تختتم اليوم الدورة التأسيسية لأيام قرطاج للفن المعاصر التي انطلقت منذ يوم 19 من الشهر الجاري وتشرف على إدارتها فاتن شوبة وتشارك عدة هياكل ذات علاقة بقطاع الفنون التشكيلية في تنظيمها فضلا عن وزارة الشؤون الثقافية، لتتوج الأنشطة والتظاهرات التي انتظمت تحت سقف هذه الأيام وانطلقت منذ نهاية شهر جوان الماضي بالحمامات في إطار هذه التظاهرة الدولية وذلك تحت عنوان أيام قرطاج الجهوية للفن المعاصر وتنقلت بعد ذلك بين عدة مدن داخل الجمهورية وهي كل من الرديف والقيروان وقرقنة وسليانة. وبقطع النظر عن مدى نجاحها واستيعابها لأهداف وانتظارات أهل قطاع الفنون التشكيلية ولمّ شمل هذه العائلة الفنية الموسعة، فإن هذه الدورة سجلت مشاركة حوالي 400 فنان تشكيلي من مختلف الأجيال والمدارس والبلدان. وتجدر الإشارة إلى أن الدورة الأولى للفن المعاصر تسجل مشاركة تسعة بلدان أجنبية وهي كل من السويد والنمسا وفرنسا وموريتانيا وسوريا والمغرب والجزائر وفلسطين وتركيا فضلا عن تونس. كما انتظمت على هامش هذه الدورة ندوتين فكريتين كانت المشاركة فيهما مفتوحة لكل المبدعين والفنانين والنقاد المشاركين في التظاهرة من تونس ومن البلدان المشاركة وتمحورت الأولى حول"السوق العالمية للفن: الأنظمة والآليات" أما الندوة الثانية فكان محورها"الفن المعاصر من المحلي إلى العالمي". أروقة عديدة أهم ما ميز الدورة التأسيسية لأيام قرطاج للفن المعاصر هو انفتاحها على المبدعين أساسا منهم الشبان في تونس في مختلف توجهات واختصاصات الفنون التشكيلية رغم تأكيد القائمين على التظاهرة أن أكثر الأعمال المشاركة في المعرض كانت خاصة بالرسم في أبعاده وأشكاله الفنية المختلفة. كما سجلت الدورة مشاركة حوالي 700 عمل فني تميزت بين لوحات ومنحوتات وغيرها. وتم تخصيص17رواقا وجناحا في بهو مدينة الثقافة المخصص للمعارض توزعت بين تسعة أروقة خاصة بالأعمال التونسية فيما خصصت الثمانية الأخرى للأعمال الفنانين الأجانب المشاركين في هذه الدورة. وكانت الجهات حاضرة بقوة في هذه الدورة من خلال تخصيص جناح ضمّ أفضل خمسة مشاريع تم انتقاؤها خلال مشاركتها في تظاهرة أيام قرطاج الجهوية للفن المعاصر آنفة الذكر. كما احتضنت عدة أروقة وفضاءات بتونس الكبرى معارض وأنشطة على هامش هذه التظاهرة الدولية الكبرى على غرار رواق السعدي بقرطاج وفضاء "عين بصلامبو ورواقي المدينة والمرسى وقمرت. ولئن تسنى افتتاح المعرض المنتظم بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون مساء أمس والذي سيتواصل على امتداد 18 يوما بداية تاريخ افتتاحه فإنه لم يتسن افتتاح المعرض المبرمج لنفس اليوم برواق الفنون ببن عروس بسبب رداءة الطقس وسيتم تحديد موعد لاحق لافتتاحه بعد انقضاء مدة الأيام مثلما أعلنت عنه الهيئة المديرة للمهرجان في بلاغها أمس. علما ان المعرض الثاني كان مقررا أن تدوم مدته 15 يوما ويخصص للإعمال التونسية. تكريم واختارت الهيئة المنظمة لهذه الدورة تكريم عدد من الفنانين التشكيليين الذين يعدون مرجعا وقيمة ثابتة في هذا القطاع الثقافي ويحظون بصيت على مستويين وطني وعالمي وهم كل من الهادي التركي ورفيق الكامل ونجا المهداوي المدير السابق للتظاهرة والذي استقال بعد تعيينه على رأس إدارتها بأشهر. وتجسم هذا التكريم في تخصيص رواق لعرض بعض لوحاتهم وتقديم سيرهم الذاتية. كما تم في نفس السياق تخصيص جناح تضمن معرضا لتكريم روّاد الثمانينات من الفنانين التشكيليين التونسيين. جوائز مالية وسيتم اليوم الإعلان عن الفائزين بالجوائز المالية الثلاثة التي تخصصها الهيئة المديرة لهذه التظاهرة التأسيسية وذلك رغم محدودية ميزانيتها باعتبار ان ميزانية هذه الدورة كانت( في حدود 500 ألف دينار). وتخصص الجائزة الاولى لأفضل مشروع فني جهوي" والثانية للنقد الفني وذلك بتتويج أفضل مقال للنقاد للشبان وقد تم تخصيص مسابقة للغرض منذ مدة أما الجائزة الثالثة فتخصص لأفضل مشروع فني للمبدعين الشبان أيضا وقيمة كل جائزة ثلاثة آلاف دينار كبادرة تشجيعية على الإبداع في المجالات المعلنة. وعبر أمين عام اتحاد الفنانين التشكيليين وسام غرس الله عن رضاه عن سير تنظيم الدورة الأولى لأيام قرطاج للفن المعاصر وقال في تصريح ل"الصباح": "في الحقيقة الدورة الأولى كانت مثلما تم التسطير لها من حيث الأهداف والتوجه ولعل التخوف من عدم النجاح والحرص على تحقيق المطلوب والضروري من العوامل التي جعلت الدورة التأسيسية تنجح في إرساء لبنة مهرجان وتظاهرة كبرى بمقاييس دولية يمكن البناء عليها بمراجعة ما يجب مراجعته وتدعيم ما يجب تدعيمه انطلاقا من الدورات القادمة". لكنه يعتبر الدورة مستوفية الشروط من حيث المشاركات الوطنية والدولية والإقبال فضلا عن كونها مناسبة لتطارح القضايا والمسائل الراهنة للفنون التشكيلية التي تم طرحها سواء عبر الأعمال أو في اللقاءات والندوات المنتظمة على هامش هذه الدورة. وفي جانب آخر من حديثه أكد وسام غرس الله أن مسألة التسويق لهذا الفن لم تكن في مستوى انتظارات الجميع باعتبار أن الشراءات كانت دون المأمول.