يشهد الوضع التربوي بمدينة القصرين منذ اول هذا الاسبوع اجواء متوترة مع انطلاق الجامعة العامة للتعليم الثانوي في تنفيذ قرار مقاطعة امتحانات الثلاثي الاول التي بدات يوم الاثنين 26 نوفمبر في اطار الاسبوع المفتوح المخصص لاجراء الفروض التاليفية للمواد الاجتماعية والفنية والتربية البدنية، ففي اليوم الاول المخصص للفروض المذكورة ومنذ الساعة الثامنة صباحا انطلق تلاميذ اغلب الاعداديات والمعاهد في الصياح والتصفير ثم غادر الكثير منهم مؤسساتهم التربوية نحو الشوارع رافضين الدراسة وحوالي الساعة العاشرة تصاعدت حدة الاحتجاجات لتتوقف الدروس في جميع اعداديات ومعاهد المدينة بما فيها المعهد النموذجي بالقصرين، ومن الغد الثلاثاء تجدد نفس السيناريو مع بعض التراجع في اعدادية الفتح التي عادت فيها الدراسة الى سيرها الطبيعي بداية من الحصة المسائية، ويوم الاربعاء بدا الهدوء يسود اغلب المؤسسات فيما كانت في اعدادية الفتح الامور عادية جدا مثلما عاينت «الصباح» ذلك وتحدثت في خصوصه الى مدير المؤسسة عصام الرحموني وبعض اساتذة الاعدادية الذين بذلوا كل ما في وسعهم لتجنب أي توتر حتى لا ينساق تلاميذهم في موجهة الاحتجاجات الفوضوية، وفيما تواصل سير الدراسة مضطربا ببقية المعاهد والاعداديات عمد عدد من المنحرفين والتلاميذ غير المواظبين على حضور الدروس الى رشق اعدادية البساتين واعدادية ابن خلدون بالحجارة في محاولة لاخراج تلاميذها بالقوة وهو ما نجحوا فيه، وكانت اكثر التوترات يوم الاربعاء باعدادية الزهور الواقعة بقلب هذا الحي الشعبي لما بدا تلاميذها في حدود الساعة التاسعة صباحا في الصياح والتصفير ومغادرتها ثم رشقها بالحجارة مما فرض على ادارتها كما اكده لنا مصدر منها وبعض اساتذة المؤسسة الى تعليق الدروس ودعوة الامن الى التدخل ومع الثانية ظهرا ولما كانت الاعدادية خالية الا من عملتها وادارييها بحكم ايقاف الدراسة تعرضت الى «هجوم» بالحجارة والزجاجات الحارقة «مولوتوف» من عشرات التلاميذ والمنحرفين الذين عمدوا فيما بعد الى احراق الابواب الخشبية الخارجية للمؤسسة وخلع الباب الحديدي الكبير بمدخلها واقتلاعه من مكانه واشعال العجلات المطاطية بالقرب منه والاعتداء على الحراس والعملة الذين حاولوا التصدي لهم الى ان وصلت وحدات من الامن تولت مطاردة المعتدين وايقاف 5 تبين ان 3 منهم يدرسون بالمؤسسة، وفي محاولة منها لاعادة الامور الى نصابها دعت ادارة الاعدادية اولياء التلاميذ الى اجتماع مبرمج بعد ظهر امس الخميس (الساعة الرابعة) من اجل تحسيسهم بضرورة توعية ابنائهم وبناتهم بضرورة الانضباط والهدوء والعودة الى مقاعد الدراسة.. وشملت الايقافات يوم الاربعاء حسب مصادر امنية تحدثت اليها «الصباح»5 اخرين بمحيط اعدادية البساتين كلهم من التلاميذ الذين كانوا يرشقون المؤسسة بالحجارة والمولوتوف.. اعدادية ابن خلدون تجددت امس الخميس الاحتجاجات التلمذية في عدة مؤسسة وكانت اعنفها باعدادية ابن خلدون الموجودة بقلب حي النور من خلال قيام تلاميذ ومنحرفين برشق المؤسسة بالحجارة والمولوتوف واشعال الاطارات المطاطية من اجل تحريض بقية التلاميذ على مغادرتها وهو ما تم بالفعل لتتوقف الدراسة في المؤسسة ويتدخل الامن لتفريق المحتجين وابعادهم عن محيط الاعدادية وايقاف عدد منهم. خلفيات الاحتجاجات لئن تبدو دوافع هذه التحركات التلمذية تتعلق بمقاطعة الاساتذة لامتحانات الثلاثي الاول فان تصاعدها وخروجها عن طابعها السلمي وتحولها الى محاولات تخريب وحرق بعض المؤسسات واجبار التلاميذ الراغبين في مواصلة دراستهم على مغادرة مقاعد الدراسة، حولها الى اعمال شغب يقف وراءها منحرفون وتلاميذ معروفون بكثرة غياباتهم وعدم جديتهم وبحثهم عن الفوضى ومن غير المستبعد ان يكونوا مدفوعين باطراف لا علاقة لها بالتربية والتعليم من اجل تاجيج الوضع الاجتماعي وتوتير الاجواء. باستثناء اعداد قليلة من الاولياء الذين يصطحبون يوميا ابناءهم وبناتهم الى مؤسساتهم التربوية ودعوتهم الى التزام الهدوء ومواصلة دراستهم الى حين اتضاح الرؤية بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي رغم انتقادهم لقرار مقاطعة الامتحانات ورفضهم له، فان بقية الاولياء مستقيلون تماما من متابعة وتاطير ابنائهم وكأنّ الامر لا يعنيهم، وبعضهم لا يهمهم من الامر غير ارسال منظوريهم الى مؤسساتهم التربوية، والمطلوب من جميع العائلات الا تبقى تتفرج وان تسعى الى توعية ابنائها بالابتعاد عن الفوضى في هذه الاجواء المحتقنة تفاديا لما يمكن ان يحدث من تجاوزات ليست في مصلحة احد. تصعيد منتظر أجواء الاحتقان التي بدأت أول الأسبوع وبدأت تتجه نحو مزيد التوتر مرشحة للارتفاع والانتشار اكثر خلال الايام القادمة مع حلول موعد الاسبوع المغلق، وعلى وزارة التربية التحرك سريعا لحل الاشكالية مع الجامعة العامة للتعليم الثانوي بما يؤدي الى اجراء كل الامتحانات قبل عطلة الشتاء التي لم يعد يفصلنا عنها غير اسبوعين لانه في غياب حلول سريعة للوضعية قد تسوء الامور اكثر وتتطور الى ما لا تحمد عقباه خاصة وان نهاية العطلة ستكون اوائل جانفي القادم ومع وجود متربصين لا هم لهم غير استغلال مثل هذه الاجواء لمزيد تاجيج الاحتجاجات فان العودة الى طاولة الحوار بين الطرفين اكثر من ضرورية.