استقبلنا الباحث في علم المناخ وكاتب عام الجمعية التونسية للتغيرات المناخية والتنمية المستديمة زهير حلاوي في مكتبه بكلية 9 أفريل حيث حدثنا ولمدة تتجاوز الساعة عن التغيرات المناخية محاولا تبسيط المفهوم والنتائج. وقد أبرز أن هنالك نوعين لتغير المناخ:تغير مناخ طبيعي وعاد ويتم على مستويات زمنية مختلفة صيفا وشتاء ،اختلاف المناخ من يوم إلى آخر ومن عقد إلى آخر نتيجة تفاعلات في الجو والمنظومة المناخية وتغير مناخي يلعب فيه الإنسان دورا جوهريا. وقد لاحظ العلماء زيادة في تركز الغازات الدفيئة في الجو منذ الثورة الصناعية فأرجعوا الاسباب للعامل البشري. كما ظهرت غازات جديدة لم تكن موجودة في الطبيعة ناتجة عن الإنتاج البشري. ولاحظ العلماء كما يبرز محدثنا أن هنالك علاقة بين ازدياد تركز الغازات الدفيئة في الجو وارتفاع درجات الحرارة. ولكن مساهمة بلدان العالم ليست متساوية في انبعاث هذه الغازات ومساهمة تونس من الغازات الدفيئة لا تتجاوز 0.07% ولكن لا يعني ذلك أن البلدان التي لا تساهم بشكل كبير في انبعاث هذه الغازات لا تتأثر بنتائج التغير المناخي. تونس عرفت ارتفاعا في درجات الحرارة يشير الباحث في علم المناخ في تصريحه ل«الصباح الأسبوعي» إلى أن الدراسات التي قام بها باحثون تونسيون تبرز أن تونس أيضا عرفت ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة خاصة إذا ما قارناها ببداية القرن الماضي. وارتفاع درجات الحرارة هو أول مظهر من مظاهر هذه التغيرات المناخية. والدراسات في العالم تتحدث عن زيادة من 2 إلى 4 درجات في الحرارة بحلول سنة 2100. ولكن عندما ترتفع درجات الحرارة تكون هنالك انعكاسات أخرى، فالثلج الدائم في قمم جبال الهيماليا والآلب وغيرها –كما يفسر محدثنا- الموجود طيلة السنة يذوب ويتسرب إلى الوديان ومن ثمة يتوجه إلى البحر وبالتالي ينجر عنه ارتفاع سطح البحر. كما أن البحار كأي عنصر في الطبيعة يتمدد ويتقلص وبالتالي فإنها بارتفاع درجات الحرارة ستتمدد وهذا سيزيد من ارتفاع مستوى سطح البحر. في تونس يتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر بنصف متر في غضون سنة 2100. وهنا يبرز حلاوي أن أجزاء من أرخبيل قرقنة مهددة بالغمر ذلك أن الأرخبيل يعيش انخسافا طبيعيا ويعني ذلك أن الطبقة التكتونية بصدد الانخفاض ومع ارتفاع مستوى سطح البحر يعني هذان العاملان معا أن هنالك مناطق من أرخبيل قرقنة ستغمر بالمياه، إلا أن محدثنا يؤكد أنه لا يمكن تحديد التاريخ الذي يمكن أن يتحقق فيه هذا الأمر. أما جزيرة جربة فهي غير مهددة بالغمر بالمياه حسب ما أبرزه الباحث في علم المناخ ردا على سؤالنا بهذا الخصوص. اضطراب في نظام الأمطار في بعض البلدان يفيد محدثنا أيضا أن التغيرات المناخية ينجر عنها نقص في الأمطار ولكنه يوضح أننا في تونس لا نتحدث عن شح أو نقص في الأمطار وإنما عن اضطراب في نظام الأمطار. وقد توصل إلى ذلك بحسب الدراسات التي قام بها وشملت فترة واسعة بدأت من سنة 1900 والتي تثبت وجود اضطراب في الأمطار وليس نقصا فيها. نظرا إلى أنه عندما قارن كل هذه السنوات لم يجد أن المعدل السنوي للأمطار قد سجل نقصا واضحا ولكن نظام الأمطار هو الذي عرف اضطرابا كما أن حدة وفترة الجفاف أو الإمطار تكونان قويتين. تهدد التغيرات المناخية كذلك المنظومات البيئية الهشة مثال ذلك بحيرة اشكل كما تم تسجيل وجود كائنات حية في البحر من المفترض ألا تكون موجودة في المتوسط، والمفروض تكون في البحر الأحمر لأن درجة حرارة الماء هنالك أكبر من المتوسط. هذه الكائنات الجديدة يمكن أن تكون «غازية» وأن تحتل أماكن بعض الكائنات المنتمية للمتوسط. اضطراب الأمطار والنشاط الفلاحي إذا اضطرب المناخ اضطرب النشاط الفلاحي أيضا هكذا يبرز محدثنا إذ سيتأثر باضطراب الأمطار ولكن حتى جودة المياه ستتأثر. فنتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر تتسرب مياهه إلى المائدة المائية مما يؤدي إلى تملحها. التغيرات المناخية يمكن أن ينجر عنها أيضا زيادة في انتشار الأمراض وظهور أمراض جديدة وهنالك روابط بين اللاشمانيا والتغيرات المناخية ويتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى ارتفاع الإصابات بهذه الأمراض، بحسب محدثنا. ويبرز محدثنا أن ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بالتغيرات المناخية ولكن ربط بقية الظواهر بالتغيرات المناخية هو ما تدرسه عديد الدراسات الحالية. ويوضح أنه قد تكون هنالك جوانب إيجابية نتيجة التغيرات المناخية منها على سبيل المثال طول الموسم السياحي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. المناطق المهددة أما عن أكثر المناطق المهددة نتيجة التغيرات المناخية فهي بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وبلدان المحيط الهادي مثل جزر المالديف المهددة بالغمر بالماء .