في بلاغ على صفحة التواصل الاجتماعي لرئاسة الحكومة «قرر السيد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إعفاء السيد لطفي براهم وزير الداخلية من مهامه. وتكليف وزير العدل السيد غازي الجريبي وزيرا للداخلية بالنيابة.» وقد فتح هذا البلاغ المقتضب بابا واسعا من التاويل سيما وانه لم يقدم الاسباب الحقيقية لإقالة لطفي براهم في هذا التوقيت بالذات، توقيت ،مشحون بالتوترات السياسية والاجتماعية ،زاد في ترديه الحادثة البحرية بجهة قرقنة والتي راح ضحيتها نحو 60 تونسيا، بالاضافة الى الحديث المتكرر عن سوء العلاقة الحاصلة بين وزير الداخلية من جهة ورئيس الحكومة من جهة اخرى خاصة وان براهم فرض فرضا على الشاهد اثناء التحوير الوزاري المعلن بتاريخ 12 سبتمبر 2017 والمحسوب سياسيا على رجل الاعمال كمال اللطيف وفق العديد من التقديرات. وفي واقع الامر فان القراءات السياسية لاقالة الجنرال براهم لم تخرج عن المدة التي منحها الشاهد لوزير الداخلية من اجل استجلاب وزير الداخلية الأسبق ناجم الغرسلي، لتنتهي مهلة 48 ساعة الممنوحة لبراهم دون ان يكون الغرسلي امام القضاء وهو ما نفاه الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية خليفة الشيباني،ليؤكد «ان رئيس الحكومة أرقى من هكذا تصرفات» نافيا في ذات السياق « تلقي مثل هكذا امهال من قبل رئيس الحكومة». كلها عوامل قد تفضى الى حقيقة واحدة، حقيقة رفضت رئاسة الحكومة الكشف عنها لتزداد معها ضبابية الوضع الراهن ليتسع مربع الشائعات بين من يرى ان امر الإقالة هو عبارة عن عقوبة مؤجلة لوزير الداخلية الذي صنفه منتقدوه بانه بات يشكل العنوان الاول «لانقلاب» ممكن بعد زيارة ممتدة الى المملكة العربية السعودية او ما بات يعرف حينها بالزيارة اللغز التي قام بها لطفي براهم الى الرياض دون اعلام رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبتنسيق مسبق مع رئيس الجمهورية وهو ما كشف عن وجود ازمة حكم على حساب الانسجام والأداء الحكومي في ظل الازمة الاقتصادية والسياسية المتفاقمة. ولَم تكن اقالة الجنرال بمعزل عن المواقف السياسية حيث قال النائب عن كتلة مشروع تونس الصحبي بن فرج في تصريح ل»الصباح نيوز»، ان إقالة وزير الداخلية تأتي في اطار صميم العمل الحكومي، ومن صلاحيات رئيس الحكومة. وأشار بن فرج أن وزير الداخلية المقال لطفي براهم، سجل اخفاقين كبيرين وهما، عدم اعتقال وزير الداخلية السابق ناجم الغرسلي الفار من العدالة، وما حصل في قرقنة من مأساة نتيجة غرق مركب كان يقل مهاجرين غير نظاميين، ووفاة أكثر من 60 شخصا منهم. وأقر بن فرج أن الكلام الموجود على «الفايس بوك» حول وجود صفقات سياسية وراء اقالة براهم غير صحيحة وأن الإخفاقات الأمنية الأخيرة هي التي كانت وراء اقالته. بدوره أقر النائب سهيل العلويني « بعد وفاة 68 مواطنا غرقا و مازال 80 مفقودين مع تقصير أمني اكثر من واضح إقالة وزير داخلية إجراء استثنائي كنت متوقعا ان يؤخذ أمام هذا الامر الجلل. وكل التبريرات الاخرى لتفسير الإقالة من محض خيال الفاسبوك وأدميناته وممتهني سياسة الركوب على الأحداث و التسريبات ..» . من جهتها علقت نقابة الحرس الوطني على اقالة وزير الداخلية وقال الناطق الرسمي مهدي بوقرة في تصريح إعلامي ان "الإقالة كانت منتظرة منذ أشهر لأن المسار الإصلاحي بالنسبة لوزارة الداخلية وخاصة معركة النُقل الأمنية وصلت إلى أوجها وبلغت نقطة اللاعودة بين وزير الداخلية ورئيس الحكومة". وأضاف بوقرة "ليس لنا إشكال مع الاشخاص أو الأسماء ونحن نشدد على ضرورة استمرارية مؤسسات الأمن الجمهوري" وأشار إلى أن النقابات تنتظر إقالة أكبر القيادات الأمنية وتصحيح المسار داخل وزارة الداخلية وإعادة قراءة كاملة وشاملة فيها. يذكر ان وزير الدّاخلية لطفي براهم، اعفى فجر امس 10 مسؤولين أمنيين من مهامهم على خلفية غرق مركب الموت بقرقنة، كما يذكر انه تم تعيين وزير العدل غازي الجريبي وزير داخلية بالنيابة وذلك الى حين التحوير الوزاري القادم.