رغم ما استبق عيد الأضحى من حملات تحسيس وحملات وطنية للحفاظ على النظافة وجمع الفضلات وجلود الأضاحي لتثمينها والحديث عن نقاط تجميع ومجهود استثنائية وحماسة بدت عالية إلا أن المظهر الغالب على الأحياء والمدن كان أكوام الفضلات والنفايات في مشهد يؤكد أن المجالس البلدية المنتخبة فشلت للأسف في مجابهة تحدي النظافة والمظهر اللائق للمدن في أول اختبار لها. صحيح أنه لم يمض وقت طويل على تركيز المجالس البلدية وصحيح أيضا أن الامكانيات شحيحة وأن فترة النيابات الخصوصية بكل تجاذباتها الحزبية ومساوئها أثرت سلبا على أداء البلديات واستنزفت للأسف السنوات الفارطة الكثير من طاقات البلديات ومجهوداتها وعائداتها المتواضعة أصلا. لكن في المقابل تبقى الإشارة إلى أن توفر الإرادة للعمل والانجاز وإن شحت الموارد كان بامكانه احداث الفارق ولو قليلا وبعث الأمل في النفوس بأن التغيير ممكن نحو الأفضل وأن هذه المجالس البلدية المنتخبة عازمة على خدمة المواطن قولا وفعلا وترجمة وعود حملاتها الانتخابية على أرض الواقع. هذا لم يحدث للأسف في أول امتحان في ملف النظافة وكشف الوضع البيئي الكارثي أيام العيد أن البون شاسع بين حماسة الوعود الانتخابية والعمل الميداني الحقيقي الذي يستشعره المواطن من خلال مستوى الخدمات المقدمة له. ويعد كسب رهان النظافة المحرار الرئيسي لقيس نجاح المجالس البلدية الجديدة لا سيما وأن معضلة الأوساخ والنفايات ظلت للأسف النقطة السوداء التى تؤرق المواطن وتضر بصورة البلاد وسياحتها على امتداد السنوات الأخيرة. ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في كسب تحدي "نظافة البلاد ومدنها" رغم كل الإجراءات المتخذة سابقا ورغم ما أقر من عقوبات وقوانين وهياكل على غرار الشرطة البلدية لوضع حد لتدهور الوضع البيئي على أكثر من صعيد. ورغم تنفس الصعداء استبشارا بإجراء الانتخابات البلدية وتركيز مجالس منتخبة لا تلوح النتائج الأولية لتقييم عمل هذه المجالس مبشرة ببوادر تغيير نحو الأفضل وإلى جانب غياب النجاعة إلى حد الآن في مجال النظافة تلوح أيضا اشكاليات كبيرة في تنازع الصلاحيات بين الإدارة ممثلة في المعتمد والولاية وبين البلديات ومع تأخر صدور الأوامر الترتيبية لتجسيم ما ورد في مجلة الجماعات المحلية تعطلت مصالح المواطنين في استخراج الوثائق وفي قضاء الكثير من الشؤون التى أحيلت إلى صلاحيات المجالس البلدية. وحتى لا تتحول المجالس البلدية إلى عبء ثقيل على المواطن عوض خدمته فمن الضروري النظر بجدية لتقييم بداية عملها لتعديل البوصلة باتجاه الاستجابة للقضايا الحقيقية التى تؤرق التونسي اليوم ولعل العمل البلدي والنظافة في مقدمتها.