يبدو ان حركة النهضة في وضع لا يحسد عليه بعد ان وضعتها "جارتها" في"مونبليزير"رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين في وضع محرج مع حليفها السياسي الاول نداء تونس على خلفية طلب الاولى التمديد في عمل الهيئة بسنة. بن سدرين لم تتخذ هذه الخطوة دون أن تكون محصنة "قانونيا" بالفصل18 من قانون العدالة الانتقالية الذي نصّ على ان"مدّة عمل الهيئة حددت بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلّل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها." فبعد قرار بن سدرين"المفخخ" باتت كل السيناريوهات محتملة في علاقة بالانتخابات البلدية وما يروى حول"صفقة" النداء والنهضة.. ولا يمكن ان يتغافل أي احد عن ان السباق نحو البلديات انطلق وسيشتدّ شيئا فشيئا بعد ما ستفرزه جلسة التصويت على قرار التمديد. ملامح الخلاف بدأت ترسم بعد انسحاب نواب النهضة من جلسة اول امس التي تم خلالها التصويت بأغلبية إحالة طلب التمديد في عمل الهيئة على جلسة عامة. حسونة الناصفي مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالعلاقة مع رئاسة الجمهورية والحكومة اكد في تصريح سابق للشقيقة "الصباح نيوز" ان مكتب المجلس صوت على ضرورة ان يتم التصويت على قرار التمديد في أشغال هيئة الحقيقة والكرامة في جلسة عامة برلمانية. وافاد الناصفي ان النائبين عن حركة النهضة الصحبي عتيق والحبيب خضر قد انسحبا من الاجتماع بعد ان شاركا في عملية التصويت. وفي نفس السياق اعتبر مساعد رئيس مجلس النواب المكلف بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية والنائب عن حركة النهضة الحبيب خضر في تصرح "للصباح نيوز" "ان ما صدر من هيئة الحقيقة والكرامة يرقى إلى درجة القرار ويُقرر معاملته معاملة مقترح". وحول موعد جلسة التصويت للتمديد من عدمه اتصلت"الصباح" بالناطق الرسمي باسم مجلس نواب الشعب، حسان الفطحلي الذي اكد انه سيتم تحديد موعد الجلسة العامة للحسم في التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة من عدمه خلال اجتماع مكتب المجلس الخميس القادم. موقف حركة النهضة من قرار هيئة الحقيقة والكرامة تمديد عملها بسنة رصدناه من خلال ما افاد به القيادي بالحركة عبد الحميد الجلاصي ل"الصباح" الذي اكد"ان الهيئة هي الالية الاساسية لمسار العدالة الانتقالية مضيفا "ان المسار هو الأصل والالية هي فرع بل هي جزئية، والمسار استحقاق اخلاقي ودستوري وسياسي". استحقاق دستوري وذكر الجلاصي قائلا:"لقد وقعت جرائم في هذه البلاد واحيانا أصحابها معروفون فلنتذكر الأسابيع الاولى بعد الثورة فهناك تونسيون أخطؤوا ويعرفون انهم أخطؤوا وكانوا يتوارون من الناس ويخشون الانتقام، وتونسيون اخرون تعرضوا لمظالم وانتهاك على امتداد ستين سنة كانت أنفسهم تراودهم على الانتقام وكانوا يخافون الانزلاق في هذا الفخ ولم يفعلوا"، مضيفا"ان مسار العدالة الانتقالية أتاح الفرصة لمن اخطأ ان يكون كبيرا ويعترف، في ذلك شفاؤه هو نفسه واسترداد لإنسانيته لان العدوان هو مرض وهو مَس من الانسانية". كما عبر الجلاصي عن اسفه من الكثيرين الذين أخطؤوا اولا ويخطؤون الان بالتفويت في فرصة الاعتذار وربما يمكن تفهمهم اخلاقيا في خطئهم الاول لكن يصعب ان يفهم الخطا الثاني وتفسير ذلك ان في الاول قد تكون غفلة ولكن في الثاني هناك الإصرار". واكد في سياق حديثه ان طلب التمديد استحقاق دستوري أقرته نصوصنا التأسيسية وضبطت اليات استكماله ولا يمكن الدخول في سجال قانوني لان العدالة الانتقالية ليست عدالة موازية وهي مسار افرزته اكثر المؤسسات شرعية في تاريخ تونس، مضيفا "يمكن ان تقصر الالية اي الهيئة ورئيستها وان اخطات الهيئة او رئيستها اظن وجود حلول غير البتر الذي لا يعني شيئا سوى بتر المسار كله، ولكن لا بد ان نكون منصفين، هل ان مؤسسات الدولة كلها لم تقصر؟ هل الاحزاب لم تخطئ؟ هل المنظمات لم تخطئ؟ كما اعتبر قيادي حركة النهضة ان مسار العدالة الانتقالية هو استحقاق سياسي غايته مصالحة التونسيين مع تاريخهم ومع بعضهم وتجاوز أعطاب الماضي لبناء المستقبل وافاد الجلاي"بانه قد يكون للمصادقة على قانون المصالحة خير للبلاد لكن ان ندير ظهورنا لعشرات الآلاف من الضحايا نرى أنفسنا بالفعل امام عدالة بسرعتين ونرى أنفسنا امام عدالة انتقامية فنظلم الضحايا مرتين"متسائلا: ما هي الرسالة التي توجه للضحايا حينما نرى غياب المؤسسات العليا للدولة، ثلاثتها في جلسات الاستماع العلنية؟ النهضة مع التمديد وحسب الجلاصي فان النهضة مع التمديد ولكن مع النظر في التعديلات التي تقتضيها النجاعة والشفافية وحسن المناخات وهي ليست وحدها مع خيار التمديد لانه يشاركها في ذلك كثير من السياسيين والناشطين المدنيين. وعلى الاساس سيتم في النهاية التوافق على صيغة تتيح للهيئة إنهاء مهامها مع تحسين مردودها والمناخات داخلها ومع محيطها". اما بالنسبة لرفض حركة النهضة إحالة مطلب الهيئة على جلسة عامة قال الجلاصي" لان الهيئة قادرة على اتخاذ القرار بمفردها وهي ترى وجاهة في التأويل الذي يقول ان الهيئة مطالبة فقط باعلام المجلس وانها هي من تتخذ قرار التمديد من عدمه." وحول امكانية التصويت ضد طلب التمديد، قال الجلاصي" لا أتصور حزبا بإمكانه تحمل الكلفة الأخلاقية والسياسية لإدارة ظهره لعذابات الاف التونسيين" فرغم الخلافات والاختلافات ورغم غياب قناعات مطلقة بجدوى"التوافق" ووصفه في كثير من المناسبات السياسية بالمغشوش الا ان عديد القيادات من الجانبين يرون ان الطريق بين النهضة والنداء قد يكون طويلا بقطع النظر عن الأمزجة والنفسيات. لكن لا يمكن باي حال من الاحوال ان تجازف النهضة بمسار العدالة الانتقالية الذي يمثل بالنسبة اليها "عنوانا" لرصيد انتخابي غير مستعدة للتفريط فيه لحساب"التوافق". وفي هذا السياق شدد الجلاصي على ان قيادة الحركة وقواعدها مع العدالة الانتقالية ولا خلاف في ذلك. جهاد الكلبوسي