يعدّ سوق الدّواب بمدينة القلعة الكبرى واحدا من بين أبرز الأسواق الأسبوعيّة بالولاية حيث يتوافد عليه مربّو المواشي والأبقار والتجّار «الجلاّبة» من مخلف المعتمديّات المجاورة على غرار النّفيضة وكندار وسيدي بوعلي وشطّ مريم ومساكن.. وهو ما يفسّر توافد وإقبال عدد كبير من المواطنين ممّن يريدون قضاء حاجاتهم واقتناء ما تستوجبه الأفراح والمسرّات والأعياد من عديد المدن المجاورة. «الصّباح» قصدت السّوق الأسبوعيّة للأغنام بهدف معاينة مدى توفّر المنتوج والتعرّف على أسعار الخرفان إلى جانب رصد الحركيّة التّجاريّة ومدى إقبال المواطنين على شراء الأضاحي قبيل أقلّ من أسبوعين عن حلول عيد الأضحى. خلال جولة صباحيّة بالسّوق أمكن الخروج بملاحظة أولى تتعلّق بتسجيل وفرة في المنتوج المعروض من الخرفان بأحجام مختلفة وبأسعار متفاوتة تراعي الإمكانيّات الماديّة المختلفة للشّاري حيث تراوح سعر الخروف ما بين 350دينارا و700دينار وهو ما يتناسب تقريبا والتّسعيرة التي تمّ بموجبها ضبط سعر «البركوس» الذي يتجاوز وزنه 40كلغ عند البيع ب11دينارا للكلغ الواحد حيّ و11دينارا ونصف بالنّسبة للخروف دون 40كلغ وهو ما جعل أحد المواطنين يؤكّد على حدّ تعبيره بأنّ «الأمور محسوبة بالورقة والقلم» في إشارة إلى أنّ التجّار»القشّارة» الذين كانوا متواجدين بكثافة في السّوق يطرحون الأسعار بعد القيام بعمليّة وزن الخرفان وهو ما يحرم «الوكّال» من امكانية الاستفادة ببعض الكيلوغرامات بالمقارنة بأسعار ما يباع من خرفان في «الرّحبة» بحساب الكيلوغرام، في حين أبدى العدد القليل جدّا من الفلاّحين المتواجدين تذمّراتهم وتشكيّاتهم من غلاء الأعلاف وانتشار سرقة المواشي واعتبروا أنّ الأسعار المرجعيّة لا تغطّي نفقاتهم وليست في مستوى جسامة تضحياتهم مشيرين إلى حالة الكساد والرّكود التي ميّزت نسق البيع والشّراء. فأغلب المواطنين يكتفون بالمعاينة وتحسّس محرار الأسعار دون أن يبدوا استعدادا لاقتناء أضاحي وتوقّع البعض بأن تستمرّ حالة العزوف عن شراء الأضاحي مرجعين أسباب ذلك إلى تضرّر المقدرة الشّرائيّة للمواطن بشكل كبير في ظلّ الإرتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائيّة والأدوية.. وهو ما سيزيد في تعميق معاناة الفلاّح الذي يمثّل الحلقة الأضعف ضمن السّلسلة ليضطرّ إمّا إلى البيع بالخسارة وتعزيز حظوظ الوسطاء أو مقاطعة نشاط تربية الماشية مستقبلا. وعبّر عدد من الحرفاء عن تمسّكهم بحقّ أطفالهم في الفرحة بكبش العيد وهو ما جعلهم يتوافدون على أكثر من سوق للأغنام بمناطق مختلفة من الولاية بهدف تحيّن الفرصة المناسبة التي يظفرون خلالها بكبش سمين وبسعر معقول بما يشفع لهم عند زوجاتهم ارتكابهم مجازفة شراء كبش العيد في وضع اقتصادي صعب يتميّز بتتالي المحطّات الإنفاقيّة للأسرة بداية بشهر رمضان وعيد الفطر مرورا بموسم الأعراس وصولا إلى النّفقات المنتظرة للعودة المدرسيّة والجامعيّة وما تستوجبه من نزيف في الأموال، إلاّ أنّهم ما زالوا لم يغنموا بضالاّتهم في ظلّ الأسعار المطروحة في السّوق التي حسب رأي الكثيرين تستوجب المراجعة والتّعديل. حيث عبّر أحد المواطنين عن التحديّات التي يواجهها التّونسي في هذه المرحلة والمفارقة بين المنشود والموجود بقوله «..إنّ الرّغبة والعاطفة تدفعان كلّ مواطن تونسيّ محدود الإمكانيّات نحو اقتناء كبش يدخل به أجواء البهجة والفرحة في قلوب عياله وصغاره.. غير أنّ صوت العقل يحول دون تحقيق هذه الرّغبة ويدفع بقوّة في اتّجاه تخصيص ثمن شراء الكبش فيما يسهم في تأمين حسن انطلاق سنة دراسيّة تعلّق عليها عديد الأسر التّونسيّة آمالا واسعة».