لا شك أن الارتفاع الصاروخي للأسعار الذي تعكسه الزيادة المضطردة في نسبة التضخم التي بلغت خلال الشهر المنقضي 7.4 بالمائة وكانت قد بلغت خلال شهر جوان الفارط 7.8 بالمائة وهي نسبة من المنتظر أن تنتهي عليها السنة الجارية، أدت إلى ارتفاع التداين الأسري حيث بلغ إجمالي القروض المتحصل عليها من قبل الأسر التونسية 23.1 مليار دينار إلى غاية شهر جوان 2018 مرتفعا ب117 بالمائة مقارنة بسنة 2010. وقد كشفت دراسة من المنتظر أن تصدر قريبا عن المعهد الوطني للاستهلاك أن 36.5 بالمائة من التونسيين لديهم فرد على الأقل في العائلة بصدد سداد قرض بنكي و10.3 بالمائة لديهم فردان في حالة سداد، فيما يلجأ 19.6 بالمائة منهم بصفة مستمرة إلى قضاء حاجياتهم عبر الاقتراض وهم في حالة سداد دائمة للديون. ما جعل إجمالي القروض التي حصلت عليها الأسر من ديسمبر 2010 إلى شهر جويلية 2018 يشهد زيادة ب117بالمائة. وخلال ال7 أشهر الأولى من السنة الجارية ارتفعت القروض المسندة من قبل البنوك لفائدة الأسر التونسية ب765 مليون دينار وهو رقم يعكس مدى الإقبال غير المسبوق من قبل الأسر على التداين من أجل تغطية متطلباتها. وفي ذات السياق كشفت الدراسة أن نحو 540 ألف أسرة دخلت في دوامة التداين المغلقة أي التداين المستمر ما يعني أنها تقترض لسداد قروض سابقة ما جعلها تدخل في دوامة يصعب الخروج منها. تصنيفات القروض وبشأن تصنيف هذه القروض فإن القروض الموجهة لشراء مسكن تستأثر بالحجم الأكبر من القروض لدى التونسيين حيث تستحوذ على 10.6 مليارات دينار، أما المرتبة الثانية من حيث حجم القروض المتحصل عليها فقد استأثر بها تحسين المسكن وذلك بحجم قروض بلغت ب9.3 مليارات دينار، أما بخصوص القروض الاستهلاكية فقد بلغت 3 مليار دينار وهو رقم ضخم يؤكد تفاقم اتجاه الأسر للتداين قصد الاستهلاك، أما بشأن القروض الموجه لشراء السيارات فقد بلغت ب312 مليون دينار. من جهة أخرى فان 80 بالمائة من هذه القروض طويلة أو متوسطة المدى ما يعني أن فترة سدادها تتراوح بين 15 و20 عاما، كل هذا يعني أن 1/4 العائلات التونسية تدفع أقساطا شهرية لفائدة البنوك. ارتفاع القروض غير المستخلصة وحسب الدراسة فإن تفاقم القروض والارتفاع المتواصل في الأسعار مع تدني المقدرة الشرائية للمواطن خاصة وأن البنك المركزي قد رفع في نسبة الفائدة المديرية في ثلاث مناسبات قد تسبب في زيادة حجم القروض غير المستخلصة التي ارتفعت إلى نحو 919 مليون دينار من جملة 23.1 مليار دينار إجمالي قروض التونسيين، أي بنسبة 4.07 بالمائة. وحول ذروة إقبال الأسر التونسية على الاقتراض في السنوات الثمانية الأخيرة فيشهدها كل من أشهر جوان وجويلية وأوت وأيضا شهرا ديسمبر وجانفي وتفسر الدراسة زيادة نسب اللجوء إلى البنوك للاقتراض في هذه الأشهر بالذات إلى تواتر مواسم الاستهلاك (رمضان والعطلة الصيفية وعيدا الفطر والأضحى ثم العودة المدرسية)، ما يعني أن الأسر التونسية لم تعد قادرة على مجابهة الكم الهائل من مصاريف الحياة اليومية وهو ما يدفع بها للاتجاه أكثر فأكثر نحو التداين، كما جعل القروض تتطور سنويا بنسبة مرتفعة بلغت 17 بالمائة، وهو رقم يعكس حجم الأزمة التي تعيشها الأسر التونسية لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي انعكست سلبا على مقدرتها الشرائية خاصة وأن تدهور سعر صرف الدينار مقابل العملات المرجعية قد تدهور ما أثر على أسعار المواد الأولية والنصف مصنعة التي أنعست بدورها على أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية. ورغم تطور إقبال التونسيين على القروض، إلا أن معدل التداين الأسري في تونس يبقى ضعيفا مقارنة بالمعدلات في دول المنطقة والعالم، إذ تبلغ نسبة التداين العائلي من إجمالي الدخل المتاح للأسر ب31 بالمائة، وهي نسبة ترتفع إلى 93 بالمائة في فرنسا و98 بالمائة في إسبانيا.