أكد فوزي محفوظ مدير عام المعهد الوطني للتراث بتونس أن المعهد وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الثقافية بصدد التحضير لوضع خطة تحسيسية موجهة لرؤساء البلديات والعاملين فيها تهدف لتعريفهم بقانون مجلة حماية التراث وتدفعهم لاحترامه. وبين أن برنامج العمل الخاص بالبلديات تنظيم دورات تكوينية لرؤساء البلديات في الغرض. يأتي ذلك بعد تتالي أحداث الاعتداء على المواقع التراثية والمعالم الأثرية المتكررة التي ما انفكت الجهات التابعة للتراث تسجلها في سنوات ما بعد الثورة. لتكون حادثتا الاعتداء الأخيرة، التي تزامنت مع الفيضانات التي اجتاحت بعض الجهات من البلاد التونسية، سببا لإثارة هذه المسألة خاصة منها ما تعلق بالاعتداء على الحنايا الرومانية بالمحمدية التابعة لولاية بن عروس والثانية سجلت بالمنستير والتي تمثلت بدورها في تهديم جزء من سور رباط المنستير. وسبق الحادثتين حادثة اعتداء أخرى على التراث سجلت في الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر الماضي ببنزرت وتحديدا بقوس"القشلة" في الميناء القديم بغار الملح. وشدد المدير العام للمعهد الوطني للتراث على خطورة مثل هذه الاعتداءات. واعتبر مهمة مثل هذه المواقع والمعالم الأثرية ليست مسؤولية وزارة الشؤون الثقافية أو المعهد الوطني للتراث وحدهما وإنما يعتبرها أيضا من مهام البلديات التي ترجع لها بعض المواقع بالنظر أو غيرها من السلط المحلية والجهوية. وفسر فوزي محفوظ سبب إقدام البعض على اقتراف مثل هذه الجرائم إلى الجهل بالقوانين من ناحية مما يعرض أصحابها للتبع العدلي، وإلى عدم إلمام المسؤولين الجهويين بقانون مجلة حماية التراث وعدم رجوع الجميع إلى القائمين على المجال سواء في وزارة الشؤون الثقافية أو في المعهد الوطني للتراث. وبين في سياق متصل أن سلطة الإشراف رفعت قضيتين عدليتين ضد المعتدين على المعلمين المذكوران أعلاه بكل من المحمدية والمنتسير. وأضاف في نفس السياق قائلا:"صحيح أنه تم ترميم سور رباط المنستير ولكن المسألة مطروحة أمام القضاء لتثبت التحقيقات المسؤول عن ارتكاب هذا الجرم". وأكد في جانب آخر من حديثه أن حادثة الاعتداء على معلم المحمدية بدورها مطروحة أمام القضاء ولكن ترميمها ليس بالأمر الهين نظرا لخصوصية هذا المعلم الذي شيد منذ مئات السنين. وأوضح أن تكلفة ترميمه سيتكفل بها المتسبب في تهديمه. وأكد أن في موافقة البعض على اتخاذ قرار هدم هذا المعلم بغاية إنقاذ الجهة من سيول الفضايانات الجارفة دون استشارة أهل الاختصاص ساهم في تأزيم وضع الجهة وإحداث تهديم وخسائر مادية كبيرة في مستوى هذا المعلم. وفيما يتعلق بقوس "قشلة" غار الملح ببنزرت فأكد أن المعهد الوطني للتراث اكتفى بفتح تحقيق داخلي في الغرض ليتم بناء على نتائجه اتخاذ الاجراءات التأديبية اللازمة ضد مقترف الجرم. وأكد أن كفاءات من المعهد الوطني للتراث تتولى الإشراف على سير ترميم القوس بعد أن انطلقت الاشغال منذ مدة ومازالت متواصلة. وأكد فوزي محفظ أن المعهد الوطني للتراث سيكون بالمرصاد أمام مثل هذه الاعتداءات رغم أن القوانين الخاصة بمجلة حماية التراث "قديمة" وفي حاجة للتحيين. واعترف أن المعهد يقوم بخمسين زيارة ميدانية في كل أسبوع تشمل المواقع والمناطق الأثرية يشارك فيها خبراء مختصين في التراث من باحثين وأعوان من المعهد. وهو يعتبر التراث مكسب وطني يحمل في تفاصيله ومضامينه خصوصية بلادنا الحضارية والثقافية ومجدى تجذرها في التاريخ والحضارة وكل اعتداء كلي أو جزئي عليه يعتبر جريمة تعرض مقترفيها إلى التتبع العدلي. لذلك دعا السلط الجهوية والمحلية وخاصة البلديات إلى العمل على العناية بالمعالم والمواقع الأثرية التابعة لها. لأن ذلك سيكون مجال اهتمام المعهد الوطني للتراث وزارة الشؤون الثقافية من خلال برنامج الدورات التدريبية المعلن عنه أعلاه، والمقرر تنظيمه قريبا بعد الانتهاء من ضبط تفاصيله متعلقاته القانونية والتنظيمية.