«حقّ التّعليم واجب.. حقّ التّلميذ واجب.. حقّ الوليّ واجب».. «يا يعقوبي حرام عليك مستقبل ولدي بين إيديك».. «المدارس حرّة حرّة واليعقوبي على برة».. «سرقوا فرحتنا وخيبوا ثقتنا».. «أولياء غاضبون على الحق صامدون».. «بالروح بالدم نفديك يا تلميذ».. و»الشعب ينادي اللعب موش بأولادي»... بحّت حناجر الأولياء أمس وهم يهتفون ويردّدون بحرقة هذه الشعارات بعد أن نفذ صبرهم ويئسوا من تطويق خلاف وأزمة طالت على امتداد أشهر حتى انها اضحت تهدد جديا بسنة دراسية بيضاء. فهبّوا بالأمس الى الوقفة الاحتجاجية التي انتظمت ببادرة من تنسيقية اولياء غاضبون، وتعالت اصواتهم مرددة الشعارات سالفة الذكر فعكست اصواتهم خشيتهم وهواجسهم ليس من ضياع مستقبل أبنائهم فحسب وإنما من ضياع جيل بأكمله أضحى - وعلى حد تأكيد كثير منهم - يدفع على مدار الثلاث سنوات الماضية ضريبة اختلافات وتجاذبات سمتها الأساسية التعنت ولي الذراع على حساب مصلحة التلميذ والولي. المكان: شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وتحديدا أمام المسرح البلدي، الزمان الساعة الثانية من ظهر أمس... هناك اجتمعت حشود من الاولياء رافعة شعارات تعكس غالبيتها غضبا وسخطا على شخص الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي. فالرجل من وجهة نظرهم سبب «خراب التعليم» وسبب ضياع جيل بأكمله لترتفع بذلك شعارات من قبيل «يعقوبي»Dégage .. «وينك وينك يا حشاد اليعقوبي ضيّع البلاد» محملين اياه المسؤولية كاملة بالنظر الى ان المطالب المرفوعة ولئن كانت من وجهة نظرهم حقا مشروعا الا انه كان عليه ان «يبتكر» طرقا نضالية أخرى تتجاوز القطع مع الامتحانات وآلية التقييم. وسط الجموع الغفيرة كانت السيدة درصاف ترفع أحد الشّعارات وتهتف بقوة... حين توجهنا اليها بالسؤال عن مخاوفها وهواجسها أوردت أنها لئن تتفهم مطالب الأساتذة بالنظر الى أنهم كغيرهم من القطاعات الأخرى من حقهم الاستماتة في الدفاع عن حقوقهم، لكنها تعيب عليهم شكل الاحتجاج على اعتبار أن الامتحانات بالنسبة إليها خط احمر مشيرة في السياق ذاته الى أنها تخشى على مستقبل ابنها لا سيّما انه مرسم بالسنة الثانية اقتصاد وتصرف ولا تعرف الى اليوم درجة تحصيله العلمي سواء كانت ايجابية ام سلبية بالنظر الى ان آلية التقييم وفي خضم هذه الازمة قد غُيّبت تماما، متسائلة في الاطار نفسه: لم يتبق من عمر السنة الدراسية الا اربعة اشهر... هل هي في نظر القائمين على الشأن التربوي كافية للتقييم؟ لا بد للحكومة ان تتحرك وبدورها شددت الولية ايمان البجاوي في تصريح ل «الصباح» على انها تحترم الاساتذة كما تثمن مجهوداتهم بالنظر الى أن عددا منهم بصدد اجراء الامتحانات، إلا أن ذلك يعتبر من وجهة نظرها غير كاف بالنظر الى ان التلاميذ أضحوا يشعرون بإحباط كبير وغير متحمسين بالمرة للامتحانات. وأوضحت في هذا الشأن: «أول أمس طلبت من ابني أن يستعد جيدا للاختبار الذي يفترض ان ينجزه أمس إلا انه تجاهل مطلبي مكتفيا بالقول: حتّى لين يتفاهموا» داعية في السياق ذاته الحكومة الى ضرورة التحرك سريعا واتخاذ موقف حازم حتى يتسنى انقاذ ما يمكن انقاذه. اما السيدة زهرة فقد اوردت ل»الصباح» أنها تشعر بالغيض بالنظر الى ان التلاميذ ذهبوا ضحية تجاذبات واختلافات مشيرة الى ان الحق في التعليم اضحى اليوم بمثابة «المزيّة»، مضيفة ان خروجها في هذه المسيرة كان بهدف ايصال صوتها بعد ان دمرت نفسية الاولياء والتلاميذ قائلة: «لقد ضاقت صدورنا ولم يعد لنا صبر أو طاقة لمزيد التحمل». تجدر الاشارة الى ان الاولياء بعد ان هتفوا بالشعارات سالفة الذكر امام المسرح البلدي توجهوا الى بطحاء محمد علي أين فوجئوا بحواجز امنية تمنع وصولهم فواصلوا هتافاتهم رافعين الشعارات ذاتها والتي تحمل غالبيتها مسؤولية تأزم الوضع الى اليعقوبي ومستنكرين ايضا استخدام التلميذ في معارك تتجاوزه. يذكر ان الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثّانوي لسعد اليعقوبي قد أكد أمس غياب اي بوادر الاتفاق بين الطرفين النقابي والحكومي فيما يتعلق بأزمة الثانوي رغم تأكيد الاطراف المتفاوضة أن المفاوضات تتقدم بخطة حثيثة.. وأورد اليعقوبي في تدوينة نشرها أمس على صفحته الرسمية الاجتماعية ب»فايسبوك: «ما راج من أخبار حول وجود بوادر لإنهاء الأزمة ليس الا تسريبات لجسّ النبض» داعيا في السياق ذاته الأساتذة إلى التماسك وإلى أن يكونوا «حزمة واحدة لا تكسرها التهديدات». وأضاف قائلا «لن نقبل إلاّ ما يرضينا ويحفظ كرامة القطاع.. استعدّوا ليوم غضبكم وأعدّوا ما استطعتم لتكون الرسالة مضمونة الوصول لمن يعتقد انكم قابلون للاختراق»، داعيا إيّاهم الى شد الهمة والمشاركة بكثافة كل يوم وليلة في اعتصام «صمودكم وحسمكم» الملتئم بمقر وزارة التربية.