يبدو ان التسرب النفطي الذي شهده الرصيف البترولي بميناء جرزونة يوم الخميس 4 اكتوبر وامتد بسرعة الى الشواطئ المجاورة ستكون له عواقب وخيمة على الوضع البيئي بجهة بنزرت رغم تواصل محاولات احتوائه. وحسب شهادات متطابقة تحصلت عليها "الصباح" فقد تسربت في حدود الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 04 أكتوبر 2018 كميات من الوقود من ثقب اسفل احد الخزانات الضخمة للشركة التونسية لصناعات التكرير"ستير" المتواجدة بالرصيف البترولي جرزونة، مما تطلب تدخلا اوليا من فنيي الشركة نجحوا اثناءه في إيقاف تزويد الخزان ولكنهم لم يفلحوا في حصر التسرب النفطي وحتى تدخل اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث الطبيعية وتنظيم النجدة- بعد تفعيلها - لم يفض ايضا الى احتواء البقع النفطية وشفطها فبلغت بعد ساعة تقريبا شاطئ سيدي سالم غربا مستفيدة من قوة التيارات المائية وبعد التأكد من صعوبة الموقف تم الاستنجاد مساء الخميس بمختصين لإزالة التلوث لمحاولة ايقاف التمدد الى بقية الشواطئ وتقليص تداعياته البيئية في اسرع وقت ممكن. الحادثة التي تلت بيوم واحد الملتقى التونسي الفرنسي حول تدهور المنظومات البيئية الساحلية جراء التغيرات الكونية اثارت التساؤلات حول فاعلية عمليات الصيانة الدورية للخزانات التي تقوم بها الشركة ومدى قدرة الاطراف المكونة للجنة الجهوية لمجابهة الكوارث الطبيعية وتنظيم النجدة على التعامل مع حدث جلل قد يفوق امكانياتها مما يتطلب دعمها بتدخل مركزي سريع مع العلم ان المصالح الجهوية والمركزية قد خبرت وضعية مماثلة يوم 28 فيفري الماضي في اطار العملية البيضاء-اوتيك- وتمكن حينها المتدخلون من تحرير رهائن على متن باخرة والحد من انسكاب مواد ملوثة في البحر ويوم 24 ماي 2016 حين تسربت كميات قليلة من المواد النفطية في حوض ميناء بنزرت.. كما استغرب المتابعون عدم اصدار الشركة بيانا حول الموضوع و غياب بلاغات المنظمات الوطنية وعشرات الجمعيات الوطنية والجهوية الناشطة في مجال بالبيئة التي لم يساهم منتسبوها في عمليات التدخل. وذكر الحبيب بن موسى مكلّف بمامورية بديوان وزير الشؤون المحلية والبيئة امس في تصريح ل(وات) أنه بعد قيام اللجنة بالمعاينة الميدانية صباح امس لموقع التسرّب وكامل المحيط الخارجي سواء بالحوض المائي للرصيف البترولي أو شاطئ سيدي سالم ومحيطه تم عقد جلسة أقرّت عددا من الاجراءات لعلّ من أبرزها تكفّل إدارة شركة "ستير" وديوان البحرية التجارية بإضافة حواجز عائمة على مستوى حوض الميناء وقرب الحواجز الصخرية لتطويق جيوب التلوث التي تسرّبت خارج الحواجز التي وقع تركيزها اول امس الخميس، بالتوازي مع تسريع عملية شفط المواد النفطية داخل الحوض المائي للرصيف البترولي باعتباره الموقع الرئيسي للتسرّب من قبل مصالح شركة "ستير". وأضاف بن موسى أن اللجنة طلبت من الشركة الانطلاق فورا في رفع المواد الملوّثة وخاصّة منها"الذريع"وتجميعها في مرحلة أولى في موقع متّفق عليه بعد فرش مواد عازلة قبل إزالتها من المكان سواء بالمعالجة او الرفع وذلك تحت مراقبة ومتابعة دقيقة من قبل مصالح كل من وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي والوكالة الوطنية لحماية المحيط وبلدية بنزرت وبقية الاطراف ذات العلاقة. وتمّ أيضا الاتّفاق على تكوين لجنة موسّعة تضم ديوان البحرية التجارية وشركة "ستير" ووكالة حماية المحيط وبلدية بنزرت لايجاد الحلول العملية والعاجلة لتطويق الرقعة النفطية بمدخل الميناء الترفيهي ومنع تسرّب أيّة كمية أخرى في اتجاه المرسى القديم في مدينة بنزرت أو عرض البحر، وعلى تعهّد الشركة بتنفيذ عملية تنظيف شاملة لكل مظاهر التلوّث الحاصلة في المناطق الصّخرية وضفاف القنال وكاسرات الأمواج. ومن جانبه أكّد رئيس اللجنة والي بنزرت ل(وات) أن أعمال اللجنة الجهوية لمجابهة التلوث البحري ستبقى في حالة انعقاد دائم الى غاية إزالة كل مخلّفات ومصادر التلوث بصفة كلية، منوّها بالتعبئة الجهوية والمركزية والمحلّية الرسمية والمجتمعية التي تمت للتقليص من تداعيات الحادث. وأكّدت في ذات السياق سلوى الصغير الرئيسة المديرة العامة لشركة "ستير" أن إدارتها تعهدت باتخاذ ما يجب من اجراءات عملية لاعادة الامور الى نصابها قبل وقوع الحادثة سواء داخل المصفاة حيث تجنّدت المؤسسة لإعادة تحويل كمّيات النفط في الخزّان الرئيسي إلى أربعة خزانات وقطع كل نقطة تسرّب جديدة إلى البحر والمحيط المائي للرصيف البترولي وشاطئ سيدي سالم، مؤكّدة أن المؤسسة لن تتوانى في إزالة كل مظاهر ومخلّفات التلوّث في هذا الشاطئ، وأن إدارة المؤسسة شكّلت خليّة أزمة في الغرض للتعهّد بكل حيثيات حادثة التسرّب. وفي ذات السياق صرّح مكي شقرون رئيس لجنة النظافة والصحة والعناية بالبيئة ببلدية بنزرت ان السلط الجهوية والبلدية وبالتنسيق مع كل الاطراف حريصة على إزالة جميع مظاهر التلوّث الحاصلة واعادة شاطئ سيدي سالم مثلما كان وان مصالح البلدية تواكب كل العمليات الجارية عن قرب تحت إشراف اللجنة الجهوية للحدّ من التلوث البحري ولجنة تنظيم النجدة ومجابهة الكوارث الطبيعية. يشار إلى أن مجمل القرارات التي تم اتخاذها اليوم في اجتماع اللجنة الجهوية للحد من التلوث البحري والتي كان من ضمن الحاضرين فيها الرئيسة المديرة العامة لشركة"ستير" سلوى الصغير ورئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة، تمّ تدوينها في محضر جلسة ملزم لكل الاطراف والهياكل المسؤولة. ساسي الطرابلسي