تونس – الصباح الأسبوعي - في الوقت الذي يستعد فيه التونسيون على قدم وساق لاستقبال شهر رمضان الأسبوع المقبل باعتباره تحوّلا إلى شهر استهلاك ولهفة وارتفاع بورصة الأسعار، تواترت في المقابل اخبار حول إعدام وإتلاف ما يفوق 5 آلاف طير بجهة نابل موردة من فرنسا بعد اكتشاف جرثومة السالمونيلا في أفراخ الدجاج (الفلالس) المعدة للتربية والتفريخ. ولئن أوضحت وزارة الفلاحة والصيد البحري في بلاغ أصدرته يوم الجمعة الماضي أنّ كل الحيوانات والمنتجات الحيوانية تخضع إلى مراقبة صحية بيطرية عند دخولها إلى البلاد التونسية فإن الحادثة تفتح من جديد ملف الدواجن الذي بات مهمّشا ومهدّدا بسبب التوريد من جهة ولغياب مراقبة مسالك التوريد من جهة أخرى. ففي بيانها أوضحت الوزارة أنه تمّ توريد بتاريخ 19 أفريل 2017 فوج أفراخ أمهات دجاج اللحم لحساب شركة لتربية الدواجن وقامت المصالح المختصة بوزارة الفلاحة بعملية المراقبة الصحية وأخذ عينات في نفس اليوم وأرسلتها إلى معهد البحوث البيطرية بتونس للقيام بالتحاليل المستوجبة في الغرض كما تمّ وضع الفوج تحت الحجر الصحي إلى حين صدور نتائج التحاليل المخبرية. وذكرت الوزارة أنه بتاريخ 2 ماي 2017، أثبتت التحاليل المخبرية وجود جرثومة السالمونيلا المتحركة من نوع «S.Entéritidis» المورّد بقطيع الأفراخ والتي تعدّ من الجراثيم المضرّة بصحة المستهلك، مؤكدة أنه طبقًا للإجراءات المعمول بها تمّ الحصول على إذن على عريضة لإتلاف أفراخ أمهات دجاج اللحم المصاب بجرثومة السلمونيلا بتاريخ 15 جوان 2017. وأكدت الوزارة أن شركة تربية الدواجن التي استوردت أفراخ أمهات دجاج اللحم، التي تبيّن أنها مصابة بجرثومة السلمونيلا، قامت برفع العديد من القضايا أفضت إلى إيقاف تنفيذ حكم الإتلاف بتاريخ 2 مارس 2018 وفي الأصل تبقى القضية حاليًا محلّ أنظار القضاء. حادثة الإتلاف التي سُجّلت يوم 30 أفريل الماضي بجهة نابل لا تُعدّ الحادثة الأولى بل تعدّدت مثل هذه العمليات خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، ورغم أنّ وزارة الفلاحة أوضحت في بيانها الأخير أن كلّ السلط حريصة على تتبع كلّ عمليات التوريد، فإنّ الأمر لم يُعد مقنعا ومحلّ ثقة لا للمواطن ولا لأهل القطاع خاصة منهم صغار مربي الدواجن الذين عبروا مرارا وتكرارا عن تخوفاتهم من عمليات التوريد. عمليات الإتلاف المنفذة من طرف فرق المراقبة الصحية والاقتصادية تعود أساسا إلى كثرة الإنتاج وعدم قدرة تجار اللحوم البيضاء على بيع منتجاتهم وترويجها في الآجال المفترضة وفق ما أكّده عضو المكتب التنفيذي للنقابة التونسية الفلاحين محمد الطاهر النابي ل»الصباح الأسبوعي». كما اشار النابي إلى أنّ مربي الدواجن يواجهون إشكاليات عدّة بسبب توريد كميات كبيرة من الدواجن تقف وراءها لوبيات لا تخضع لا للمحاسبة ولا للمراقبة وهو ما قد يدفع إلى سحب كميات كبيرة منها خلال أشهر جوان وجويلية وأوت المقبلة، بسبب فائض الإنتاج وعدم استيعاب السوق لهذه الكميات. في هذا السياق أكّد محمد الطاهر النابي أنه كان من المفترض العودة إلى العمل بنظام الحصص والانطلاق في تطبيقه أواخر 2017 إلا أنه لم يتم ذلك رغم اللقاءات المتعددة مع وزير الفلاحة والصيد البحري سمير بالطيب ووعوده المتتالية لتنفيذه. من جهة أخرى أوضح النابي على هامش ندوة صحفية انتظمت الأسبوع الماضي أن كلا من النقابة التونسية للفلاحين والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والجمعية التونسية لمنتجي بيض الاستهلاك رفضت قرار وزارة التجارة بتوريد مليون و500 ألف بيضة «تفقيس دجاج» الذي صدر مؤخرًا. وبيّن النابي أن مثل هذه القرارات أحادية الجانب لا تراعي مصلحة مربي الدواجن وتعمق أزمة القطاع أكثر خاصة في ظلّ وفرة الإنتاج وعدم تسجيل نقص بالأسواق، ومثل هذه القرارات تتطلب حوارا وطنيا لإعادة هيكلة القطاع وتنظيمه بعد أن أصبح عدد كبير من مربي الدواجن مهددين بالسجن والإفلاس ومغادرة القطاع.