أعلنت وزارة الداخلية مساء أمس الأول عن اعفاء عشرة مسؤولين بسلكي الأمن والحرس الوطنيين من مهامهم بولاية صفاقس نتيجة للتحريات في ملابسات غرق مركب الحارقين بقرقنة وفي ذات السياق أذن أمس وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بصفاقس بفتح بحث حول ما يروج من أخبار تفيد بوجود تواطؤ أمني في هذه الحادثة. يأتي ذلك بالتوازي مع انتشال 68 جثة ل »الحارقين» الى حدود يوم أمس. وفي هذا السياق ذكر مراد التركي الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس ل»الصباح» أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بصفاقس أذن بفتح بحث تحقيقي حول ما راج من وجود تواطؤ أمني في حادثة غرق مركب الحارقين بقرقنة تبعا لل»فيديو» الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي وهو عبارة عن شهادة لأحد الناجين ذكر فيها انهم قاموا بالاتصال بأعوان الأمن حال تسرب المياه الى المركب فأعلموهم بأنهم سيحلون بالمكان في ظرف زمني لا يتجاوز ربع ساعة ولكنهم لم يحلوا بالمكان الا بعد مرور خمس ساعات بعد ان غرق المركب الذي يقلهم بالكامل. حول هذه الاعفاءات التي تمت اثر فاجعة قرقنة وكذلك الاتهامات التي وجهها بعض المسؤولين للأمن ب«التواطؤ» ذكر رياض الرزقي الكاتب العام المساعد المكلف بالاعلام بالنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي ل «الصباح» ان الاقالات جاءت اثر فتح بحث لتحديد المسؤوليات واعتبر أن الأمني هو الحلقة الأضعف في مثل هذه المواقف حيث يتم تحميله المسؤولية وهو عبارة عن «كبش فداء « يدفع «فاتورة» باهظة ونفى وجود تقصير أو تواطؤ. تقصير وفي ذات الاطار أكد سامي القناوي الكاتب العام للنقابة العامة للحرس الوطني ل «الصباح» ان الاعفاءات التي تمت أمر عادي باعتبار انه من غير المعقول دخول ذلك العدد الهائل من «الحارقين» الى جزيرة قرقنة دون ان يتم التفطن اليهم من قبل أي ان كان من الوحدات الأمنية لذلك من مشمولات وزير الداخلية فتح بحث لتحديد المسؤوليات وأضاف ان من تم اعفاؤهم من مهامهم هم أبرز المسؤولين الأمنيين بالجهة واعتبر ان الاقالات كان يجب ان تكون اشمل واكبر مراعاة لحرمة المواطنين بل ان هؤلاء المسؤولين كان يجب ان تكون استقالتهم تلقائية بالنظر لحجم الفاجعة باعتبار انهم لم ينجحوا في الخطة التي أوكلت اليهم واكد وجود تقصير وضرورة محاسبة المسؤولين سيما ان الامكانيات البشرية والمادية كانت متوفرة لتجنب مثل هذه الكارثة لو توفرت اليقظة. فراغ أمني من جهته ذكر الخبير الأمني علي زرمديني ل»الصباح» أن الأمني في وضع حرج جدا بين الية تطبيق القانون والضغط السياسي والشعبي المفروض عليه وأضاف ان حادثة غرق المركب بقرقنة كارثة ولكن منذ سنتين خلت كان الأمني في قرقنة يتعرض الى هرسلة على جميع المستويات ولما رغب في تطبيق القانون تم الضغط عليه من جميع الجهات لضبط النفس والى اليوم كل تدخل أمني يلتقي مع ضبط النفس ومع هرسلة من أطراف تتداخل مصالحها مع واقع الفوضى الذي تصبو اليه وكانت النتيجة فراغ أمني كبير بقرقنة أدى الى حصول هذه الكارثة ونفى زرمديني تماما وجود تواطؤ من الأمنيين في هذه الحادثة لأن كل مسؤول أمني يعرف أنه متى أخل بواجبه فهو عرضة لعقوبات ادارية وللعديد من الاجراءات الادارية صلب ادارته. الاستعلام ورجح زرمديني امكانية وجود تقصير ولكن السؤال المطروح حسب رأيه هو ماهي الامكانيات التي توفرت للأمني لمحاسبته على التقصير؟ فالمؤسسة الأمنية مرتبكة في اتخاذ الاجراءات في المسائل الداخلية فظاهرة الحرقة لا يمكن التصدي لها الا بالمعلومات فاذا غابت المعلومة يمكن لأي طرف أن يهاجر فقوانين البلاد يجب تطبيقها بحزم وصرامة والمفاهيم الانسانية لا تتجسم في هذه الصورة باعتبار ان «الحرقة» في الأصل جريمة منظمة لها أبعاد خطيرة جدا يجب ان يتجند المجتمع للتصدي لها شأنها شأن الارهاب والتهريب لكننا ننظر الى هذه الظاهرة بسلبية ومن منطلق «دعه يفعل دعه يمر لعله يتمركز في أوروبا ويجد الحياة الكريمة « هذه المفاهيم يجب ان تتغير»فالمسؤولية جماعية وليست مسؤولية رجل الأمن وحده فهو يحاسب على التقصير ولكنني ضد الاقالات على أي مستوى لذلك كان يجب مراجعة الاليات والامكانيات وظروف العمل ويجب ان تكون التغطية الأمنية شاملة ولا نعيش تحت ضغط أطراف بعينها ويجب تطبيق القانون واظهار القوة تحت غطاء القانون حتى لا نلتجئ الى استعمالها يجب ان تعود اليات الاستعلام على شاكلتها لكي تتوفر المعلومة لدى جميع المسؤولين فيما يتعلق بالأمن العام. «مافيا» وأضاف زرمديني ان الأطراف التي شاركت في هذه العملية متمرسة متمرنة وتعرف الفضاء البحري وتدرك جيدا الفضاء البري وقامت بكل دقة بدراسة نقاط ضعفه وقوته لأنهم يمتلكون الطبيعة الاجرامية والحرفية فهم في الأصل بحارة ويعرفون مسالك البحر شأنهم شأن المهربين في البريعرفون المسالك ولهم أساليب متعددة لنقل هؤلاء وتجميعهم حيث اجتمعوا في أماكن متفرقة وعلى مراحل وتم اللقاء في لحظة معينة وفي وقت محدد في نقطة ما وحتى دخولهم الى الجزيرة لم يكن عن طريق «البطاح» فهناك عصابات منظمة تعمل في مجال الربح السهل الذي تلتقي فيه عديد الأطراف والمجموعات في شكل «مافيا» وعلى شكل الارهاب فالتنظيم فيها يكون على نفس الشاكلة وله نفس الهيكلة ونفس المفاهيم والمبادىء مع اختلاف في التنفيذ والعمل في حد ذاته ولكنها تلتقي على مستوى التنظيم الهيكلي والفعل المادي وبالتالي يجب ان تطبق القوانين على الجميع وباليات عمل فالنتائج التي تحققت للحد من ظاهرة «الحرقان» كبيرة في ظل امكانيات ضعيفة وفي ظل ارادة سياسية لم تواجه هذا الحدث وهذا البعد الاجرامي بالحزم المطلوب وبالارادة القوية ولم تتواجد التشريعات القانونية والدليل ان هناك من يحاول «الحرقان» لأكثر من مرة لذلك يجب وضع كل الاليات اللازمة للتصدي لهذه الظاهرة وان نكون في موقع قوة في التعامل مع الاتحاد الاوروبي في هذا الجانب ولا نقبل الاتهامات من أي جهة كانت فظاهرة الهجرة لا تقتصر على تونس فقط بل هي ظاهرة عالمية تتوفر لها الامكانيات المادية والبشرية والظروف المناخية التي تساعد عليها وهذا ما يجب العمل عليه قبل التفكير في سياسة الاقالات غير المجدية لذلك يجب الابتعاد عن تبادل الاتهامات أو تشابك المصالح من أجل بث فوضى معينة فالحل يكمن في تغطية شاملة وكاملة وان تعود اليات الاستعلام الى طبيعتها ويجب ان يقوم كل أفراد المجتمع المدني ومن سياسيين ومن أمنيين بدورهم واعتبر زرمديني ان تحميل المسؤولية للأمني فقط فيه ظلم وحيف في حق المؤسسة الأمنية التي تقدم تضحيات كبرى.