في أعالي سيكافينيريا المبدعة، وهو اسم على مسمى، لمدينة الكاف مقتبس من فينوس آلهة الحب والجمال، لمدينة صنعت أمجادا مسرحية، حيث مركز الفنون الدرامية، صرح يشهد على ريادة الحركة المسرحية بتلك الأرض الخصبة بفنها وانتاجاتها وتاريخها الحافل تجري الاستعدادات على قدم وساق للتحضير للدورة ال17 لتظاهرة 24 ساعة مسرح دون انقطاع والتي ستلتئم من هذه السنة من 23 إلى 28 مارس القادم بالتزامن مع اليوم العالمي للمسرح الموافق ل27 من شهر مارس. ولا شك في أن التظاهرة في دورتها السابعة عشرة صارت تحتل مكانة مرموقة ضمن خارطة التظاهرات الوطنية والدولية كذلك حيث تستقطب سنويا مجموعات مسرحية من مختلف أنحاء العالم كما يسعى منظموها إلى انتقاء أفضل الأعمال الوطنية وإلى تنويع فقراتها وتنويع أشكال الفرجة ذات الصلة بالمسرح كالعروض التنشيطية والموسيقية والفلكلورية والكوريغرافية والتجليات إضافة إلى المعارض والندوات الفكرية والتربصات. انفتاح على المؤسسات ومختلف الفئات الاجتماعية بالجهة مسرح الكاف الذي أنجب المنصف السويسي وكمال العلاوي والبحري الرحالي ولمين النهدي والذي حمل راية الريادة المسرحية والثقافية في هذا الوطن ظل دائما على العهد فمن رحمه ولدت تظاهرة متفردة تحتفي بالمسرح على طريقة اليونان القديمة «تظاهرة 24 ساعة مسرح دون انقطاع التي تبلغ هذه السنة دورتها السابعة عشرة»، بإدارة عماد المديوني الذي يشرف للمرة الخامسة على تنظيمها، يقول عماد المديوني موضحا الخطوط العريضة للدورة السابعة عشرة: هي دورة منفتحة على مختلف الفضاءات والمؤسسات والمدارس بالجهة وكذلك على جميع الفئات الاجتماعية وهي أيضا دورة تحمل راية السياحة الثقافية بامتياز وتعمل من خلال مجموعة من الفقرات على تعزيز العمل الثقافي السياحي بما هو رافد من وافد تنمية الجهة وتثمين موروثها الحضاري والتاريخي الزاخر. الكاف ستحكي في الدورة حاضرها فالمسرح «أن تقول كل أي شيء وكل شيء» كما يقول المخرج الروسي اناتولي ناسيليفكما انها ستحكي تاريخا عريقا لمدينة مرت بها جيوش يوغرطة وفرسان زهير ابن قيس البلوي وفيالق محمد باشا المرادي. مؤطرون دوليون للإشراف على الورشات التكوينية وعرض مسرحي من إخراج عاطف بن حسين كما دأبت عليه التظاهرة منذ انطلاقها، سيتم تخصيص جانب هام من فقرات التظاهرة للورشات التكوينية التي يستفيد منها مسرحيو الكاف وكذلك المسرحيون من مختلف جهات الجمهورية وستلتئم بمناسبة التظاهرة ورشات تكوينية يؤثثها مؤطرون على مستوى دولي عال يشرف عليها مكونون من مختلف أنحاء العالم وهي مواصلة للنهج التكويني الذي دأب عليه مركز الفنون الدراميّة والركحية بالكاف من خلال مختبراته التي تستقطب شباب الجهة على مدار السنة. ودعما لهذا المسار تخصص التظاهرة تربّصات تكوينية يشرف عليها مكونون من تونس وخارجها منها ورشة المسرحي الفرنسي» دومينيك روبو» التي تعمل على اكتشاف الخصائص المميزة للرقص والغناء الشعبيين تحقيقا للتثاقف وبحثا عن اكتشاف الآخر وخصوصياته وهي منهجية دأبت عليها فرقة» كمارغو» منذ سنوات لتحط الرحال بالكاف هذا العام، كما تنتظم ورشة تحت شعار»موليير اليوم» بإشراف أعضاء الفرقة المسرحية لمدينة بيليني بفرنسا وهم المخرجان «نيكولا هوكنغام» و»ديديي ديكال» والممثلان «انغريد بالوت» و»كارل راشادي» الذين سيعملون مع المتربصين على مقتطفات من مسرحيات «موليير» يقع ترجمة بعض مقاطعها إلى العامية التونسية ليتسنى العمل عليها انطلاقا من التمازج بين اللغتين لإرساء التلاقح الحضاري والثقافي بين الشعوب وبحثا عن تعبيرات عصرية وكونية للفعل المسرحي. أمّا الورشة الثالثة فسيكون موضوعها الجسد والفضاء المتوسطي وسيشرف عليها من ايطاليا المكونان «ماتيوو مارزيانو غرازيانو» و»كازا مارزيانو» وتتمثل في الاشتغال على علاقة الجسد بالفضاء من خلال ورشة تمنح المشاركين فرصة التعبير واستعادة للتقليد الإغريقي الذي كان المبدع فيه يحتل الفضاء العام من خلال ساحة «L'agora «. ولمّا كان الهاجس إضفاء التجديد والطرافة على فقرات التظاهرة، تنتظم ورشة تتواصل من خلالها التمارين على مدى 24 ساعة دون أن تتجاوزها بهدف إنتاج عرض مسرحي يخرجه الفنان عاطف بن حسين . على مدى 24 ساعة، ستكون الحياة أبدية، متجددة متألقة بأنوار وألوان مسرحية متنوعة وفيها ستقام مراسم المسرح في أبهى تجلياتها وكما في اليونان القديمة ستحتفي المدينة بمراسم ديونوسوس صانع المسرح والفن وينثر الأهالى أكاليل الزهور على أرض الكاف القشيبة مع زهور الربيع رمز التجدد والبعث فليس هناك حياة دون مسرح وبدونه لا تكون الحياة ممتعة.