«الاجتياح المقدس» عملية أطلقها قائد الجيش الليبي الجنرال خليفة حفتر الهدف منها استعادة منطقة «الهلال النفطي» الواقعة شمال شرق ليبيا بعد أن نجحت قواته في تحقيق انتصارات واسعة في درنة. وقد أعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي بعد معارك ضارية السيطرة الكاملة على المنطقة وانتزاعها من أيدي حرس المنشآت النفطية - وهو فصيل مسلح غير رسمي يسيطر على المنشآت النفطية في شرق البلاد- برئاسة إبراهيم الجضران. قبل ذلك بأيام كان الجضران قد نجح في السيطرة على ميناءي السدرة ورأس لانوف أهم الموانئ التي يصدر عبرهما النفط الليبي إلى الخارج ولكن قوات حفتر تمكنت من استعادتهما. ما أهمية الهلال النفطي؟ يمتد الهلال النفطي على نحو 250 كلم وتكمن أهميته أساسا في أنه يضم أكبر مخزون نفط في البلاد، كما أن المنطقة تضم كذلك أهم مصافىء النفط ومنشآت التكرير إضافة إلى أهم موانئ تصدير النفط مثل السدرة ورأس لانوف والبريقة. مناء السدرة على سبيل المثال كان يصدر نحو 50% من إجمالي إنتاج ليبيا من النفط الذي كان يتجاوز مليونا و600 ألف برميل يوميا. ليأتي ميناء «رأس لانوف» ثانيا بعد ميناء السدرة. أما ميناء البريقة فيعد منطقة صناعية نفطية. حوض سرت هو الحوض النفطي الأكبر بالهلال يضم 80 % من احتياطات النفط في ليبيا و19 خزانا بسعة 6 ملايين برميل من النفط. وحقل الزويتينة النفطي الذي يقع على بُعد 180 كيلومترا غرب مدينة بنغازي، تبلغ سعته نحو ستة ملايين ونصف مليون برميل، لكن عمليات تكرير النفط متوقفة فيه. رهان استراتيجي ونظرا إلى أهميته الاقتصادية وبالتالي الإستراتيجية فإن الهلال النفطي كان محل صراع متواصل بين قوى مختلفة على امتداد السنوات التي تلت سقوط نظام معمر القذافي. ويواصل لعب دور هام في تحديد من ينجح في تسجيل أكبر عدد من النقاط على طاولة السياسية والمحادثات. فالسيطرة على الهلال النفطي لا تمثل فقط ورقة اقتصادية رابحة نظرا لقيمته في ما يتعلق بإنتاج النفط وتصديره حتى بالرغم من تراجع الإنتاج، فإنه يمثل بالأساس ورقة ضغط في علاقة بالدول الكبرى في المنطقة التي لا ترفع علينها عن منطقة الهلال خاصة أن بعض المؤسسات النفطية في أوروبا أنشئت أساسا لتتعامل مع نوعية النفط الليبي وهو ما يجعل من الهلال النفطي كذلك ورقة ضغط سياسية. ◗ أروى الكعلي محطات متعددة في الصراع على الهلال -سيطرة الميليشيات المسلحة على المنطقة إلى أكتوبر 2011، عندما بسطت كتائب عرفت باسم «الثوار» سيطرتها على المنطقة -في أوت 2012، دخلت الهلال قوات تعرف باسم «الدروع» -في جانفي 2013، سيطر «حرس المنشآت النفطية» بقيادة إبراهيم الجضران على الحوض النفطي -في الفترة بين عامي 2013 و2016، وقعت معارك كر وفر بين عدة أطراف في تلك المنطقة -في جانفي 2016 أُغلق ميناءا رأس لانوف والسدرة بعد أن اشتعلت النيران بخزاناتهما ولحقت أضرار كبيرة بنسبة 48% بخزانات الوقود فيهما. لكن الميناءين فتحا مجددا يوم 29 جويلية 2016 لاستئناف تصدير النفط، بعد التوصل لاتفاق بين حرس المنشآت النفطية وحكومة الوفاق الوطني، ودحر «داعش» عن المنطقة -في سبتمبر 2016، سيطر الجيش الليبي الهلال النفطي بعد التفوق على ميليشيات حرس المنشآت النفطية، ثم عادت معارك واشتباكات لتندلع بين الجيش والميليشيات في محيط المنطقة في الفترة ما بين 2016 و2018. -في جوان 2018، نجح الجيش الليبي في السيطرة منطقة الهلال النفطي، والموانئ التابعة لها.