احتفلت تونس يوم الاثنين 12 نوفمبر الجاري، بمرور 62 سنة على انضمامها لمنظمة الأممالمتحدة وسط استعدادات وتوقعات بقبول ترشح بلادنا كعضو غير قار في مجلس الأمن الدولي للفترة 2020-2021 للمرة الرابعة منذ استقلالها بعد دورة أولى سنتي 1960-1961 كان فيها المنجي سليم ممثل تونس الدائم لدى الأممالمتحدة والذي انتخب كأول رئيس إفريقي للجمعية العامة الأممية وقتها.. تونس والمنظمة الأممية: حكاية ثوابت ومبادئ وقيم .. ثم دورة ثانية بين سنتي 1980-1981 ودورة ثالثة بين سنتي 2000-2001 ومن المفروض أن تتولى تونس تمثيل المجموعة العربية خلفا لدولة الكويت. عودة تونس لاحتلال مقعد لها صلب مجلس الأمن، وعودتها لتمثيل الجانب العربي، سيعطي للديبلوماسية التونسية مكانة أخرى وسيحملها مسؤولية كبرى خاصة فيما يخص قضايا وملفات إقليمها الإفريقي وخاصة العربي في الوقت الذي يمر فيه هذا الأخير بأحلك فتراته لتكون تونس في حال ما احتلت مقعدا داخل مجلس الأمن مجبرة على تأكيد ما عرفت به من تاريخيا من تحمل للمسؤولية وما يفرضه مناصرتها الدائمة وغير المشروطة للحق ولمبادئ القانون والشرعية الدولية.. وكذلك ما عرفت به دبلوماسيتها من توازن واعتدال وحكمة توارثتها أجيال متعاقبة من الديبلوماسيين رسموا توجهات الدبلوماسية التونسية ومبادئها وثوابتها وقيمها. إن تونس التي فرضت الاحترام في نياباتها الثلاث السابقة داخل مجلس الأمن، سيكون دخولها هذه المرة وترؤسها المنتظر للمجلس لمدة شهر، فرصة لتأكيد الدور الإقليمي والدولي الذي لعبته سابقا وما تزال في تكريس الشرعية الدولية وفرض حقوق الدول والشعوب ومساهماتها الفاعلة في مجهودات حفظ السلام والنهوض بالصحة والرقي بالتعليم والمساهمة في فرض المبادئ والأهداف النبيلة التي جاء بها الميثاق التأسيسي للمنظمة من أجل انتشال الإنسانية من ويلات الحروب والنزاعات وتمتين دعائم السلم والأمن الدوليين وتكريس احترام حقوق الإنسان وتحقيق تنمية عادلة ومستدامة تلبي طموحات شعوب العالم وحقها في الاستقرار والعيش الكريم والازدهار. عضوية تونس المرتقبة بمجلس الأمن في أفق سنة 2020، ستمثل فرصة لتونس الديمقراطية الناشئة، لتفرض مقاربتها ورؤيتها للأشياء وللقضايا الدولية على مدى سنوات وهي رؤية أثبتت الأيام صحتها خاصة فيما يتعلق بمواقف الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة من عدة قضايا ومنها خاصة ما يهم القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا الوطن العربي والقارة الإفريقية وكل قضايا الحق والعدل.. كما أن هذه العضوية ستمثل فرصة متجددة لتونس للمساهمة في إيجاد المقاربات والحلول المناسبة لمجمل القضايا والتحديات الدولية الراهنة وتجعلها تمسك بعدة ملفات وتفرض مبادراتها وخياراتها المرتكزة أساسا على التسوية السياسية للقضايا الدولية برعاية الأممالمتحدة وخاصة فيما يتعلق بالملف الليبي والملف السوري والملف اليمني.. وأخيرا وليس آخرا، فان العضوية المنتظرة لتونس في مجلس الأمن ستكون فرصة للديبلوماسية التونسية لاستعادة دورها على الساحة الدولية وهو دور فقدته لفترة ما بعيد الثورة قبل استرجاع ولو جزء منه بعد ذلك خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي من خلال مبادرة رئيس الجمهورية الثلاثية لتحقيق «التسوية السياسية الشاملة في ليبيا» برعاية الأممالمتحدة. منصب هام الأكيد أن تونس ستكون فيه فاعلة ومؤثرة ومتمسكة بالثوابت والمبادئ والقيم مثلما كانت كذلك في جميع المناصب والهياكل الدولية والإقليمية التي شغلتها طيلة 62 سنة استقلال.