استهل المنتخب الوطني سلسلة مبارياته الودية في إطار تحضيراته لمونديال روسيا 2018 بانتصار على المنتخب الإيراني في اللقاء الذي جمعهما يوم الجمعة الماضي بملعب رادس . انتصار مهم خاصة من الناحية المعنوية لأن المدرب نبيل معلول أشرك عددا من اللاعبين تقمصوا لأول مرة زي المنتخب ، في إطار بحثه عن التشكيلة المثالية التي سيعول عليها في نهائيات كأس العالم. ولتقييم أداء المنتخب الوطني في هذه المباراة اتصلت «الصباح الأسبوعي « بالخبير الفني المعروف محمود الورتاني في هذا الحوار ● كيف تقيمون مردود منتخبنا في هذه المباراة ؟ -كأول مباراة ودية تحضيرية إثر الترشح إلى مونديال موسكو أعتقد أن الاختبار كان ناجحا إجمالا. فالانتصار الذي تحقق أمام أحسن منتخب آسيوي كان عن جدارة .. إذ سيطر منتخبنا على جل المباراة باستثناء ربع الساعة الثاني من الشوط الأول ، وفرض أسلوبه وشخصيته. وأعتقد أن اختيار منافس يقاربنا من حيث المستوى في مفتتح الوديات هو اختيار صائب ؛ لأن المدرب بصدد اختبار عدد من اللاعبين ، وقد مكنهم تقارب المستوى من إيجاد نقاطهم الدالة ● رأينا وهبي الخزري يضطلع بمهمتين مختلفتين في كل شوط . ما غاية معلول من ذلك ؟ - الإجابة على هذا السؤال تقترن بإيضاح التنظيم التكتيكي للمنتخب . في الشوط الأول تم اعتماد خطة 4 - 3 - 3، أي بلاعب وسط ميدان محوري وحيد وهو إلياس السخيري الذي كان يقوم بمعاضدة بن عمر على اليمين وفرجاني ساسي على اليسار واللذين تحملا مسؤولية الربط بين الدفاع والهجوم . بينما لعب وهبي الخزري في مركز قلب هجوم أمام الخاوي على اليمين والسليتي على اليسار . ولكن نظرا لقلة فاعلية خط الوسط من جهة ، وامتداد المساحة الشاغرة بين السليتي والخاوي من جهة أخرى فإن بناء الهجمة لم يكن سلسا ، خصوصا وأن الخزري كان ثابتا ولم يطلب الكرة من الجناحين ، وأن الخاوي لم يوفق في فك المغالق الدفاعية في الرواق الأيمن خلافا للسليتي الذي حقق التفوق العددي بالرواق الأيسر وكان أفضل لاعب على الميدان في الشوط الأول في الشوط الثاني تواصل اللعب بنفس الطريقة بعدما أخذ البدري مكان بن عمر إلى الدقيقة 60 عند تعويض الخنيسي للسليتي ؛ اذ تغير التنظيم فوق الميدان إلى 4- 2- 3- 1 ، بتأخر ساسي إلى جانب السخيري ، وتحول بن يوسف إلى الرواق الأيمن والخزري إلى الرواق الأيسر والبدري خلف الخنيسي مالئا بذلك الفراغ خلف رأس الحربة الذي لاحظناه في الشوط الأول. وهو ما مكن منتخبنا من فرض سيطرته وتتويجها بهدف التفوق ● لو تحلل للقراء طبيعة هذه السيطرة ؟ - لقد تغيرت أشياء كثيرة على الميدان بتغيير الطريقة؛ إذ تحقق التفوق العددي في وسط الميدان بوجود السخيري وساسي والبدري وبن يوسف والخزري، وهو ما مكن من التحكم في المساحات وإحكام الضغط العالي وتضييق الخناق على المنافس الذي لم يجد الحلول لبناء الهجمة المنظمة فاضطر إلى اعتماد المرتدات ، التي لم تخل من خطورة ، ولكن تدخلات بن مصطفى كانت حاسمة ، كما أن تحرك الخنيسي وفر مجالا أوسع للخزري الذي تحرر من الرقابة ، فضلا عن ملء البدري الشغور خلف المهاجم ، وقد ولد ذلك ارتباكا في التنشيط الدفاعي للمنافس، أفرز مساحات شاغرة استغلها الخزري في مناسبتين للتوغل في مناطقه مرر في الأولى كرة ذهبية إلى بن يوسف ، وموه ثم راوغ وسدد في الثانية مجبرا محمد الميلادي على الخطإ ، والتسجيل في مرماه ، خصوصا وأنه كان تحت ضغط بن يوسف ● ما الخلاصة التي نخرج بها من هذه المباراة ؟ - لقد بدأت ملامح التشكيلة الأساسية تتضح، إذ أفرزت هذه المباراة عمودا فقريا مرضيا في انتظار ما ستفرزه الوديات القادمة واختبار بقية اللاعبين ، يتشكل من بن مصطفى الذي أثبت مرة أخرى أنه من طينة الحراس الكبار وبن علوان الذي أقنع بقطع الكرات في الدفاع وإخراجها نظيفة ومرياح والسخيري وساسي والخزري والخنيسي ، علما بأن جميعهم لعبوا مباراة كاملة باستثناء الخزري الذي ترك مكانه في الدقائق ال 10 الأخيرة للصرارفي . وأعتقد أن التردد سيتواصل بين النقاز وبرون والبدوي ، ومعلول والحدادي وشمام، والسؤال الذي يطرح نفسه من سيخرج من خط الوسط الهجومي إثر عودة المساكني، وفي ضوء المردود الغزير والفاعل للسليتي في هذه المباراة ، هل سيكون بن يوسف أم الخاوي ؟ ● إضافة إلى عودة المساكني المرتقبة، من اللاعب الذي تراه قادرا على تقديم الإضافة إلى مجموعة معلول ؟ - أعتقد أن المدرب الوطني سيستغل الوديات القادمة لمنح اللاعبين فرصتهم في الاختبار الختامي، ويبقى في نظري من المفيد توجيه الدعوة إلى العكايشي الذي قد يحتاجه المنتخب في المرتدات وعند الحاجة إلى تغيير الخنيسي لما يتمتع به من سرعة ومن قوة بدنية ● كيف تقرأ بقية الوديات ؟ - لقد كان الاختيار موفقا ؛ لأنه قام على نسق تصاعدي من حيث القوة ؛ اذ سيواجه منتخبنا كوستاريكا ثم تركيا فالبرتغال ثم إسبانيا . وأعتقد أن المباراة الختامية ضد المنتخب الأسباني ستكون مفيدة للغاية لأنها ستكون خير إعداد للمباراة الأولى في المونديال ضد بلجيكا ، وأعتقد أن معلول سيعول فيها على التشكيلة المثالية ● بصراحة ، هل تعتقد أن منتخبنا قادر على مجاراة نسق منتخبات كبرى مثل بلجيكا وإنقلترا على امتداد 90 دقيقة ؟ - عندما تنظر إلى التشكيلة الأساسية التي قدمها معلول ضد إيران ترى أنها تتألف من لاعبين ينشطون خارج الحدود باستثناء مرياح . وأنا أتفهمه لأنه ، فضلا عما يتمتع به هؤلاء المحترفون من قدرة ، فإن مباريات بطولتنا تغلب عليها إضاعة الوقت بسبب الاحتجاج والتشنج والرغبة في المحافظة على النتيجة ، فلا تكاد تشاهد نصف ساعة من اللعب ، في حين أن محترفينا بالخارج متعودون على النسق السريع والمرتفع . ورغم ذلك لا بد من محافظة اللاعبين على تركيزهم حتى تصفيرة النهاية ؛ لأن كل شيء ممكن في الدقائق الأخيرة، وأحسن مثال لذلك مباراة المنتخبين المصري والبرتغالي