لاشك في ان الواحد منا لا يمكنه الحكم على النوايا، لكن يمكنه ان يتوقع (احيانا) «البلاء» قبل وقوعه، وللاسف الشديد لم يكن التعديل الوزاري الاخير مكتملا على الاقل في ما يهم الجانب الرياضي، اذ لا احك يشك في كفاءة الوزيرة سنية بالشيخ، ولا احد ايضا يمكنه ان يحمل الوزير مهما كان كل المسؤوليات لان دوره يبقى دوما التصرف في ماهو موجود، واما البرامج والاهداف فتسهر عليها عادة اطارات الوزارة المتمرسة بمعية كاتب دولة له باع وذراع في المجال، لكن تعيين احمد قعلول كاتبا للدولة بوزراة الرياضة جاء مسقطا لانه ليس بالوجه الرياضي المعروف من جهة، ولا ايضا حقق انجازات للرياضة، بل ان من عملوا معه في جامعة التايكواندو منهم من اصبح رئيس بلدية ومنهم من اصبح في مركز مرموق، كما ان كأس العالم الاخيرة بنابل التي تعتبرها محرزية العبيدي ناجحة، مرت دون ان يتفطن لها اي كان. بل الادهى والامر انه في الافتتاح تم صرف مئات الاف من الدنانير على فقرة «القلابس».. يضاف الى كل ذلك رغم الدعم القادم من المؤسسات العمومية والخاصة، ومليارات وزارة الاشراف الممنوحة لجامعة التايكواندو باعتبار ان احمد قعلول عضو مجلس شورى بحركة النهضة فان الجامعة المذكورة مرت بعديد الصعوبات والجميع يعلم كيف قفز اليها احمد قعلول بعد مغادرته قصر الحكومة (ايام كان مكلفا بالرياضة لدى رئيس الحكومة على عريض) ثم كيف بقي فيها رغم الشكايات والاحكام الرياضية، ولا ينتظر من مسير رياضي مر بكل هذه الظروف، وتمت المصادقة على توليه منصب كاتب دولة بوزارة الرياضة باقل عدد اصوات (115 فقط) مقارنة ببقية اعضاء الحكومة الجدد ان يقدم الاضافة، بل قد يكون عبئا على الوزارة (من حيث الراتب والامتيازات) خاصة ان لديه ملفا في اروقة المحاكم حول هذه الجامعة التي حتى بعد تعيينه كاتب دولة لم يغادرها اذ كان يفترض بعد ادائه اليمين الدستورية ان يحرر مباشرة استقالته من جامعة التايكواندو، بالاضافة الى التصريح بمكاسبه حسب ما يقتضيه القانون. ورغم ان الجميع يدرك بان حركة النهضة اصبحت متمكنة من مفاصل الدولة وزرعت عديد المنتمين اليها بما في ذلك المجال الرياضي، لكن بعد ان كانت تتدخل في الرياضة عن طريق بعض رؤساء الجامعات وبعض الاندية ها انها هذه المرة تدفع باحمد قعلول في احد ابرز مواقع القرار في وزارة الرياضة، لكن اذا كانت حركة النهضة قد قدمت خدمة لعضو مجلس الشورى، وقامت بتكريمه في اطار محاصصة حزبية لسائل ان يسأل، اين القوانين الرياضية التي ترفض تضارب المصالح، واين اللجنة الاولمبية الوطنية، لماذا لم تطلب استقالة كاتب الدولة بالاستقالة من الجامعة (التي يكاد ان يحولها ملكا له).. هو سؤال بريء نوجهه الى رئيس اللجنة الاولمبية محرز بوصيان، الرجل المحنك والمتشبع بالقانون ايضا، وليس محاولة لتوتير العلاقة بينه وبين صديقه احمد قعلول.. حتى لا تقع الوزيرة الجديدة في حرج؟ المهم اذا كان احمد قعلول قد استقال من جامعة التايكواندو ما عليه الا اثبات ذلك حتى على الصفحة الرسمية للجامعة، بما يمكن من عودتها الى اهلها، الا اذا كان متمسكا بها، ويريد البقاء لانه سيرابط لبضعة اشهر كاتبا للدولة في وزارة الرياضة، خاصة ان هذه الجامعة بالذات تتلقى دعما منقطع النظير اضافة الى مساهمات ودعم السفارة الكورية بتونس لكن السؤال الذي يبقى عالقا بالاذهان، والموجه اساسا لكاتب الدولة للرياضة الذي واجهه بعض النواب في المجلس بوثائق حول وجود شبهة فساد بجامعة التايكواندو ان الألفي متر مربع من الزرابي المخصصة لممارسة التايكواندو (Tapie) والتي تم استيرادها وجهزت بها ملاعب بمناسبة بطولة العالم في الفترة الاخيرة؟ فكل من يسأل عنها يؤكد انه لا يعرف اين ذهبت؟ فاذا عادت للجامعة، يا حبذا اطلاع الاندية على ذلك؟ في النهاية لطالما سمعنا انه لا مجال للسياسة في عالم الرياضة وان الهيئات الدولية تعاقب كل من يستعمل السياسة في الهياكل الرياضية، لكن عضو مجلس الشورى امسك بقبضة من حديد على جامعة التايكواندو وكذلك لم يقدم استقالته منها قبل مباشرته لخطة كاتب دولة بوزارة الرياضة، والنهضة تقف دوما الى جانب جماعتها وان لزم الامر تواجه حتى من يطرح اسئلة قانونية، وفي زمن النهضة، يصبح تضارب المصالح مستحبا ويضرب بالقانون عرض الحائط..