أفاد المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك طارق بن جازية ل«الصباح» بان التداين الأسري شهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة ليصل إلى حدود ال 23 مليار دينار حتى موفى شهر جوان المنقضي بعد أن كان لا يتجاوز ال 10 مليار دينار في سنة 2010. وفسر بن جازية هذا الارتفاع بتواتر المواسم الاستهلاكية التي خلقت ضغطا على السيولة النقدية أي الأوراق المتداولة في البلاد والتي ارتفعت بحوالي ال 660 مليون دينار عموما، كما ارتفع الطلب على السيولة وحجم القروض بما يناهز ال 700 مليون دينار في شهر اوت الجاري وهو ما يعكس حجم الأموال المتداولة في البلاد في هذه الفترة من السنة.. كذلك، يعد تواتر المواسم الاستهلاكية من ابرز الأسباب التي رفّعت من حجم التداين الأسري في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت العطلة الصيفية تتزامن مع عيدي الفطر والأضحى ويليهما موعد العودة المدرسية، لتساهم بالتالي هذه المناسبات في تسجيل ارتفاع كبير في الاستهلاك. وأمام الارتفاع الملحوظ في نسبة التضخم التي ناهزت ال 7.6 بالمائة، بين بن جازية أن هناك ظاهرة جديدة برزت لدى التونسيين تتمثل في الاستهلاك الاستباقي خاصة في ما يتعلق باقتناء مستلزمات العقارات قبل الشروع فعليا في انجازها، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة من أهم أسباب الطلب على القروض وبالتالي لها دور كبير في ارتفاع حجم التداين. إلى جانب ذلك، بات التونسي اليوم يميل أكثر إلى الاستهلاك علاوة على ظهور سلوكيات جديدة من قبيل نفقات الترفيه التي أضحت من الكماليات وأصبح التونسي ينفق عليها الكثير، فضلا عن ظهور أبواب جديدة للنفقات على غرار نفقات التعليم ونفقات الصحة والعناية بالجسم ونفقات الاتصالات. وحسب المؤشرات التي قدمها المعهد الوطني للاستهلاك في الدراسة التي أنجزها خلال سنة 2015 المتعلقة بتوسع ظاهرة التداين الأسري في تونس والتي أنجزت على عينة تمثيلية من 1022 أسرة، فقد تبين أنّ 36 بالمائة من الأسر التونسية تعد على الأقل فردا في حالة تسديد دين. وذكر المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك في تصريحه ل «الصباح» بأن ظاهرة التداين الأسري في تونس حسب المؤشرات التي قدمها المعهد الوطني للاستهلاك تفيد بأن نحو 850 ألف أسرة تونسية متحصلة على قرض بنكي من مجموع 2.7 مليون أسرة. وحول نوعية القروض، بين بن جازية أن نسبة 80 بالمائة من مجموع هذه القروض الاستهلاكية التي ناهزت ال 23 مليار دينار موجهة أساسا إلى نفقات السكن من تحسين وتوسعة، أي ما يعادل ال8500 مليون دينار، تليها القروض الاستهلاكية قصيرة المدى التي لا تتجاوز الثلاث سنوات كمدة سداد بما يناهز ال3500 مليون دينار وفي مرحلة موالية تأتي قروض شراء السيارة والقروض الجامعية. أما في ما يخص الحلول التي يمكن أن تخفّض من حجم ديون التونسيين لدى البنوك التي تضاعفت بأكثر من مرتين بين 2010 و2018، أشار بن جازية إلى أهمية برمجة الشراءات وبرمجة النفقات وعقلنتها مع ضرورة ترشيد الاستهلاك، مضيفا أن الادخار لدى الأسر يبقى الحل الأبرز خاصة انه عرف في السنوات الأخيرة تراجعا من 11.3 بالمائة سنة 2010 إلى 6 بالمائة سنة 2016. كما أضاف بن جازية في نفس السياق أن البنوك لم تقدم حوافز تشجع التونسيين على الادخار الصغير الخاص بالأسر أمام بلوغ العائد على الادخار ال 5 بالمائة وهو ما ساهم في تراجع الادخار في السنوات الأخيرة في ظل تواصل النسق التصاعدي للتضخم الذي بلغ حدود ال 7.6 بالمائة.