لا يٌمكن لمن تٌتاح له فرصة مرافقة الفوج 16 مشاة محمولة بعين دراهم إلا أن يطمئن على أمن البلاد والعباد: فالقوة.. والعزيمة.. واليقظة المستمرة التي تتحلى بها قواتنا العسكرية في تامين الحدود هي «أسلحة» جنودنا البواسل في التصدّي لأي خطر قد يحدق بالبلاد.. فهم عيون لا تنام.. عيون تحرس وطنا أقسموا بأن أرواحهم ستكون فداء له لصون كرامته ومناعته من أجل بقاء رايته تٌرفرف عاليا.. هنا تملأ الجميع إرادة التحدّي والإصرار على دحر المخاطر. فكل الصعوبات ولعل ابرزها العوامل المناخية الصعبة من قساوة الطبيعة ومسالكها الوعرة تصطدم على صخرة عزيمة لا تلين لأسود وطننا المٌرابطة على الحدود وفي الجبال. هذا التفاني والإتقان والعطاء اللامشروط والجهد اللامتناهي في العمل لمسناه خلال الزيارة الميدانية التي نظمتها وزارة الدفاع الوطني الثلاثاء الماضي لفائدة ممثلي وسائل الإعلام إلى الفوج 16 بعين دراهم. هذا الفوج الذي يتولى بالأساس مراقبة أمن الحدود الى جانب القيام بعمليات استباقيّة للتصدي للإرهاب والتهريب فضلا عن اجتياز الحدود خلسة. «الصباح» لامست عن كثب مجهودات الفوج 16 والتي لا يمكن إلاّ أن نقف لها إجلالا واحتراما وإكبارا.. كانت الساعة تشير الى منتصف النهار حين وصلنا الى منطقة «ببّوش» وهي قرية تونسية تقع قرب الحدود التونسية الجزائرية، شمال غربي مدينة عين دراهم أين كنّا على موعد مع تمرينين هما في الأصل عينة من المهام اليومية للدوريات والتشكيلات الحدودية المشتركة مع قوات الأمن الداخلي والحرس الوطني هناك على بعد بضع كيلومترات من الحدود الجزائرية.. يتواجد جنودنا الأشاوس متحدّين الطبيعة غير عابئين لا بقساوة البرد ولا بوعورة المسالك زادهم في ذلك حب تونس ودوامها شامخة, منيعة أبيّة وعصيّة على أعداء الوطن. ونحن نٌتابع التمرين الأول الذي تعلق بنقطة مراقبة وتفتيش لسيارة بعد أن تمركزت الدوريّة في مسلك يشتبه أن تتسلّل منه سيارات تهريب أو أشخاص يرومون اجتياز الحدود البرية خلسة وقفنا على دقة وجاهزيّة عالية في كيفيّة التعامل مع المشتبهين. في حين تمثل التمرين الثاني في محاكاة لعملية تهمّ استطلاع مسلك من قبل دورية برية مشتركة والعثور على جسم مشبوه والتعامل معه باستعمال «الناب» المختص والتفطن إلى شخص مشبوه قام بالتسلّل للتراب الوطني لتعكس التمارين سالفة الذكر جاهزيّة وقدرة استباقيّة عالية لدى جنودنا الأبرار زادهم الأساسي العزيمة وحرفية عالية في التصدي وردع اي خطر داهم. قد يجهل البعض الكثير عن المنظومة الدفاعية والاستباقية المتطورة لجيشنا الوطني وعن قدرته الرهيبة على استباق لمخاطر غير أن من يواكب عن كثب مجهوداته يلمس مهارات وقدرات استباقية لا يمكننا إلاّ أن نحيّيها فالتواجد في قلب الميدان أفضى إلى ملامسة جهود خارقة للعادة. مهام الفوج هذا الفوج الذي يسهر على تامين الحدود من أيّ خطر داهم, أحدث في نوفمبر2004 ويتولى تحديدا مراقبة أمن الحدود علاوة على القيام بعمليات استباقيّة لمقاومة الإرهاب والتهريب واجتياز الحدود خلسة. واكد في هذا السياق آمر الفوج العقيد أحمد الزايدي أن الوضع الأمني الحالي بالمناطق الحدودية المشمولة بمهامهم «تحت السيطرة» فالوحدات العسكرية منتشرة على كامل المنطقة ولا وجود لأي تهديدات إرهابية مشيرا إلى انه لم يتمّ تسجيل سنة2017 أي تحركات إرهابيّة في المنطقة. ويعود ذلك إلى التنسيق المحكم في مجال الاستعلام مع قوات الأمن الداخلي والحرس الوطني وانتشار الوحدات المشتركة على مدار الساعة مع سيطرتها بالكامل على المنطقة واستعدادها لمجابهة أي تهديد محتمل قد يطال سلامة التراب الوطني. وبين العقيد الزّايدي في هذا الاتجاه أنهم في اتصال دوري مع الجانب الجزائري قصد التنسيق فيما بينهم والاستعلام حول الأوضاع على كامل الشريط الحدودي وتدارس الوضع الأمني وذلك في إطار مجابهة معضلة الإرهاب مؤكدا أن الفوج يمتلك كافة المعدات اللازمة للقيام بعمله على الوجه المطلوب. وكيف لا يكون الوضع تحت السّيطرة في ظل وجود أسود تتحلى بشجاعة ومهارات دفاعية عالية تعززها عزيمة من حديد. من جهة أخرى وفي إطار استعراض أبرز المهام الموكولة للفوج 16 مشاة محمولة بعين دراهم, فان الدوريّات المشتركة المتواجدة على كامل الشريط الحدودي تتولّى مراقبة نقاط التفتيش والتدخل لفائدة المراكز الحدودية والتجمعات السكانية والنقاط الحساسة من خلال الدوريات المتحرّكة والدوريات المائية والمروحيات متى اقتضت الحاجة ذلك. وبالتّوازي مع مهام تأمين الحدود تشمل مهام الفوج 16 مشاة محمولة المراقبة اليومية للسدود الستة الموجودة في مجال تدخله والسهر على أمنها من قبل دوريات مائية تابعة للفوج بالاشتراك مع قوات الأمن الداخلي ليؤكد العقيد الزايدي على أن حماية السدود ومراقبتها وتفقدها هي من الواجبات الأساسية للمؤسسة العسكرية.. وتغطي تدخلات الفوج 132,083ألف ساكن من بينهم75 بالمائة يعيشون في مناطق ريفية وتتسم مناطق هذه التدخلات بشساعة المساحات الغابيّة الممتدة على آلاف الهكتارات وصعوبة الطرقات والمسالك والانزلاقات الأرضية نظرا لقساوة الظروف المناخية بالنظر إلى الانخفاض المسجل في درجات الحرارة لا سيّما في فصل الشتاء والتي تصل إلى5 درجات تحت الصفر إلى جانب تساقط كميات كبيرة من الثلوج والفيضانات. وللفوج 16 أيضا مهام في مجال الإنقاذ والنجدة فهو عضو قار وفاعل في اللجنة الجهويّة لمجابهة الكوارث الطبيعية بجندوبة التي تتولى ضبط اجتماعات دورية للجنة فضلا عن القيام بعمليات استباقية. وتتمثل ابرز مهامه في فتح الطرقات بالمعدّات العسكرية أثناء تساقط الثلوج فضلا عن مساهمته في إخماد الحرائق. صور استثنائية غادرنا الفوج 16 والذّاكرة محمّلة بصور استثنائية عن شجاعة وبطولة جنود تونس و بواسلها, غادرنا المكان ونحن مطمئنّون على البلاد مادامت هناك أشاوس تحرسها ليلا نهارا دون ملل أو كلل لتقفز الى الذهن مقتطفات من نشيد الجيش الوطني: «الجيش سور للوطن.. يحميه ايام المحن... أرواحنا أموالنا تفدى له بلا ثمن.. بلادنا لك الفدى نحميك من شر العداء.. نذيقهم طعم الردا.. إن لم نكن نحن فمن يا جيش.. عش للوطن مافيك نيل المأرب.. كن ردعا للغاصب ورافعا شأن الوطن».