ليلة الأحد المنقضي شهد مسرح قرطاج أحد أفضل سهراته على المستوى الموسيقى كيف لا ومايسترو عرض الفنانة هبة طوجي «ابن الرحابنة»، تخرج من أعرق مداس الغناء العربي.. سمة يدركها جمهور قرطاج، الذي صفق طويلا لأسامة الرحابني مع اعتلائه الركح وتفاعل بحضوره أكثر من تفاعله مع مطربة السهرة عقب إطلالتها.. في ليلة 29 جويلية المنقضية تألقت هبة طوجي المتمكنة والمنضبطة فنيا فهذه الفنانة، التي تمكنت في سنوات وجيزة من تحقيق مكانة خاصة في المشهد الموسيقي العربي والدولي وهي اليوم البطلة الرئيسية لمسرحية «notre dame de paris» وتجوب العالم في عروض ضخمة لم تستسهل عرضها الخاص بمهرجان قرطاج الدولي وقدمت طبقا غنائيا راقيا، يعكس الكثير من موهبتها واجتهادها في التجديد والبحث لتمضي مع شريكها أسامة الرحباني مشروعا فنيا مختلفا عن السائد في المشهد الموسيقي العربي. تلميذة الرحابنة اعتمدت على أغانيها الخاصة في بداية السهرة فغنت أشهرها: «يمكن حبيتك»، «مين باختار»، «حلم»، «خلاص»، «وحدي لحالي» «طريق» و«يا حبيبي» من كلمات الراحل منصور الرحباني كما أجادت خيارها الغنائي بالفرنسية فتألقت في «mon amie la rose» لفرانسواز هاردي وحيت الجمهور التونسي بترديد إيقاعات «سيدي منصور» وغناء «آه يا خليلة» للراحلة صليحة ولم تترك الفنانة اللبنانية الركح دون أن تشدو بتميز أغنية فيروز «يا سهر الليالي».. وتواصل سهر الليالي على ركح قرطاج أكثر حماسة في ليلة الرقص وإيقاعات موسيقى البلوز والجاز والروك مع «غوسبال» ل100 صوت فكانت سهرة الاثنين 30 جويلية استثنائية مع أصوات تغني للسلام والحب مرتدية البياض وترقص للحياة فغنت مع بداية السهرة نشيد السلام «We've come to praise » وأشعلت الفنانة الأمريكية «جين كاربنتر» مدارج قرطاج حماسا بغنائها وصوتها القوي وهي تردد «SweepingThrough the city « وكان لحضور أشهر فناني الغوسبال العالميين «آل ساندارس» وقعه الخاص في سهرة مجموعة «غوسبال ل100 صوت» السهرة الأكثر حضورا وإقبالا جماهيريا وكما كان متوقعا تدافعت الجماهير لحضور سهرة «القيصر» كاظم الساهر حتى أن عددهم فاق طاقة الاستيعاب وتسبب في بعض المشاكل بين جوانب المسرح خاصة في المدارج الأخيرة ولئن تعتبر هذه السهرة من أكثر السهرات الناجحة فنيا وجماهيريا إلا أن المستوى التنظيمي شهد بعض الثغرات خاصة حين يكون طرف من المنظمين وراء السماح بدخول عدد من الجماهير دون تذكرة أو دعوة وبطاقة مخصصة لمواكبة السهرة وهو ما تسبب في كثير من الفوضى وفي عدم تمتع من دفع ثمن تذكرته بالسهرة حتى أن عددا من جمهور الفنان العراقي ورغم اقتطاعه لتذكرة لم يتمكن من مواكبة السهرة في الظروف المذكورة. سهرة الثلاثاء 31 جويلية شهدت تضاعف عدد جماهير القيصر فرغم شعبية هذا الأخير إلا أنه يدرك أن الاستمرارية والنجاح تتطلب مجهودا أكبر لذلك لم يبخل الساهر على جمهوره بالجديد الفني والمشاريع الموسيقية فراوح بين القديم والحديث من الأعمال دون أن يبارح كلاسيكيته في التعامل مع معجبيه ولئن بهره في أحيان كثيرة التفاعل القوي من جماهيره التونسية إلا أن قدرته على السيطرة «الأنيقة» على السهرة تواصلت إلى ما بعد منتصف الليل بقليل ليغادر الجمهور وهو يردد «هل عند شك»، «يضرب الحب»، «لا تتنهد»، «أحبيني»، «دلوعتي»، «كتاب الحب»، «أحبك جدا»، «هذا اللون». مع بداية سهرات شهر أوت عادت ليالي قرطاج للإيقاعات فكانت سهرة الشباب والبهجة في الدورة الرابعة والخمسين لمهرجان قرطاج مع النجم الفرنسي «كنجي جيراك».. جمهوره الاستثنائي كان في الموعد مع الرقص والغناء وإيقاعات الفلامنكو فردد مع نجمه المفضل أشهر أعماله على غرار «conmigo» وAndalouse»، «je roule»، «elle m' aime»، «color gitano و «pour oublier». سهرة الدبكة والإيقاعات اللبنانية مع الفنان ملحم الزين الغائب منذ أكثر من تسع سنوات عن مسرح قرطاج كانت ليلة الخميس المنقضي لافتة فإلى جانب الصوت القوي والمميز لملحم زين كان تصور السهرة مفعما بالحماس مع فرقة «سيف الشام» وردد المطرب اللبناني أشهر أغانيه صحبة الجمهور التونسي فغنوا معا «غيبي يا شمس غيبي»، «ظلي اضحكي»، «شو جابك ع حينا يا صغيرة»، «أنت مشيتي» ، «نامي ع الهدا»، «عالأواه»، «ممنونك أنا»، «بدي حبك»، «ردوا حبيبي»، «الجرح اللي بعدو»، «كل مرة» ليختم السهرة بتكريم الفنانة «ذكرى» وغناء من أعمالها «وحياتي عندك» ثم «عندك بحرية» للراحل «وديع الصافي». ورغم أن الأحوال الجوية تسببت في إلغاء عرض السبت 4 أوت للفنان التونسي الشاب حسان الدوس ولم نشاهد بعد هل سيتمكن هذا الفنان المجتهد من جذب جمهور قرطاج لعرضه إلا أن الأسبوع الثالث من مهرجان قرطاج كان الأكثر حماسا وتميزا وإقبالا من قبل الجماهير التونسية.
