غزة القدسالمحتلة (وكالات) نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس وعده المثير للجدل خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدسالمحتلة، حيث قامت ابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنر بتدشينها رسميا أمس في حفل تضمن كلمة مصورة للرئيس الامريكي، بالتزامن مع ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة فظيعة على حدود قطاع غزة خلفت ما لا يقل عن 52 شهيدا فلسطينيا بينهم ثمانية أطفال وأكثر من ألفي جريح طبقا لحصيلة أعلنتها وزارة الصحة الفلسطينية. واندلعت المواجهات قبل ساعات من قيام الوفد الأمريكي ومسؤولين اسرائيليين بتدشين السفارة الجديدة في حفل رسمي، سار كما كان مخططا له، وتخللته كلمة مصورة للرئيس ترامب قال فيها بالخصوص «أملنا الاكبر هو للسلام» وذلك رغم ان خطوته تسببت بإغضاب الفلسطينيين. وبحسب ترامب فإن واشنطن «تبقى ملتزمة بشدة بتسهيل اتفاق سلام دائم». ومن جانبه، اكد رئيس الوراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو في حفل تدشين السفارة «الرئيس ترامب، عبر اعترافك بالتاريخ فأنك دخلت التاريخ» مؤكدا «نحن في القدس ونحن هنا لنبقى»، فيما قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو أن الولاياتالمتحدة تؤكد مجددا التزامها «بسلام عادل وشامل بين اسرائيل والفلسطينيين». ولم يشر البيان المقتضب لوزير الخارجية الى عشرات الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا أمس برصاص الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة خلال تظاهرات احتجاج على نقل السفارة الامريكية الى القدس، وإحياء ليوم النكبة. مواجهات دامية وقبل ساعات من ذلك، اندلعت المواجهات العنيفة أمس بين المتظاهرين الفلسطينيين في إطار مسيرات العودة وجنود الاحتلال الذين استخدموا مجددا الرصاص الحي لقنصهم قرب السياج الذي أقامه الاحتلال على حدود قطاع غزة المحاصر. وتجمع عشرات الآلاف عند الحدود واقترب بعضهم من السياج الحدودي الإسرائيلي الذي تعهد قادة إسرائيل بعدم السماح للفلسطينيين بعبوره. وتصاعد الدخان الأسود فوق الحدود نتيجة حرق المتظاهرين لإطارات السيارات. وقال مدرس علوم في غزة يدعى علي رفض عدم نشر اسم عائلته «اليوم هو اليوم الكبير، اليوم ندخل الحدود لنقول لإسرائيل والعالم إننا لن نقبل أن نبقى تحت الاحتلال إلى الأبد». وأضاف «سيكون هناك شهداء، ربما الكثير من الشهداء، ولكن العالم سيسمع رسالتنا وهي أن الاحتلال يجب أن ينتهي». وأدت المواجهات إلى استشهاد ما يقل عن 52 فلسطينيا بينهم 8 أطفال على الأقل وإصابة أكثر من ألفي فلسطيني آخر. ومن بين الشهداء صبي في الرابعة عشرة من عمره ومسعف ورجل مقعد نشرت له صور على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يحمل مقلاعا. وزعم الجيش الإسرائيلي إن ثلاثة من الشهداء نشطاء مسلحون حاولوا زرع متفجرات قرب السياج في جنوب قطاع غزة. وقد اطلقت السلطة الفلسطينية أمس نداء عاجلا لجميع دول العالم ومنظماته للعمل على إيقاف «المجزرة» الإسرائيلية ضد المتظاهرين الفلسطينيين شرق قطاع غزة. وقال وزير الصحة الفلسطيني جواد عواد في بيان، إن على جميع دول العالم التي تتغنى وتدعم حقوق الإنسان، الوقوف بشكل جدي لحماية المدنيين العزل. وطالب عواد منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة بالعمل على كبح جماح آلة القتل الإسرائيلية. وأضاف أن عدد الشهداء والمصابين الفلسطينيين في ازدياد مضطرد، وهو مؤشر خطير يكشف عن نية إسرائيلية لإيقاع أكبر قدر من الضحايا في صفوف المتظاهرين المدنيين. ومن جهته، طالب المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود في بيان نشرته وكالة وفا الرسمية للانباء «بتدخل دولي فوري وعاجل لوقف المذبحة الرهيبة التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا البطل» في قطاع غزة. انتقادات دولية وقد أثار عدد الشهداء المرتفع بصورة غير مسبوقة انتقادات دولية لكن الولاياتالمتحدة كررت اتهام إسرائيل لحركة المقاومة الفلسطينية «حماس» بالتحريض على العنف وهو اتهام تنفيه الحركة. ودعا خبراء حقوق الانسان في الاممالمتحدة اسرائيل أمس الى وقف استخدام جميع اشكال القوة المفرطة ضد المحتجين الفلسطينيين كما دعوا الى اجراء «تحقيق محايد ومستقل» في العنف الذي يرتكبه الجنود الاسرائيليون وادى الى مقتل عشرات الفلسطينيين وجرح الآلاف. وقالت لجنة الاممالمتحدة للقضاء على التمييز العنصري انها «قلقة بشأن الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الامن الاسرائيلية ضد المتظاهرين الفلسطينيين». ومن جهتها، أعلنت بريطانيا أمس على لسان متحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي إنها لا تعتزم نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس وما زالت تختلف مع القرار الأمريكي بالقيام بذلك. وأضاف المتحدث في تصريحات للصحفيين «قالت رئيسة الوزراء في ديسمبر، عند إعلان القرار لأول مرة، إننا نختلف مع قرار الولاياتالمتحدة نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل قبل التوصل لاتفاق نهائي بشأن وضع المدينة. مقر السفارة البريطانية في إسرائيل في تل أبيب وليس لدينا خطط لنقلها». فيما أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية عن أن موسكو تخشى من تبعات القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس. ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن دميتري بيسكوف القول للصحفيين إن موسكو تخشى من أن يتسبب القرار في إثارة المزيد من التوترات في المنطقة. وأضاف «نعم، لدينا مخاوف كما أشرنا إلى ذلك من قبل». وكانت 128 دولة من أصل 193 في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد نددت بالقرار الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية المحتلة، ومن بينها دول حليفة للولايات المتحدة على غرار فرنساوبريطانيا. وتتزامن التظاهرات مع إحياء الذكرى السبعين ليوم النكبة الفلسطينية والاحتفال بنقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى مدينة القدس. وتطالب احتجاجات مسيرة العودة في غزة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 11 عاما.