظيفة العمومية والقطاع العام تهدف إلى التقليص من كتلة الأجور إلى 12 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي سنة 2020 ومن العدد الكبير للموظفين الذي يقدر حاليا بحوالي 650 ألف موظف، 130 ألفا منهم زائدون عن الحاجة وفقا لما صرحت به جهات حكومية رسمية لدى توضيحها لأهداف الإصلاح أمام مجلس نواب الشعب. فتح باب التسجيل لمدة شهرين تجدر الإشارة إلى أن توفيق الراجحي الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى، قد أكد في تصريحات إعلامية خلال بداية الأسبوع الجاري أن باب تسجيل مطالب المغادرة الطوعية سيفتح في القريب على مستوى الوزارات ليستمر طيلة شهرين. لكن باب التسجيل لن يفتح إلا بصدور أمر حكومي من رئاسة الحكومة يضبط إجراءات وآجال وكيفية قبول المطالب. وهذا الأمر لم يصدر إلى حدود أمس وقد يصدر في الأيام القليلة المقبلة بعد المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء وتوقيعه من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وفقا لمصدر حكومي. ووفقا لأحكام القانون، سيتمتع المغادرون اختياريا بمنحة مغادرة جزافية تساوي المبلغ المعادل ل36 أجرا شهريا صافيا تصرف دفعة واحدة وبصفة فورية، وسيتم اعتماد الأجر الشهري الصافي الأخير الذي تقاضاه العون العمومي المعني قبل تاريخ المغادرة الاختيارية كأجر مرجعي لاحتساب منحة المغادرة الاختيارية، وتعفى المنحة من الضريبة على الدخل ومن الخصم من المورد المستوجب بعنوانها طبقا لأحكام مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات. ولا يمكن في جميع الحالات أن تفوق منحة المغادرة 50 في المائة من الأجور الصافية التي كان سيتقاضاها العون العمومي خلال الفترة الفاصلة بين تاريخ المغادرة الاختيارية وتاريخ بلوغه السن القانونية للإحالة على التقاعد. كما يتمتع الأعوان العموميون المغادرون بصفة اختيارية للوظيفة بالتغطية الصحية لدى المؤسسات الصحية العمومية لمدة سنة واحدة ابتداء من تاريخ المغادرة. يذكر ان الراجحي أكد أن برنامج التقاعد المبكر انطق في تفعيله منذ بداية شهر جانفي المنقضي، وشمل مبدئيا 600 موظف. علما أن المطالب المسجلة بلغت 6400 مطلب تقاعد مبكر تمّ قبول 4 آلاف مطلب منها والبقية أي 2400 ملف مازالت قيد النظر باعتبار أن الملفات تخص الأساتذة والمعلمين الذين لا يمكنهم المغادرة خلال السنة المدرسية، مشيرا إلى أن بقية المتمتعين بهذا الإجراء من بين الملفات التي حظيت بالموافقة فسيغادرون على دفعات خلال شهري فيفري ومارس مع التمتع بكافة الإجراءات المقررة. وتتوقع الحكومة إلى جانب مغادرة حوالي 20 ألف موظف مستفديين من برنامجي التقاعد المبكر والمغادرة الطوعية، أن يغادر حوالي 15 ألفا آخرون للتقاعد القانوني مع نهاية 2018، مع العلم أن بداية انعكاس الإصلاحات المقررة للتقليص في عدد الموظفين وكتلة الأجور والتي تشمل كذلك تجميد الانتدابات وعدم تعويض المحالين على التقاعد،.. لن تعطي أكلها إلا خلال السنتين الماليتين 2019 و2020. تجدر الإشارة إلى أن أحكام قانون المغادرة الطوعية تشمل اعوان الوظيفة العمومية وتنسحب أيضا على أعوان الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية، ويشترط في الراغبين في المغادرة ألا تقل فترة العمل الفعلي الخاضعة للحجز بعنوان التقاعد، لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، عن خمس سنوات في تاريخ انقضاء أجل تقديم المطالب. كما يشترط على العون العمومي الراغب في المغادرة، تقديم مطلب كتابي عن طريق التسلسل الإداري إلى الوزير الذي يمارس سلطة التسلسل أو الإشراف الإداري، وتعرض مطالب المغادرة الاختيارية بعد حصولها على الموافقة المبدئية من قبل الوزير الذي يمارس سلطة التسلسل أو الإشراف الإداري إزاء الأعوان العموميين المعنيين، على لجنة خاصة برئاسة الحكومة، على أن تتولى اللجنة البت في المطالب المقدمة بالاعتماد خاصة على توازن هيكلة الموارد البشرية وخصوصية القطاع الذي ينتمي إليه العون العمومي المعني. وفي صورة رفض المطلب يتعين أن يكون القرار معلّلا.