ضمان كل الظروف لإنجاح الزيارة وتعايش سلمي على مر السنين جربة / مدنين- الصباح تعيش جزيرة جربة من ولاية مدنين منذ يوم أمس على وقع الزيارة السنوية لمعبد الغريبة اليهودي بمنطقة الرياض بمعتمدية جربة حومة السوق لتتواصل إلى غاية 6 ماي المقبل، معبد يعود بنائه بحسب لوحة وجدت به إلى 585 قبل الميلاد ليعد بذلك أقدم معبد يهودي في إفريقيا فيما ستكون الزيارة الرسمية يومي 2 و3 ماي حسب ما أفاد به بيريز الطرابلسي رئيس جمعية هيئة الغريبة لمراسل "الصباح" بولاية مدنين التي ستشهد حضور العديد من الشخصيات التونسية ومن خارج ارض الوطن وعدد من أعضاء الحكومة ومسؤولين سابقين وسفراء معتمدين في تونس مضيفا انه تمت تهيئة كل الظروف وضبط مختلف الاستعدادات اللوجيستية والمادية والأمنية لضمان نجاح الزيارة التي يعتبر نجاحها مؤشرا إيجابيا لنجاح الموسم السياحي الحالي. وأشار الطرابلسي انه يتوقع ارتفاع عدد الزوار إلى ما بين 5 و6 آلاف زائر من تونس ومن القادمين من بلدان تعود مواطنوها على مواكبة الزيارة السنوية للمعبد وبلدان أخرى جديدة كروسيا وإيطاليا، مقابل 3 آلاف زائر في زيارة السنة الماضية 2017. ضمان كل الظروف لإنجاح الزيارة وبدوره أكد روني الطرابلسي منظم رحلات زيارة معبد الغريبة لمراسل "الصباح" بولاية مدنين أن وفود إعلامية من تونس ومن خارج ارض الوطن وعلى غرار السنوات الفارطة ستواكب هذه الزيارة لتغطية فعالياتها ولتنقل صورة تونس اليوم ومناخ الأمن والتعايش السلمي بين الديانات بما يجعلها مثالا يحتذى به في العالم وفق تعبيره بالإضافة إلى حضور العديد من الشخصيات من عديد الدول ومن تونس. ولاحظ روني الطرابلسي أن الزيارة السنوية لمعبد الغريبة تسير بخطوات ثابتة نحو الأفضل وتنبئ باسترجاع أرقام تم تحقيقها خلال سنوات 1999 و2000 حيث وصل عدد الزوار 10 آلاف زائر ومعبرا عن فرحته بتوفر هذه السنة وعلى غرار السنوات الفارطة كل الظروف المناسبة لإنجاح هذا الموعد السنوي وهو مؤشر ينبئ بتحسن عدد الزوار خلال هذا الموسم وفي السنوات القادمة. وفي سياق متصل وبمناسبة زيارة ميدانية لمتابعة الاستعدادات الأمنية واللوجيستية والتمركز الأمني بمدخل جزيرة جربة من ولاية مدنين عبر الطريق الرومانية الرابطة بين مدينة جرجيس وجزيرة جربة أكد الحبيب شواط والي مدنين أن التعزيزات الأمنية بدأت تصل للجهة منذ نهاية الأسبوع المنقضي من مختلف الاختصاصات الأمنية والعسكرية مضيفا انه تم توفير كل الظروف اللوجستية المناسبة لها للإقامة والإعاشة حتى تقوم بدورها على أحسن وجه. وأضاف شواط ان كل الأطراف مجندة لتوفير كل مقومات نجاح الزيارة السنوية لمعبد الغريبة لما تمثله هذه المناسبة من دلالات ورسائل في التسامح الديني والتعايش السلمي الذي يميز الشعب التونسي على مر السنين. على صعيد آخر تم تركيز مستشفى عسكري ميداني ومركزي إسعاف متقدمين، حسب ما أفاد به العقيد بلحسن الوسلاتي الناطق الرسمي بوزارة الدفاع الوطني لمراسل "الصباح" بولاية مدنين. وفي سياق متصل أضاف الوسلاتي انه تمت إقامة نقاط مراقبة مشتركة ودوريات أمنية مشتركة بجزيرة جربة وبالشريط الساحلي للجزيرة. تغيير برمجة الاحتفالات لهذه السنة وتجدر الملاحظة وباعتبار أن آخر يوم من الزيارة هو يوم الأحد 6 ماي ولان هذا الموعد يتزامن مع موعد إجراء الانتخابات البلدية في تونس ونظرا لأهمية هذا الموعد وما يتطلبه من استعدادات أمنية ولوجيستية وحسب مصادر مطلعة لمراسل "الصباح" بولاية مدنين تقرر تغيير برمجة فقرات الزيارة لسنة 2018، لتصبح موعد الزيارة في اليوم الأول الموافق ل2 ماي عوضا عن اليوم الختامي كما جرت العادة في كل سنة. تعايش سلمي على مر السنين.. وطقوس ونشير في الأخير أن يهود جربة وبقية اليهود دأبوا خلال هذه الفترة من كل سنة على إحياء جملة من الطقوس بمعبد الغريبة الذي يقع كما هو معلوم في قرية صغيرة كانت ذات غالبية يهودية تونسية تسمى الحارة الكبيرة أصبحت تعرف لاحقا بمنطقة الرياض بمعتمدية جربة حومة السوق من ولاية مدنين وأكد سامي بالطاهر مكلف بالبحوث بالمعهد الوطني للتراث لمراسل "الصباح" بالجهة أن هذه الزيارة السنوية لهذا المعبد هي احتفال يهم اليهود التونسيين واليهود الوافدين على جزيرة جربة بالأساس غير انه يشارك فيه وعلى مر السنين الجرابة المسلمون وتتمثل مشاركتهم حسب بالطاهر في الحضور في الحفلات الموسيقية التنشيطية وتناول الوجبات التي تقدم أو تباع من طرف اليهود بالمناسبة والمتمثلة على سبيل الذكر لا الحصر في الكفتة -البريك-سفود علوش مشوي-المرطبات-البقول الجافة -اللوز الأخضر-التوت -المشمش وغلال الموسم. وأضاف الباحث أن التجار الجرابة من المسلمين كانوا يأتون خصيصا لبيع منتوجاتهم إلا أن حضورهم تراجع بعد العملية الإرهابية التي استهدفت المعبد يوم 11 أفريل 2002 كما أفاد سامي بالطاهر أن حدود المعبد تمتد إلى حدود المقبرة الإسلامية بالإضافة إلى وجود جامع بن يعلي القريب جدا من معبد الغريبة والذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى وبالقرب من الجامع مدرسة ابتدائية يدرس فيه المسلمون واليهود على حد السواء مما يعكس مبدأ التعايش السلمي الذي كان ولا يزال بين الجرابة من المسلمين واليهود. وما يكرس التقارب في جزيرة جربة أن بعض الفنانين اليهود كانوا يحيون حفلات زفاف لمسلمين على غرار الصوت المعروف يعقوب البشيري كما أشار محدثنا أن العديد من موسيقيي جربة يشاركون أيضا في الحفلات الفنية التي تقام بمناسبة الزيارة السنوية لمعبد الغريبة. وانهي سامي بالطاهر حديثه بالإشارة إلى انه وعلى مر السنين ومنذ القرن الحادي عشر تاريخ تواجد اليهود في الحارة الصغيرة والتي كان اسمها زيني زيفدس وقبل بناء معبد الغريبة في شكله الحالي والذي يرجح انه تم بناؤه في القرن التاسع عشر لم يقع أي اعتداء بين اليهود والمسلمين الجرابة إلى يومنا هذا ويعود حسب رأيه إلى أن سكان الجزر يتميزون دائما بالانفتاح على الآخر وقبولهم بالثقافة المغايرة غير أن هذه الميزة بدأت في التراجع بجزيرة جربة نظرا لفقدان الهوية الجزيرية منذ فترة على حد تعبيره وتحديدا بداية من الثمانينات. ونشير في الأخير وبحسب ما صرح بع بعض اليهود لمراسل "الصباح" بولاية مدنين فان كل الأماني التي يدونها الزوار اليهود على البيض الذي يضعونه في مغارة الكنيس تتحقق وهو ما جعل البعض من المسلمين وتحديدا من سكان جربة يشاركون في ممارسة هذا الطقس.