لم يتجاوز موعد انطلاق التخفيضات الصيفية في بلادنا يومه الرابع، حتى بدأت ملامح الحركة التجارية تتضح بنسق متباطئ على غير العادة التي دأبت عليها في مثل هذا الموعد التجاري السنوي وفق ما أكده أمس رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله. فعادة ما يكون «الصولد» فرصة للتونسيين لاقتناء حاجياتهم من الملابس واهم المواد الاستهلاكية التي يفترض أن يوفرها موسم التخفيضات باسعار اقل حسب ما أعلنت عنه وزارة التجارة منذ فترة في بلاغ رسمي وحددت فيه نسبة التخفيضات من 20 إلى 80 بالمائة. ويبدو أن أهم أسباب عزوف التونسيين وتراجع إقبالهم على المحلات التجارية مواكبة ل»لصولد الصيفي»، هي تواصل انهيار مقدرتهم الشرائية أمام ارتفاع الأسعار حتى تصل نسبة التضخم مؤخرا إلى حدود ال 7.8 بالمائة حسب ما أفاد به رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله. تواتر المناسبات كما تعتبر ظاهرة تزامن وتواتر المواسم الاستهلاكية من أهم الأسباب المباشرة، هذه الظاهرة التي برزت في السنوات الأربع الأخيرة ومثلت مشكلة لدى التونسيين باعتبار تزامن العطلة الصيفية مع عيدي الفطر والأضحى تليهما مباشرة العودة المدرسية. هذه المواعيد الاستهلاكية التي تفرض على المستهلك التونسي الكثير من المصاريف وتتطلب تكاليف باهظة، وهذا ما كشفته الدراسة حول التداين والاستهلاك الأسري للقروض التي أنجزها المعهد الوطني للاستهلاك في السنة المنقضية حول ارتفاع استهلاك التونسي في هذه الفترات من السنة. هذه الدراسة التي كشفت حجم التداين الأسري في تونس حسب المؤشرات التي قدمها المعهد الوطني للاستهلاك والتي تفيد بأن نحو 850 ألف أسرة تونسية متحصلة على قرض بنكي من مجموع 2.7 مليون أسرة، وهو ما يشير إلى أن الأسر التونسية اليوم مدانة للبنوك بأكثر من 22 مليار دينار، بعد أن كانت لا تتجاوز ال10.7 مليار دينار سنة 2010. وحول نوعية القروض، بينت ذات الدراسة أن نسبة 80 بالمائة من مجموع هذه القروض الاستهلاكية موجهة أساسا إلى نفقات السكن من تحسين وتوسعة، أي ما يعادل ال8500 مليون دينار، تليها القروض الاستهلاكية قصيرة المدى التي لا تتجاوز الثلاث سنوات كمدة سداد بما يناهز ال3500 مليون دينار وفي مرحلة موالية تأتي قروض شراء السيارة والقروض الجامعية. حجم القروض العائلية وحول أهم الأسباب المباشرة التي تعود إلى ارتفاع حجم القروض البنكية، اعتبر طارق بن جازية مدير المعهد الوطني للاستهلاك في تصريح سابق ل«الصباح» أنها تعود أساسا إلى تغير النمط الاستهلاكي لدى التونسيين بعد أن بات التونسي اليوم يميل أكثر إلى الاستهلاك علاوة على ظهور سلوكيات جديدة من قبيل نفقات الترفيه التي أضحت من الكماليات التي ينفق عليها التونسي الكثير، فضلا عن ظهور أبواب جديدة للنفقات على غرار نفقات التعليم ونفقات الصحة والعناية بالجسم ونفقات الاتصالات، إلى جانب تواصل تدهور المقدرة الشرائية.. وبشان الحلول التي يمكن أن تخفّض من حجم ديون التونسيين لدى البنوك التي تضاعفت بمرتين بين 2010 و2017، أشار بن جازية إلى أهمية برمجة الشراءات وبرمجة النفقات وعقلنتها مع ضرورة ترشيد الاستهلاك، مضيفا أن الادخار لدى الأسر يبقى الحل الأبرز خاصة انه عرف في السنوات الأخيرة تراجعا من 11.3 بالمائة سنة 2010 إلى 8.8 بالمائة سنة 2014. ويبقى تواتر المواسم الاستهلاكية من ابرز الأسباب التي رفّعت من حجم التداين الأسري في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت العطلة الصيفية تتزامن مع عيدي الفطر والأضحى ويليهما موعد العودة المدرسية، لتساهم بالتالي هذه المناسبات في تسجيل ارتفاع كبير في الاستهلاك.