أفاد أمس الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية أيمن المكي بان المخزون الاحتياطي من الأدوية عاد تدريجيا لنسقه العادي بعد أن شهد ارتفاعا في حجم الكميات المتوفرة في السوق الوطنية للأدوية بداية من الأسبوع الفارط، مشيرا إلى أن هذا التحسن تزامن مع التفاعل الايجابي للمخابر الأجنبية مع قرارات المجلس الوزاري الذي انعقد بتاريخ 11 جوان المنقضي. كان ذلك خلال المائدة المستديرة التي نظمها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية حول قطاع الأدوية في تونس . وبعث الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية برسائل طمأنة للتونسيين في ما يتعلق بتحسن نسق تزويد السوق بالأدوية بعد أن قدر المخزون إلى حدود 31 جويلية الماضي ب 88 يوم من الاحتياجات الوطنية للاستهلاك، مضيفا انه قد تم الترفيع في حجم كميات الأدوية التي شهدت اضطرابات في الآونة الأخيرة على غرار مادة الأنسولين من المخبر الفرنسي والألماني والتي من شانها أن تغطي الاحتياجات الوطنية بحوالي الشهرين. وفسر المدير العام أن مادة الأنسولين تتخذ عدة أنواع منها المادة الأكثر استعمالا وشيوعا لدى المستهلك التونسي وهي المدعمة من الدولة ب 90 % وهي الآن متوفرة ويتجاوز الاحتياطي ال5 أشهر ونصف، مؤكدا على ضرورة الابتعاد عن التخزين التلقائي للأدوية مادامت الكميات متوفرة في أسواقنا. وأوضح المسؤول بالصيدلية المركزية أن الشحنات الموردة من الأدوية وصلت بلادنا بداية من 1 أوت الجاري، مؤكدا أنه سيتم الاتفاق مع جميع الأطراف المتدخلة في القطاع لضمان حسن سير نسق التوزيع حتى تصبح كل أنواع هذه الأدوية في متناول المرضى بداية من الأسبوع المقبل. وحول أسباب أزمة نقص الأدوية التي برزت في الآونة الأخيرة وشغلت التونسيين، أرجعها المكي إلى وجود تراكمات هيكلية عمقت الأزمة المالية للصيدلية المركزية، مبينا أنها ليست وليدة اللحظة بل أضيفت إليها بعض الأسباب من بينها انزلاق الدينار الذي عمق الخسائر المالية الصيدلية المركزية، فضلا عن الصعوبات المالية التي تعاني منها الهياكل العمومية والتي على رأسها عدم سداد مستحقات الصيدلية المركزية مما تسبب في ارتفاع المتخلدات إلى أرقام قياسية. وأكد المكي أن قيمة المتخلدات بلغت 880 مليون دينار في الوقت الذي يتراوح فيه رقم المعاملات الصيدلية المركزية بين 1200 و1300 مليون دينار سنويا، وهو ما اضطر هذه المؤسسة إلى أن تجد نفسها في وضع سيئ بين مطالب المخابر الأجنبية وبين الاستهلاك المحلي الذي اتخذ منذ فترة نسقا تصاعديا مع ارتفاع الطلب، فضلا عن المشاكل التي انجرت عن التهريب والأسواق الموازية. واعتبر المسؤول بالصيدلية المركزية أن ضخ سيولة في حدود 500 مليون دينار لفائدة الصيدلية المركزية فضلا عن توفير اعتمادات تصرف لها شهريا في حدود 50 مليون دينار سيضمن انتظامية التزويد بالأدوية طبقا لقرارات المجلس الوزاري المنعقد يوم 11 جوان 2018، مشددا على ضرورة إحداث صندوق لدعم الصناعات الدوائية للنهوض بالمؤسسات الناشطة في القطاع وضمان توفير الأدوية في الأسواق. من جهته، أفاد الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين عن المرض البشير الايرماني، أن الصندوق يتولى شهريا صرف مستحقات مالية بقيمة 23 مليون دينار لفائدة الصيدلية المركزية، مشيرا إلى أن مقتنياته السنوية من الأدوية من الصيدلية المركزية تناهز ال 322 مليون دينار. وأكد المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية ناجي جلول، على حساسية قطاع الأدوية في بلادنا وأهميته البالغة في ما يتعلق بتنظيمه المحكم منذ الاستقلال وعدم تعرضه لأي نوع من الإشكاليات، منبها من مغبة حملة التشويه التي طالت الصيدلية المركزية وتداعياتها المحتملة على واقع الأدوية في تونس. وبين جلول في ذات السياق، أن أزمة الصيدلية المركزية تعكس ما يمر به القطاع الصحي برمته من صعوبات، مشيرا إلى انه لا يجب تحميل الصيدلية المركزية لوحدها مسؤولية حدوث هذه الأزمة التي طالت القطاع برمته. وفي محاولة لتحسين تزويد السوق المحلية من الأدوية في المستقبل، أكد الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية، على توجه الدولة في الترفيع في نسبة الأدوية الجنيسة المصنعة محليا من 50 بالمائة حاليا من مجموع الأدوية إلى 70 بالمائة بحلول سنة 2023 وذلك في إطار برامج للتعاون الدولي مع المؤسسات المالية الدولية.