أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن المبادئ التوجيهية لرصد تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها تونس )و6 دول أخرى) في مجال محاربة التهرب الضريبي حين تم إخراجها من القائمة السوداء، وذلك بعد حوالي شهر من تاريخ إصدار الاتحاد الأوروبي لقرار إعادة تصنيف تونس من القائة السوداء إلى القائمة الرمادية للدول غير المتعاونة جبائيا. وكان مجلس وزراء الاقتصاد والمالية الأوروبي قرر بتاريخ 23 جانفي 2018 شطب تونس من قائمة البلدان غير المتعاونة جبائيا، ووضعها في قائمة منفصلة تخضع للمراقبة عن كثب، وذلك عقب إدراجها بتاريخ 5 ديسمبر 2017 ضمن قائمة سوداء تشمل 17 ملاذا ضريبيا توجد خارج الاتحاد الأوروبي، في تصنيف فاجأ الرأي العام التونسي ونددت به الحكومة التونسية التي اعتبرت على لسان مسؤولين كبار في الدولة قرار التصنيف «ظالم وخطأ تقني».. بالنظر إلى الإجراءات التي اتخذتها تونس من أجل الالتزام بالمقتضيات الدولية للشفافية الجبائية.. وقال المجلس الأوروبي، آنذاك في بيان صحافي، إن قرار سحب تونس من القائمة السوداء، جاء بعد تقديمها توضيحات وبيانات موثقة أثبتت أن تونس لن تكون ملاذا ضريبيا.. وبموجب هذا القرار، أصبحت تونس على "القائمة الرمادية" للدول التي قدمت تعهدات للاتحاد الأوروبي بشأن إصلاح قوانينها الضريبية، ويتم منحها سنة لتنفيذ التزاماتها في مجال الإصلاح. اللافت للنظر أن الاتحاد الأوربي كشف أن تونس سيكون عليها في مرحلة أولى، وقبل 9 مارس المقبل، إرسال جدول زمني دقيق يتضمن وصفا لمراحل تنفيذ التدابير والالتزامات، لمجموعة العمل التابعة لمجلس الاتحاد الأوربي المعنية بمتابعة التقيد ب»مدونة قواعد السلوك بشأن ضرائب الأعمال» (code de conduite sur la fiscalité des entreprises). كما يتعين على تونس - في مرحلة ثانية- أن تنقل معلومات عن كل خطوة من هذه الخطوات، بما في ذلك - عند الاقتضاء- ترجمة للانقليزية لمشاريع القوانين المعروضة على مجلس نواب الشعب حتى يمكن لمجموعة قواعد مدونة السلوك تحليلها وإعطاء رأي في شأنها. وأخيرا، في مرحلة ثالثة، وبحلول موعد نهائي متفق عليه، سيتعين على تونس أن ترسل ترجمة إنقليزية للتدابير النهائية المعتمدة.. أكثر من ذلك، وفي دلالة على أن المراقبة الأوروبية لتونس في مجال تعهداتها للامتثال للمعايير الأوروبية لن تكون سهلة ولن تكون مجرد «مراقبة تقنية» بل أكثر من ذلك بكثير.. إذ يمكن للاتحاد الأوروبي، أن يوفر مساعدة تقنية إلى تونس، عن طريق اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ التزامات الدول الموضوعة في القائمة الرمادية، لتحديد المبادئ التوجيهية. كما يمكن – إن لزم الأمر- لممثلي الحكومة التونسية التواصل مباشرة مع مجموعة «مدونة قواعد السلوك» وتبادل الآراء معها. وسيتم إرسال تقارير التقدم إلى اللجنة الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي في نهاية كل سداسي، على أن تقوم مجموعة «مدونة قواعد السلوك» في بداية سنة 2019، بتقييم تنفيذ هذه الالتزامات. وتنص الوثيقة على أن التفاعلات اليومية بين تونس والاتحاد الأوروبي ستكون مع خدمات اللجنة الاقتصادية، باستثناء القضايا السياسية، وفي هذه الحالة، تجري عمليات التبادل مع رئاسة مجموعة قواعد السلوك.. وكان رئيس البعثة الأوروبية بتونس السفير باتريس بيرغاميني، قد صرح لوسائل الإعلام بتاريخ 23 جانفي 2018، أنّ "الاتحاد الأوروبي التزم بما تعهّد به، وتونس خرجت من القائمة السوداء للملاذات الضريبية"، مؤكّدا في المقابل أنّ على تونس أن "توجّه جميع السياسات الرامية إلى إعادة توزيع أفضل للثروة وزيادة النمو وجاذبية الاستثمارات نحو خلق الثروة وإحداث مواطن الشغل ومكافحة التهرب الضريبي". وأوضح بيرغاميني، أنّ "المسألة لا تتعلّق بالانتقال من قائمة سوداء إلى قائمة رمادية أو بالبقاء في القائمة الرمادية، ولكن الأمر يتمثل في تنفيذ الالتزامات الرامية إلى استخدام الأداة الضريبية لإعادة توزيع أفضل للثروة والرفع من مستوى النمو والتشغيل"، مُذكّرا بأنّ دور الضرائب يُعدّ أساسيا في الدول الديمقراطية، وأنّ الأمر يتعلق بمحاربة التهرب الضريبي". وشدّد على أنّ "سنة 2018 ستكون سنة حاسمة، ويجب العمل على تسخير كل الإمكانيات المتاحة من أجل دعم الأهداف المعلنة"، وكشف انه سيتمّ تعيين نقطة اتصال من الجانب التونسي على مستوى وزارة المالية، وسيتم عقد اجتماعات منتظمة وتبادل الوثائق، كما سيقوم المفوّض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية بيير موسكوفيتشي بزيارة تونس في الفترة القادمة.