المؤشرات التي ينتجها معهد الإحصاء لا تخضع لا للابتزاز ولا للتغيير وهي تتم وفق منهجيات علمية دقيقة يستحيل التلاعب بها». الهادي السعيدي أكّد أن تعيينه تم زمن حكومة الكفاءات الوطنية مع مهدي جمعة وأن ذلك بهدف إبعاد المعهد عن كل محاولات التوظيف السياسي والحزب والنأي به عن كل الصراعات والتجاذبات. قائلا «أن من يريد إقحام المعهد في صراعات حزبية من خلال استغلال بعض ضعاف النفوس ومن يريد توظيف أو ابتزاز أو ضرب معهد الإحصاء سيفشل».. مدير معهد الإحصاء أكّد أيضا أن المعهد يحتفظ بالأرشيف وبكل البيانات المتعلّقة بالتعداد العام للسكّان والسكنى كما وردت «من الميدان في صبغتها الخام بدون أي معالجة» وفق تعبيره، مضيفا «ونحتفظ أيضا بالإحصائيات المعالجة ومن يشكّك يمكنه بحكم قانون النفاذ إلى المعلومة الولوج إلى هذه المعطيات ومقارنتها بصفة دقيقة وسيتثبّت بنفسه أننا لم نتصرّف مطلقا في المعطيات.. وأن المؤشرات المعلن عنها متناسقة في المكان وفي الزمن». ولم يخف الهادي السعيدي ان المعهد يفتقد إلى قانون أساسي جاري العمل عليه كما أنه المؤشّر الإحصائي لإعداده يفترض إمكانيات مادّية ولوجستية وأن هذه الإمكانيات أحيانا لا تكون متوفّرة بالشكل المطلوبة وهو ما قد يؤثّر سلبا على جودة العملية الإحصائية. لو تلخّص لنا مهام المعهد الوطني للإحصاء وطريقته في إنتاج المؤشرات الإحصائية؟ المعهد سيحتفل في 2019 بالخمسينية ومهمّته الرئيسية هي إنتاج المعطيات الإحصائية في كل الميادين الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية، الصحية، البيئية، وعلى كل المستويات محلية، جهوية وطنية ووضع هذه المعطيات الإحصائية على ذمّة المستعملين جميعا، يعني الحكومة كمستعمل، المعارضة كمستعمل، المجتمع المدني كمستعمل، وسائل الإعلام والباحثين والمنظّمات الدولية كمستعمل، وبالتالي فان المعهد يُنتج معطياته الإحصائية ليس لجهة معينة ولكن لكل من يرغب في استعمال أو يحتاج إلى استعمال هذه المعطيات الإحصائية بما في ذلك الفاعلين الاقتصاديين سواء في القطاع العام أو الخاصّ الذي يتطلب منّا وبشكل يومي معطيات حول النسيج الاقتصادي وحول المؤشرات الاقتصادية وهناك هيكل بأكمله معني بمتابعة هذه الطلبات. كما أننا لا نتدخّل في الجانب السياسي . قبل الثورة هل تم فعلا توظيف المعلومة الإحصائية سياسيا؟ قبل الثورة من المؤكّد أن المعهد يشتغل وفق الطرق والمناهج العلمية المُتعارف عليها وينتج المعطيات الإحصائية وفق المعايير المعروفة، الإشكالية الوحيدة التي كانت قائمة قبل الثورة هو رغبة النظام السياسي في عدم الكشف عن هذه المعطيات الإحصائية، مثلا مؤشّر «مزعج» للسلطة لا يكشفه للرأي العام .. ولكن على مستوى الإنتاج الإحصائي وعلى مستوى المناهج المعتمدة فانه لا يمكن التلاعب بها أو توظيفها.. إذن الإشكالية هي في تعاطي المستعمل مع المعطى الإحصائي. كيف يتعامل معهد الإحصاء مع المنظّمات الدولية؟ أي منظّمة تحلّ بتونس يكون لديها «مرور إجباري» بمعهد الإحصاء، مثل صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي كل مهمّة لهذه المنظّمات في تونس تقتضي المرور بمعهد الإحصاء، للاطلاع على كل المؤشرات المنتجة أو تلك التي سيتم إنتاجها.. هل هناك قيود عند الحصول على المعلومة الإحصائية؟ المعطيات الشخصيات من أبرز القيود التي نلتزم بها قبل الكشف عن المعلومة الإحصائية. والقانون الإحصائي لسنة 1999 يذكر ضرورة حماية المعطيات الشخصية وأن هذه المعطيات محمية بالسرّ الإحصائي ولكن لم يذكر كيفية حماية هذا السرّ الإحصائي عند استغلالها ولكن المعهد وضع على عاتقه مهمة حماية هذه المعطيات بطريقة لا تقبل أبدا الاستثناء والتي تعتمد بالأساس حماية المعطيات الشخصية من هوّية ومقر الإقامة الخ.. وقبل الاستجابة لطلبات الجهات المستعملة أي كانت الجهة يقوم المعهد بحجب وإخفاء المعطيات الشخصية للمواطنين.. ونقصد بالمعطيات الإحصائية سواء تلك المتعلّقة بالأشخاص أو بالمؤسسات. هذه المعطيات الشخصيات لا يمكن لأي أحد مهما كان الولوج إليها أو استعمالها أو «توظيفها».. المعطيات الأخرى جميعها يقوم المعهد بالمعالجة الإحصائية اللازمة لها ثم يضعها على ذمّة العموم ويتم توفيرها لكل المستعملين مجانا. كيف تردون على حملة التشكيك في المعطيات الإحصائية التي قدّمها التعداد العام للسكّان والسكنى لسنة 2014؟ أوّلا لا بدّ من التوضيح أن التعداد العامّ للسكاّن ليس بجدي فنحن منذ ما ن قبل الاستقلال وتونس تقوم بعملية التعداد السكاني 1921.. وتعداد 2014 هو أوّل تعداد بعد الثورة، ومن الطبيعي أن كل عمل بعد الثورة رافقه جدلا ونحن قبل البدء في التعداد. التشكيك موجود دائما وطبيعة العمل الإحصائي في كل الدول تحتمل التشكيك لكن ما أؤكّده بالنسبة لتعداد العام للسكّان والسكنى لسنة 2014 وهو ما تكشفه بوضوح التقارير الدولية ومنها الخبير الأمريكي الذي اشتغل على التعداد العام لسكّان والسُكنى أن التعداد العام للسكّان والسكنى لسنة 2014 يعتبر من أحسن التعدادات التي أجراها المعهد الوطني للإحصاء على مستوى الإمكانيات المرصودة وعلى مستوى العمل الميداني وعلى مستوى المراقبة ومعالجة المعطيات الإحصائية وبالتالي لا يمكن لأحد التشكيك في هذا العمل الإحصائي ومن لديه أدنى تشكيك فنحن مستعدون لمواجهته وأمام الرأي العام –لا كما يفعل بعض المتخفين خلف البلاتوهات أو أولئك الذين يستعملون منبر البرلمان للتشهير وللمغالطات - لأنه ليس لدينا ما نخاف منه او نخفيه، ومن يزعم أنه يملك معطيات حول تلاعب بالإحصائيات ما عليه إلا أن يواجهنا أمام الرأي العام وعليه نحن واثقون أننا سنفنّد مزاعمه بالحجة والبرهان.. العمل الإحصائي عمل تقني كل خلل أو خطأ فيه يمكنه كشفه بسهولة ولا يمكن لأكبر كفاءة إحصائية في العالم أن تتلاعب بالمتغيّرات والمؤشرات الإحصائية المبنية على تسلسل وتناسق إحصائي لا يمكن أبدا التلاعب، ونحن للأسف لا نعرف كيف يتم إنتاج المؤشرات الإحصائية والتي هي تأتي بعد سلسلة عمليات تبدأ من الميدان وبالتالي لا يمكن لأي مدير أو أي مسؤول في الدولة –حتى لو أراد ذلك - تغيير هذه المعطيات ب»كبسة زر» كما يزعم البعض.. ثم لصالح منّ سنقوم بتزوير المعطيات الإحصائية؟ هامش الخطأ في العمل الإحصائي التعدادي؟ العمل الإحصائي يتطوّر ويتحسّن وجميعنا نطمح ليكون المعطى الإحصائي للمعهد معطى ذو جودة وفق التقنيات الجديدة لعلوم الإحصاء، وعموما في التعداد السكاني لا نتحدّث عن هامش خطأ نظرا لطبيعة الإحصاء بالنسبة للمؤشرات الإحصائية الأخرى فنحن نقبل بهامش %5 وهامش الخطأ مرتبط بالإمكانيات التي تضعها الدولة ولكن رغم كل ذلك يبقى هامش الخطأ هامش مقبول والإحصائيات تترجم الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. لكن في الإحصائيات المتعلّقة بالتعداد السكاني هناك عائلات لم يزرها أعوان المعهد فهل يمكن أن يؤثّر ذلك سلبا على النتائج؟ نظريا يجب أن نزور كل العائلات ولكن في كل الدول من المستحيل الاتصال بجميع العائلات لعدّة أسباب منها الأسباب الأمنية ومنها كذلك أسباب تتعلّق برفض العائلات الإجابة على الاستمارة، ونحن خمّنا أن عدد العائلات التي لم يقع إحصاؤها حوالي 28 ألف عائلة لم يقع إحصاؤها بسبب الرفض وهذا ما يطرح إشكالا حول الاشتباه في تغيير أرقام . من الإشكاليات أيضا أخطاء متأتية من الميدان وأخطاء متأتية من المراقبة وأخطاء متأتية من تعمّد بعض المواطنين المغالطة عند تقديم المعلومات أو رفض مواصلة تعمير الاستمارة، وأحيانا عند رقن المعطيات قد تحدث أخطاء، وكل هذه الأخطاء تتم معالجتها من طرف المهندسين في المعهد، وفي التعداد الأخير والأخطاء كانت أقّل من 2% ولم تؤثّر بتاتا على الإحصائيات المعلن عنها وذلك وفق تقارير دولية. هل تخشون من التوظيف السياسي لمعهد الإحصاء؟ تسميتي كانت بهدف إبعاد المؤسسة على التجاذبات الحزبية والسياسية والنقابية ولكن رغم ذلك هذه المؤسسة تحميها إطاراتها وأعوانها وإذا اخترقت المؤسسة فان ذلك سيكون من الداخل لان القلاع المحصّنة تؤخذ من الداخل.. فرغم الانتقادات والتشهير والتشويه في النهاية الجميع يستأنس بمعطيات المعهد الوطني للإحصاء لأنه مقتنع بأنها تشتغل وفق طرق عملية دقيقة، وليس هناك اليوم أي مسؤول في الدولة أو المعهد قادر على تغيير رقم من الميدان لسبب بسيط أن المؤشّر الإحصائي يشارك في إنتاجه مئات الأشخاص وبالتالي ليس هناك أي فرصة للتلاعب بهذه المؤشرات.