بعد الاستماع إلى الأميرال كمال العكروت مستشار الامن القومي لدى رئيس الجمهورية وممثلين عن رئاسة الجمهورية حول مشروع القانون الاساسي المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، عقدت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية أمس بمقر مجلس نواب الشعب بحضور عدد كبير من النواب جلسة استماع إلى رياض جعديان رئيس كتلة الولاء للوطن حول مبادرة تشريعية قدمها بمعية عدد من النواب وتتعلق بدورها بتنظيم حالة الطوارئ. وبين جعيدان انه تم التفكير في اعداد مشروع القانون خلال النقاشات التي تمت بمناسبة ندوة دولية انعقدت قبل سنتين حول الرقابة البرلمانية على العمليات العسكرية والامنية. وذكر انه تمت دعوة رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة على اعداد قانون اساسي جديد ينظم حالة الطوارئ كما تمت استشارة بعض الوزارات المعنية بهذا الموضوع وهي وزارات الدفاع والداخلية والعدل. وأشار جعيدان الى انه كانت هناك ضرورة عاجلة لسن قانون جديد لان الامر عدد 50 لسنة 1978 الذي يتم الاستناد اليه في كل مرة يتم فيها التمديد في حالة الطوارئ لا ينسجم مع الدستور. وأضاف أنه بادر بإعداد مقترح القانون وطلب من عدد من النواب الامضاء عليه ونظر فيه مكتب مجلس نواب الشعب واحاله على لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية التي ابدت حرصا على النظر فيه لكن امام تراكم مشاريع القوانين التي طلبت الحكومة استعجال النظر فيها لم يقع تمرير المبادرة. ثلاثة أسئلة تجيب المبادرة التشريعية حسب ما اشار اليه جعيدان على ثلاثة اسئلة وهي لماذا هذا المقترح ومتى يتم الاعلان عن حالة الطوارئ والتمديد فيها وكيف يقع تنظيمها في بلد ديمقراطي يحكمه دستور ينظم العلاقات بين السلط ويحمي الحقوق والحريات. وعن سؤال لماذا قانون اساسي ينظم حالة الطوارئ اجاب النائب ان المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات يجب تنظيمها بقانون اساسي لكن النص الوحيد المنظم لحالة الطوارئ هو الأمر عدد خمسين لسنة 1978 الذي يذكر باحداث دموية وبالاستبداد كما ان الفصل 79 من الدستور نص بصريح العبارة على ان اي حد من الحقوق والحريات لا بد ان يكون بقانون اساسي ولا بد من قانون يمنع الخلط بين حالة الطوارئ وبين حالة الاستثناء. فالاستثناء على حد تفسيره يقتضي توفر ثلاثة شروط صعبة التنفيذ فلا بد ان يكون هناك خطر داهم، ويجب ان تتعطل معه دواليب تسيير الدولة، ويجب اعلام المحكمة الدستورية، لكن حالة الطوارئ ما هي الا اجراءات ضبط اداري تختلف كليا عن اجراءات الضبط العادي. وأضاف ان سن قانون ينظم حالة الطوارئ امر ضروري لإرساء رقابة برلمانية على حالة الطوارئ نظرا لان حالة الطوارئ فيها حد من الحقوق والحريات. وردا على السؤال الثاني وهو :»متى يتم اعلان حالة الطوارئ ومتى يتم التمديد فيها ومدة التمديد؟».. أجاب جعيدان ان مشروع الحكومة نص على مدة ستة اشهر لكن هذه المدة حسب رأيه طويلة وذكر انه يقترح ان تكون المدة شهرا فقط. وبخصوص كيفية اعلان حالة الطوارئ بين النائب انها تتم من قبل رئيس الجمهورية وتكون بأمر رئاسي ويتم التمديد أيضا بامر رئاسي بعد موافقة مجلس نواب الشعب. وذكر جعيدان انه تم الاستئناس في هذا المقترح بتجارب مقارنة كما تم الاخذ بعين الاعتبار اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور في علاقة بالمادة الأمنية. ضمانات تضمنت المبادرة التشريعية ثمانية فصول نصت على انه يمكن إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو ببعضه، في حالة نيل خطير من النظام العامّ أو في حال وقوع أحداث تكتسي خطورتها صبغة الكارثة. ويتولّى رئيس الجمهورية، بعد موافقة رئس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة، إعلان حالة الطوارئ بمقتضى أمر رئاسي.. ويتعيّن على رئيس مجلس نوّاب الشعب دعوة مكتب مجلس نوّاب الشعب إلى الانعقاد فورا لاطلاعه على ظروف الإعلان عن حالة الطّوارئ. كما يتعيّن على رئيس الحكومة، في نفس الآجال ولنفس السبب، دعوة مجلس الوزراء للانعقاد ويتمّ اتّباع نفس هذه الإجراءات كلّما تمّ طلب تمديد حالة الطّوارئ. وتُعلَن حالة الطّوارئ لمدّة اقصاها ثلاثون يوما بمقتضى أمر رئاسي ولا يمكن التمديد فيها إلا بعد موافقة مجلس نواب الشّعب بأغلبيّة أعضائه في جلسة عامّة. ولمزيد ضمان الرقابة البرلمانية نصت المبادرة على الزام جميع السّلط العموميّة بأن تُعلم مجلس نوّاب الشّعب فورا بكلّ الإجراءات والتّدابير الّتي تمّ اتّخاذها بعنوان حالة الطّوارئ. وتتولّى رئاسة الجمهوريّة ورئاسة الحكومة في أجل ثلاثة أشهر من انتهاء حالة الطّوارئ مدّ مجلس نوّاب الشّعب بتقرير عن حالة الطّوارئ المعلن عنها والمنتهية وتقرير يتضمّن تقييم تطبيق أحكام القانون ومدى استجابته لمعالجة الأوضاع المترتّبة عن حالة الطّوارئ. وتتمّ مناقشة التّقريرين في جلسة عامّة خلال أجل لا يتجاوز الشهر من ورودهما على المجلس. وضمنت المبادرة التشريعية مبدأي الضرورة والتناسب وبموجبها يخضع الحدّ من الحقوق والحرّيات خاصة منها وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبريّة، وتحجير الاجتماعات، وحظر التجوّل، وتفتيش المحلاّت، ومراقبة الصحافة والمنشورات بمختلف أنواعها، والبثّ الإذاعي والتلفزي، والعروض السّينمائيّة والمسرحيّة والفنيّة، وفرض حظر التجوال على الأشخاص والعربات ومنع الإضرابات واللّجوء إلى تسخير الأشخاص والمكاسب الضروريّة لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيويّة والغلق المؤقّت لقاعات العروض ومحلاّت بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات مهما كان نوعها، يخضع إلى الرقابة القضائية. ونصت المبادرة التشريعية على عقوبات فكلّ مخالفة للإجراءات والتّدابير المتّخذة بعنوان قانون الطوارئ تعاقب بالسّجن لمدّة تتراوح بين ستّة اشهر وسنتين وبخطيّة تتراوح بين ألف دينار وعشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط واوكل اختصاص تتبع هذه المخالفات للقضاء العدلي واختصاص النظر في الطعون ضد الاجراءات والتدابير المتخذة بمقتضى حالة الطوارئ للقضاء الاداري.