لم يتوان رئيس الحكومة عند كل مرور له أمام مجلس نواب الشعب عن التشديد على وجوب الإسراع بالمصادقة على قانون الطوارئ الاقتصادية لكن في مروره الأخير لنيل الثقة لوزير الداخلية لم يجدد مطلبه هذا الذي يعد ضرورة ملحة لتجاوز التعطيلات التي تلاقيها المشاريع الكبرى في المناطق الداخلية لاسيما مشاريع البنية التحتية وهو نفس المطلب الذي شدد وزراء حكومة الشاهد على وجوب الإسراع بحسمه من قبل المجلس عقب كل زيارة لهم في الجهات. تعديلات عدة وكانت حكومة الشاهد قد أودعت مشروع قانون الطوارئ الاقتصادية مباشرة إثر نيلها الثقة في أواخر شهر أوت 2016 لتودع هذا القانون في 5 سبتمبر من نفس السنة تحت عنوان «دفع النمو الاقتصادي» والذي تضمن حينها 4 فصول أثارت لغطا شاسعا في المجلس ما أجبر الحكومة على سحبه وإيداعه بصياغة جديدة تحت عنوان «أحكام استثنائية للتسريع في إنجاز المشاريع» تضمن 26 فصلا اعتبرها المعارضون وحتى نواب الائتلاف الحاكم مدخلا للفساد ما دفع إلى سحبه رغم التغييرات الجذرية التي أدخلت عليه من قبل لجنة المالية وتحديدها موعدا للمصادقة عليه برمته. وقامت الحكومة خلال شهر فيفري من سنة 2017 بإيداع نسخة جديدة استجابت خلالها إلى كل ملاحظات النواب إلا أنه تمت المطالبة بإرجاء النظر فيه ليبقى قانون الطوارئ الاقتصادية إلى اليوم معلقا رغم ما يكتسيه من أهمية بالغة. وأمام هذا التعليق تبقى العديد من نقاط الاستفهام مطروحة والتي تتمحور أساسا حول الأسباب الحقيقية لإرجاء النظر في القانون، رغم أنه جاء ليضع حدا للعراقيل التي تحول دون تنفيذ المشاريع وليساعد الحكومة على التسريع في إنجاز مشاريع جديدة وعلى مواصلة إنجاز المشاريع المعطلة. ويعد قانون الطوارئ الاقتصادية ضروريا إذ سيدفع نحو تنفيذ جملة المشاريع التي تمت المصادقة عليها في إطار الندوة الدولية للاستثمار، وما يثير الاستغراب أن لجنة المالية كان بإمكانها إدخال التعديلات التي تراها مناسبة بالإضافة إلى التعديلات التي ستتم المصادقة عليها خلال عرض المشروع على الجلسة العامة بالمجلس. وكانت الحكومة قد تفاعلت في النسخة الأخيرة التي أودعتها بالمجلس مع كل مقترحات التعديل كما عبرت عن استعداها للتفاعل الإيجابي مع مقترحات أخرى إن وجدت، لذا من الضروري وأمام ما يكتسيه القانون من أهمية بالغة بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الصعب وأمام حاجة الجهات الداخلية لمشاريع كبرى من شأنها دفع التنمية فيها الحسم فيه بصفة استعجالية. ملامح قانون الطوارئ ويتضمن مشروع قانون الطوارئ الاقتصادية 17 فصلا ويهدف إلى سن أحكام استثنائية تتعلق بإجراءات وصيغ إنجاز المشاريع الكبرى سواء كانت عمومية أو خاصة ومتابعة تنفيذها استجابة لأولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والجهوي على أن يتم مراعاة مبدأ التمييز الإيجابي بين الجهات في تحديد قائمة المشاريع الكبرى العمومية وضبط معايير تصنيف المشاريع الكبرى الخاصة التي تعتبر ذات أولوية وطنية كما يشدد المشروع على جميع الهياكل العمومية المعنية بإيلاء هذه المشاريع الأولوية في الدراسة والإنجاز وفقا للإجراءات المضبوطة ضمن هذا القانون ونصوصه التطبيقية. كما ينص القانون أيضا على أن خضوع عقود الصفقات وعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعقود اللزمات المتعلقة بإنجاز المشاريع العمومية الكبرى وعقود الدراسات والخدمات المرتبطة بالمشاريع إلى مبادئ المنافسة والمساواة والشفافية والإجراءات ونزاهتها وتبرم بالتفاوض المباشر المسبوق باستشارة. كما يتطرق إلى اختيار المترشح الذي سيتم التفاوض معه على أساس معايير موضوعية تتعلق خاصة بالملاءة المالية والضمانات المهنية. من جهة أخرى ينص على إعفاء العقود المتعلقة بإنجاز المشاريع العمومية الكبرى من التأشيرة المسبقة لمراقبة المصاريف العمومية ومن المراقبة المسبقة للجان مراقبة الصفقات أو الهيئة العامة للشراكة بين القطاعين العام والخاص والهيئة العليا للطلب العمومي ومن المصادقة المسبقة لهياكل التسيير والمداولة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل. كما ينص القانون على إحداث وحدة تسمى «وحدة المشاريع الكبرى» لدى رئاسة الحكومة تتولى دراسة ملفات المشاريع الخاصة الكبرى التي يعرضها عليها الوزير المكلف بالاستثمار وتقييمها من حيث الجدوى الاقتصادية والاجتماعية. مع التأكيد على إسناد الرخص والموافقات الإدارية المستوجبة وفق التشريع الجاري به العمل وبعد أخذ الرأي المسبق والمعلل للهياكل العمومية المعنية مع متابعة تقدم إنجاز المشاريع الكبرى وتقديم مقترحات إلى رئيس الحكومة بخصوص ما تستوجبه من إجراءات خصوصية وحلول لرفع العراقيل التي قد تعترض إنجازها وضمان تنفيذها بالتنسيق مع جميع الأطراف المتداخلة، كل هذا إلى جانب متابعة تقدم إنجاز المشاريع الكبرى والإشكاليات التي تحول دون تنفيذها ورفع تقارير دورية إلى رئيس الحكومة في شأنها.