أكد جل المشاركين في ملتقى علمي نظمته جامعة منوبة أمس حول ترتيب الجامعات بين المعايير العالمية والقيم الاكاديمية، أن المعايير المعتمدة من قبل شبكات التقييم العالمية للجامعات غير منصفة، فهي عندما تقيم الجامعات التونسية لا تأخذ بعين الاعتبار المنشورات العلمية والبحوث المكتوبة باللغة العربية وحتى الفرنسية رغم أن عددها بالآلاف وتغص بها المكتبات. وتحتسب هذه الشبكات المنشورات الصادرة في المجلات العلمية المحكمة باللغة الانقليزية دون غيرها وهذا فيه ضيم. وأشار أحد المشاركين الى أن المقارنة بين جامعات البلدان الاسكندنافية والجامعات التونسية لا يجوز لأنها اشبه بمقارنة سيارة رئيس الجمهورية بسيارة نقل ريفي. وذكر بعض الحاضرين ان التناول الاعلامي لترتيب الجامعات التونسية في المنابر الاعلامية كان في اطار البحث عن «البوز» ليس أكثر ولم يقع التعمق بما فيه الكفاية في دراسة هذا الموضوع الحارق، وكل ما امكن للجمهور فهمه من كل تلك المنابر هو أنه من بين الف افضل جامعة في العالم هناك جامعة تونس المنار وجامعة صفاقس فقط مصنفتان، ولكن لا احد من الإعلاميين قارن بين ميزانيات البحث العلمي التي تخصصها البلدان التي تحتل المراتب الأولى في التصنيفات والميزانية التونسية التي لا تتجاوز 1 بالمائة. وقفة تأمل الاستاذ بجامعة منوبة عامر الشريف أشار الى أن نتائج التصنيفات للجامعات في العالم اصبحت دافعا قويا لساسة جل البلدان للنهوض بجامعات بلدانهم ولكن في بلدان اخرى لا يقع الاعتراف بالتقييمات. وقدم الشريف للحاضرين جدولا مفصلا حول ترتيب الجامعات التونسية وفقا لعدد النشريات على مواقع الواب حيث تتصدر جامعة تونس المنار المرتبة الاولى تليها جامعات صفاقس فالمنستير فسوسة فقرطاج فمنوبةفتونس ثم قابس وجندوبة الخ. وأضاف أنه في صورة عدم الاقرار بوجود نقاط ضعف يجب تداركها لا يمكن تحسين مستوى الجامعات التونسية وحذر انه في صورة مواصلة الهروب الى الامام فان ترتيب الجامعات سيتراجع أكثر مقارنة بالدول العربية والافريقية وعلى الدولة ان تحسن نسبة الميزانية المخصصة للبحث العلمي. وقدم عبد اللطيف بودبوس ممثل جامعة تونس المنار ارقاما تكشف البون الشاسع بين الموازنات التي تخصصها البلدان المتقدمة لمخابر البحث العلمي وبين ما هو موجود في تونس. وذكر ان العديد من الجامعات في تونس متخصصة في العلوم الانسانية والاجتماعية وينتج طلبتها بحوثا كثيرة ذات جودة عالية كما انها تخرج كتابا وادباء وشعراء ومفكرين وهي تزخر بالأساتذة المشهورين المشعين عالميا وبإمكانها الاستثمار في هذا المكسب والاستفادة من مواردها البشرية وتثمين ارشيفاتها من خلال وضعها على مواقعها الالكترونية فكل ذلك يزيد من اشعاعها. ويرى بودبوس أنه على الجامعات ان تنشئ صيغ تعاون وبرامج شراكة وتقيم قنوات تواصل بين طلبتها واساتذتها وباحثيها ومخابرها. وعلى الجامعيين ان يدفعوا من اجل اصلاح التعليم العالي والبحث العلمي والادارة. أما العميد عبد السلام العيساوي فأكد أن كلية الآداب منوبة بمخابرها الخمسة ووحدات بحثها 13، ورغم انها لا تظهر في التصنيفات العالمية، فإنها من افضل الكليات عربيا وافريقيا اذ انها حصلت على سبع جوائز على 8 جوائز دولية على مستوى بلدان العالم العربي.. وتتميز كلية الأداب منوبة على حد قوله بغزارة الانتاج العلمي حيث تصدر عددا كبيرا من المجلات والحوليات كما ان أساتذتها من أحسن الكفاءات العلمية في البلاد وهناك من تميزوا على الصعيد العالمي وأحرزوا على الكثير من الجوائز. ويرى مختار حمدي ممثل المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية بتونس أنه على تونس اذا ارادت الفوز في سباق «التصنيفات العالمية للجامعات» أن تستثمر في البحث العلمي وتوفر الموارد البشرية اللازمة وتضمن استقرارها وتوفر التمويلات وتختار بين الاقتصار على التمويل العمومي، او المزاوجة بين التمويل العمومي والتمويل الخاص، كما يجب على الجامعات ان تكون لها رؤية واضحة وعلى أساتذتها ان يقبلوا بقانون اللعبة، ويجب ان يتم الفصل بين النجباء وضعيفي المستوى لأنه لا يمكن ان ندرب لاعبين محترفين مع لاعبين مبتدئين. تنوع التقييمات قدم اريك فالي الأستاذ بجامعة باريس والمؤرخ، خلال الملتقى الذي غاب عنه الطلبة، بسطة تاريخية عن ابرز شبكات تقييم الجامعات في العالم مثل تقييم «شنقاي»وتقييم»تهي» وتقييم «ميلتتي رانك». وقال ان الجامعات دأبت على تقييم نفسها حتى قبل بروز التقييمات العالمية وكان تقييمها يستند الى عدد الطلبة ونسب النجاح وعدد الاساتذة على كل طالب وجودة التخصصات ومنذ 2003 ومع بروز تقييم شنقهاي اصبحت التقييمات عالمية. واعتمد تقييم شنقهاي على معايير موضوعية دقيقة تتمثل في جودة التعليم بمعنى عدد خريجي المؤسسة الذين حازوا على جوائز نوبل وأوسمة فيلدز، وجودة هيئة التدريس بمعنى عدد الاساتذة الحاصلين على جوائز نوبل واوسمة فيلدز والباحثين الاكثر اشعاعا، وعدد المنشورات في المجلات العلمية، وحجم المؤسسة الجامعية. وأضاف اريك فالي أن تقييم شنقهاي كان هدفه في البداية لفت انظار السلطات الصينية الى تردي مستوى الجامعات الصينية مقارنة بالجامعات الامريكية، لكن وأمام دقة المعايير المعتمدة فيه حاز تقييم شنقهاي على اهتمام كل جامعات العالم كما دفع السلطات الصينية الى رصد ميزانيات ضخمة للتعليم العالي وحققت جامعاتها قفزة كبيرة في وقت وجيز. واضاف الجامعي الفرنسي أن هناك تقييما اخر ظهر سنة 2004 وهو تقييم «تايمز هاير ايديكيشن» ويقوم على سمعة الجامعات وصيتها في مجال البحث العلمي اضافة الى جودة التعليم ونجاعة البحوث ومنذ سنة 2004 اصبح التصنيف للجامعات يتم بصفة تفصيلية كأن يقع ترتيب افضل الجامعات في افريقيا أو افضل الجامعات في اسيا او افضل الجامعات حديثة النشأة او افضل الجامعات المختصة في الاقتصاد وغيرها. وظهر تصنيف آخر للجامعات يقوم على اختيار افضلها اداء وتأثيرا على شبكة الانترنيت وكشف الجامعي ان تقييم شنقهاي أحدث رجة في فرنسا لأنه كشف ان هناك جامعتين فقط مصنفتين وكردة فعل اوجدت البلدان الاوروبية «تقييم ميلتي رانك» وهو يقوم على معايير مغايرة لمعايير تقييم شنقهاي كما لا يقع ترتيب الجامعات ترتيبا تنازليا بل يسمح لكل جامعة بالتعرف على نقاط قوتها ونقاط ضعفها في مختلف المجالات.