أثار تصريح رئيس الحكومة يوسف الشاهد المتعلق بالتخفيض في أسعار السيارات الشعبية إلى اقل من 20 ألف دينار، جدلا واسعا بين التونسيين وخاصة لدى المهنيين في قطاع السيارات خلال افتتاح الندوة الوطنية حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية للعام المقبل. وفي الوقت الذي استبشر فيه السواد الأعظم من التونسيين بهذا القرار، اعتبره البعض الآخر غير منطقي ومن الصعب تحقيقه في ظل تواصل الظروف الاقتصادية الصعبة والتي على رأسها انزلاق الدينار التونسي أمام العملات المرجعية وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الضغط الجبائي واختلال الميزان التجاري... وهذا ما ذهب إليه العديد من المختصين في الشأن المالي والاقتصادي، من ذلك اعتبر وزير المالية الأسبق حسين الديماسي في تصريح إعلامي أن اتخاذ مثل هذا الإجراء سيؤثر سلبا على الميزان التجاري لأن الصادرات تسجل نقصا مقابل ارتفاع الواردات، كما وصفه البعض الآخر بالقرار «الشعبوي» الذي يهدف من خلاله الشاهد إلى حشد أكثر ما يمكن من التونسيين للحملة الانتخابية.. وحول حقيقة تفعيل هذا الإجراء على ارض الواقع، أفاد رئيس غرفة وكلاء بيع السيارات إبراهيم دباش في تصريح ل»الصباح» بان هذا القرار المفاجئ من الصعب تحقيقه باعتبار أن برنامج توريد السيارات الشعبية يخضع لاداءات ومعاليم ديوانية حددت ب13 بالمائة كأداء على القيمة المضافة وب10 بالمائة قيمة الأداء على الاستهلاك. وفسر دباش حتى في صورة الاستغناء على كل هذه المعاليم فلن يصل سعر السيارة الشعبية التي تتراوح حاليا في ما بين 23 ألف دينار و33 ألف دينار إلى حدود ال20 ألف دينار باعتبار أن قيمة التخفيض التي ستكون في ما بين 5 و10 آلاف دينار تعد مرتفعة، مشيرا إلى انه من المتوقع أن تواجه الحكومة في هذه الحالة مشكل انخفاض سعر الدينار مقابل العملات الأجنبية وهو ما سيؤثر مباشرة على أسعار السيارات في أسواقنا. بالمقابل، رجح دباش في تصريحه ل»الصباح» أن تكون نية الحكومة التخفيض فقط في أسعار السيارات الشعبية التي تتراوح بين 22 و23 ألف دينار دون غيرها وذلك عن طريق التخفيض في نسب الاداءات وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تفعّل في الوقت الراهن. كما بين دباش أن هذا الإجراء وإن كان صحيحا ومدروسا فهو في غاية من الأهمية لأنه من حق المواطن التونسي اليوم أن يستفيد من مكسب السيارة الشعبية، مشيرا إلى ان مطلب الغرفة النقابية لوكلاء بيع السيارات الذي يهدف في هذا السياق إلى توسيع شريحة المستفيدين من السيارة الشعبية عن طريق الترفيع في قيمة الدخل السنوي للمستفيد من 5 آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار. وذكر دباش انه بالرغم من ارتفاع هامش الربح الخاص بالسيارة الشعبية لدى وكلاء بيع السيارات من 500 دينار إلى ألف دينار منذ السنة المنقضية، إلا أن أسعار السيارات في الأسواق العالمية تشهد ارتفاعا كبيرا وتظهر في أسواقنا أضعاف ذلك لتواصل انزلاق الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية المرجعية وهو ما يحول دون تحقيق مثل هذه الإجراءات التي تنوي الحكومة إطلاقها. من جهة أخرى، بين دباش أن جميع وكلاء البيع هم ممثلين في الغرفة النقابية لوكلاء بيع السيارات ينتظرون توضيحا من سلطة الإشراف حول تطبيق مقترح رئيس الحكومة فهم يعتبرون أنفسهم أهم طرف في ذلك باعتبار تأثيره المباشر على حصة التوريد السنوية وقيمة مرابيحهم وخاصة مسايرته لحقيقة الأسعار في الأسواق العالمية. ويعتبر برنامج السيارة الشعبية من أهم البرامج التي حافظت عليها الحكومة ولم يفشل رغم التغيرات الاقتصادية التي طرأت على الساحة الاقتصادية في السنوات الأخيرة، ورفعت هذه السنة حصة السيارة الشعبية من 3 آلاف سيارة سنة 2017 إلى حدود ال5 آلاف سيارة خلال السنة الجارية، في انتظار المصادقة على القانون الخاص بالترفيع في الشريحة المستفيدة من هذا البرنامج عن طريق الترفيع في قيمة دخلهم السنوي من 5 آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار.