بينما نستعد للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر، فكرت في بعض الأمور المتميزة التي حدثت في السنتين الماضيتين كسفيرة لبريطانيا في تونس، مما ساعد على تعزيز تفاؤلي بشأن الديمقراطية والحفاظ على الحقوق الشخصية. وقد اتخذ التونسيون خيارا واضحا حول اتجاه بلادهم بدعمهم الأكيد لدستور 2014. وقد كان التقدم الذي رأيته ملهما، مثل أول انتخابات محليه حرة نزيهة وديمقراطية، تشريعات رائدة بشان العنصرية والعنف ضد النساء والفتات، والمناقشات النابضة بالحيوية حول قضايا الحرية الشخصية وحقوق المرأة. وقد أردت أن أتعمق أكثر في هذه النقطة الأخيرة، خاصة بعد إتمام مجموعة من النشاطات تمحورت حول المساواة بين الجنسين في السفارة البريطانية بعنوان «شهر نوفمبر للمساواة بين الجنسين». خلال مسيرتي المهنية في وزارة الخارجية البريطانية، أعتبر نفسي محظوظة لأنني قابلت العديد من الأشخاص الملهمين: وزراء يفعلون ما هو صائب وليس ما يضمن لهم أكثر شعبية، المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يحمون ويحسنون مستوى الحقوق والحريات للجميع، والصحفيين الذين يتحلون بالشجاعة للكتابة بصراحة حول ما يحدث في البلاد. وقد التقيت في الآونة الأخيرة، فتاة تونسية شابة انضمت إلى صفوف من أحترمهم وأعشقهم. اسمها سارة، تبلغ من العمر 18 عامًا، وهي أصيلة منزل بورقيبة في شمال تونس. إلى جانب 10 فتيات أخريات، كانت سارة من ضمن الفائزات في مسابقة نظمتها السفارة البريطانية وبعثات ديبلوماسية أخرى ومنظمات دولية في تونس. سميت المسابقة ب»سفيرة ليوم واحد» وعرضت على الفتيات من جميع المناطق بتونس فرصة للعمل معي ومع سفيرات لعدة بلدان أخرى في تونس. وكجزء من هذه المسابقة، شاركن أيضا في مائدة مستديرة مع المبعوثة الخاصة لبريطانيا للمساواة بين الجنسين السيدة جوانا روبر، للمشاركة في مناقشة حول تعليم الفتيات. ناقشت سارة والفتيات الأخريات بشغف بعض التغييرات التي شعرن أنها ستساعد في النظام التعليمي لتعزيز التزام تونس بالمساواة بين الجنسين. كانت أفكارهن ملهمة للغاية لدرجة أنه بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أردت طرح أفكارهن على نطاق أوسع، ليتمكن أكثر عدد ممكن من التونسيين من معرفة نظرة بعض الشباب المتميزين في هذا البلد حول تعليم الفتيات: النفوذ إلى التعليم شعر الكثيرون أنه من غير المعقول، في عام 2018، أن يضطر الأطفال للسير لساعات من أجل الوصول إلى المدارس. كما أدلت بعض المشاركات بعبارة ان التعليم لا يزال ينظر إليه على أنه «ترف وليس ضرورة»، وقد كان لذلك أثر عميق بداخلي. ودعت الفتيات إلى تحسين النقل، ولكن أيضا إلى مزيد من النفاذ إلى التعليم عبر الإنترنت. كما دعون بقوة إلى توجيه المزيد من المساعدة إلى المناطق الريفية. المساواة وتساءل كثيرون حول المساواة في الفرص بين الفتيات والفتيان. على سبيل المثال، لماذا يطلب من الفتيات ارتداء الزي المدرسي بينما لا يضطر الفتيان لذلك؟ وتحدثت فتاة أخرى عن الدعم الذي يقدم للفتيان اللذين يعانون من مشاكل في البصر وليس للفتيات. وتحدثت بعض الفتيات عن عدم الحصول علي خدمات صحية ودعم طبي خلال بعض الفترات الحرجة، ومن ضمن الأسباب الباعثة للقلق هو قصة فتاة اضطرت إلى ترك المدرسة قبل التخرج بسبب زواج تقليدي من رجل متقدم في السن. إن عدم إتاحة الفرصة للتعليم أمر محزن للغاية. وكما أشارت الفتيات، فإن هذا لا يضر بالفتاة المعنية فحسب، ولكن يحرم مجتمعها من الفوائد الاقتصادية التي يمكن لشخص متعلم ان يجلبها. جودة التعليم ودعا الكثيرون إلى المزيد من التمويل للمساعدة في تجهيز المدارس بشكل أفضل في القرن الحادي والعشرين مما سيساعد بدوره على جعل المعلمين أكثر إدراكًا لقضايا المساواة بين الجنسين، المساهمة في القضاء على الفقر، وتعليم المزيد من المهارات الحياتية بدلاً من التركيز فقط على القضايا الأكاديمية. القدوة واعترفت الفتيات بان تونس لديها قيادات نسائية كبيرة في مختلف مناحي الحياة. ودعون هؤلاء النساء المدهشات إلى التواصل مع الجيل الجديد والمثول كقدوة. وأردنا أن تُسخّر تلك النساء قوة وسائل التواصل الاجتماعي لمزيد إلهام الفتيات اللاتي تتابعنهن. سنستمر في السفارة البريطانية بالتركيز على المساواة بين الجنسين في عملنا ونشاطاتنا. وسنشجع الفتيات والفتيان على تحقيق أفضل ما يمكن ولن نتوقف عن السعي لتحقيق ذلك. سارة، والسفيرات الأخريات ليوم واحد، هن أمثلة رائعة على قوة التعليم في إنتاج شباب ملهم وملتزم يعترف بفائدة التعليم ويريد لكل فتاة وفتى في تونس ان يتمتعوا بنفس الحقوق وأن يزدهروا كما فعلوا. وأود ان أوجه شكري لسارة وزميلاتها السفيرات علي الشجاعة والإبداع والعاطفة التي ناقشن بها مستقبلهن وحددن السبل العملية للمضي قدما. ومن الأسلم أن نقول انه مع شباب مثل هذا، لدى تونس مستقبل مشرق.