عقدت كتلة الائتلاف الوطني امس بقصر باردو ندوة صحفية حول بيانها المتعلق بانطلاق إعادة البناء، وأجاب نوابها عن أسئلة تتعلق بموقف الكتلة من الشكاية التي رفعها سليم الرياحي الامين العام لحركة نداء تونس للقضاء العسكري ضد رئيس الحكومة والامن الرئاسي، وأيضا من قضية ما يعرف ب»الجهاز السري» لحركة النهضة.. وطالبوا القضاء بتحمل مسؤولياته والتسريع في البت في القضيتين بأسرع وقت لأنه لا يمكن الذهاب الى الانتخابات في ظل عدم وضوح الرؤية وفي غياب الحسم في القضيتين. واكدت الكتلة في بيانها على وجود ضرورة للانطلاق في عملية اعادة البناء التنظيمي والسياسي للقوى الوطنية الوسطية والديمقراطية في اطار حركة جامعة وموحدة لاستعادة التوازن السياسي وتحقيق تطلعات وطموحات جميع المواطنين. كما دعت كل الندائيين الرافضين للتجاوزات والانحرافات عن المشروع الاصلي والقوى الوسطية والشخصيات والكفاءات الوطنية الى الانخراط والمشاركة الفاعلة في عملية إعادة البناء والتأسيس محليا وجهويا ووطنيا. وبين رئيس الكتلة مصطفى بن أحمد أنه كثر الحديث مؤخرا عن مشروع سياسي في علاقة بالكتلة والحكومة يجمع الطيف المدني الوسطي الذي يلتقي حول مبدا الاستقرار السياسي. وبين انه لما تم بعث الكتلة لم يكن ذلك فقط من اجل العمل البرلماني التقني حول بعض القوانين او من اجل استكمال تركيز المحكمة الدستورية وتنقية هيئة الانتخابات، وانما لان هذه الكتلة المتشكلة من قوى وسطية حملت آمال آلاف التونسيين في حماية المكاسب الوطنية الحداثية التقديمة اضافة الى آمال التيارات الاخرى التي نشطت في أحزاب تقدمية وسطية مثل الجمهوري وآفاق والمسار وكان هاجسها الكبير خلق قوة تعدل البوصلة السياسية في اتجاه تحقيق ثورة الحقيقة والكرامة. وأضاف ان هذه القوة تمكنت من الفوز في الانتخابات وأعطاها 40 بالمائة من التونسيين أصواتهم، لكن الازمات المتكررة صلبها والانحرافات بها عن مسارها الحقيقي أدى الى التشتت والانقسام وتسبب في خروج أكثر من خمسين نائبا من الكتلة التي كانوا فيها سنة 2014 وذهبوا الى مشارب مختلفة. وأضاف بن أحمد ان هذا الوضع لا يحول دون بحث إمكانية إعادة هذا المشروع. وفسر أن الذين خرجوا من أحزابهم والتحقوا بالكتلة قادهم نفس الهاجس، وهكذا التقت القوى التقديمة مع كتلة الائتلاف الوطني ومع الحكومة ورئيسها، فهي عملية التقاء لا خضوع. وأشار بن أحمد الى ان الكتلة البرلمانية لا يمكنها ان تشكل القوة الضرورية لكي تعدل الميزان السياسي، بمعنى أن تضبط برنامجا وتكون قادرة على تطبيقه. وأضاف إن ما ينقصها هو القوة السياسة التي تجسم البرنامج، لذلك وفي نطاق التشاور سيتم المرور الى الخطوة الثانية. وأوضح بن أحمد أنه سيتم بناء قوة على أساس الثوابت الوطنية الحداثية التقديمة بشكل جديد وبأسلوب جديد حيث سيتم الانطلاق من القاعدة العريضة الواسعة - سواء الندائية او الآفاقية او المسارية والوسطية بصفة عامة - وسيتم الانطلاق في تنظيم اجتماعات استشارية سيؤطرها المستشارون البلديون والشخصيات الوطنية والنواب وسيتم القيام بعملية تقييمية من أجل الوقوف على الاخطاء وعلى سلبيات الماضي حتى لا تتكرر ومن أجل البحث عن الدور السياسي للقاعدة. وقال إنه تم الاتفاق على الانطلاق في الاجتماعات التقييمية خلال شهر جانفي المقبل وذلك بعد الانتهاء من الميزانية وقانون المالية، وستكون هذه الاجتماعات على نطاق جهوي وسيؤطرها النواب والمستشارون البلديون والمناضلون المنخرطون في المسار الاصلاحي، وإثر ذلك سيقع القيام بالاستشارة الوطنية الواسعة، والاستنتاج الذي سيتم التوصل إليه على أساسه سيتم البناء السياسي والتنظيمي على أمل الا يتجاوز ذلك شهر جانفي المقبل. وإجابة عن سؤال واضح مفاده «هل ستكونون حزبا؟»، قال بن أحمد «نحن سنذهب في اتجاه اعادة الحركة الى مسارها، والحركة هي تنظيم يقوم على أرضية مشتركة ويعمل على هدف موحد، لكنهم مضطرون في إطار العمل القانوني إلى أن تأخذ الحركة شكل حزب رغم أنهم لا يفضلون كلمة الحزب. وأضاف أن كل هذه الأمور سيقع النظر فيها لاحقا لكن هدفهم اليوم يتلخص في التجديد وفي تجاوز الهياكل التقليدية في إدارة الحركة. وعن سؤال آخر حول سبب التأخر في تكوين الكتلة رغم إدراك نوابها للانحرافات التي تمت في «نداء تونس»، ولماذا تمسكت اليوم بالاستقرار الحكومي ولم تتمسك به زمن حكومة الحبيب الصيد، أجاب بن أحمد أنه بعد خروج 32 نائبا عن نداء تونس لم تتوقف حركة التوحيد ولم يتوقف التشاور والتنسيق، وأكد ان الكتلة هي نتيجة لمسار كامل. وبخصوص حكومة الحبيب الصيد، بيّن ان هناك عناصر دافعت عن الاستقرار الحكومي لكن الصيد لم يُبد مقاومة وطرح الثقة على البرلمان، ثم إنه لم يخلق ديناميكية لكي يدافع النواب عن حكومته. لكن الشاهد وضع إصبعه على الداء وسمّى الأشياء بمسمياتها وحمّل شخصا بعينه مسؤولية الاضطراب الموجود داخل حركة نداء تونس وسماه بالاسم، وبالتالي لمّا أوضح الشاهد موقفه في خطاب رسمي تم الالتقاء معه. وأشار بن أحمد الى أن تمسك الكتلة بالاستقرار الحكومي لا يحُول دون نقد الحكومة.. فالنقد من اجل الاصلاح وليس من أجل إسقاط الحكومة كما يريد البعض، فالبلاد تمر بمرحلة صعبة وأي إسقاط للحكومة سيضر بالدولة. قال بن أحمد :»هناك من يريد أن يصورنا كما لو أننا كتيبة من كتائب يوسف الشاهد، لكننا نحن نتحاور معه ونتشاور من أجل الإلتقاء على قاعدة صحيحة». وبينت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني هدى سليم ان السياسة مسار وبينت ان الصيد لم يتشبث بالحكومة وسلم بسهولة لكن الشاهد تشبث وقاوم وهذا هو المطلوب من المسؤول. وقالت :»نحن في وضعية مريحة ونتعامل مع الحكومة وننقدها لكن نقدا إيجابيا لا سلبيا ولنا ثقة في أنفسنا وفي أننا سنكون سنة 2019 في المرتبة الأولى». تهمة الانقلاب عبرت كتلة الائتلاف الوطني في ندوتها الصحفية عن رأيها في القضية التي رفعها سليم الرياحي ضد يوسف الشاهد، وفي هذا الصدد بين النائب الصحبي بن فرج إن الرياحي تحدث عن الانقلاب باستعمال الأمن الرئاسي وباستعمال الدستور، وأستغرب ان تنظر المحكمة العسكرية في الشكاية، واعتبر ما حدث مهزلة قضائية ومهزلة سياسية وبيّن أنه تم رفع الأمر إلى رئيس الدولة الذي يتابع القضية عن طريق محام. وأضاف بن فرج أن ما ادعاه الرياحي في حق الشاهد مسألة «سمجة»، لكن اتهامه للامن الرئاسي ومن يحمون المؤسسات الرسمية يفترض ان تقع محاسبة كل من ادعى بالكذب. وقال النائب كريم هلالي هناك قضيتان مطروحتان على الساحة السياسة وهما قضية الجهاز السري والغرفة السوداء والقضية التي رفعها الامين العام لنداء تونس سليم الرياحي. وبين ان القضاء مطالب بأن يتحمل مسؤولياته في البت في القضيتين والحسم فيهما لأنه لا يمكن دخول الانتخابات دون ان يقع الحسم فيهما. وعن سؤال يتعلق بتحالف كتلة الائتلاف الوطني مع حركة النهضة، قال بن أحمد ان التحالف يعني ان تكون هناك أهداف وسياسات مشتركة لكن هذا غير موجود، بل هناك تقاطع بين الكتلتين في نقطة وحيدة وهي الاستقرار السياسي. وأوضح ان كتلة الائتلاف ستعمل بصفة انتقالية وستعطي المشعل للقوة الواسعة لكي تنطلق.