الصناعات التقليدية "هويتنا التونسية" أو كما يصفها البعض "صنعة الأجداد"، من أكثر القطاعات ديناميكية وانتشارا وتنوعا في كامل جهات البلاد رغم ما تواجهه من صعوبات. وتعتبر الصناعات التقليدية بمختلف منتوجاتها المتنوعة على ارتباط وثيق بقطاع السياحة كما أنها تساهم في خلق الثروة ومواطن شغل جديدة، الأمر الذي يستوجب تدخّل جميع الأطراف المُتداخلة من أجل حماية هذا المخزون الثقافي والتراثي للبلاد من البضائع والسلع المُهربة والمروّجة في المسالك الموازية، وكذلك بهدف الحفاظ على ديمومتها وتطويرها لتكون قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية. وفي هذا السياق، وببادرة أولى من نوعها وفي إطار مساهمة العمل الجمعياتي في "تحريك" الاقتصاد الوطني والترويج للصناعات التقليدية والوجهة التونسية، تنظم الجمعية الفرنكو-تونسية "صوت الضفتين" بالتعاون مع الجمعية الفرنسية "Senior De Paris" تظاهرة ثقافية تحت عنوان "مائة حرفية تونسية في باريس "، وذلك أيام 5 و6 و7 أفريل القادم بأحد أهم فضاءات العروض في باريس "Paris Event Center". ومن المنتظر أن تؤثث هذه التظاهرة أكثر من 100 حرفية تونسية في مجال الصناعات التقليدية والحرف بالإضافة إلى أكثر من 24 مختص في الأكلات التراثية التونسية. الصناعات التقليدية في فرنسا حول كلّ هذه النقاط، وللتعرف أكثر على التظاهرة وأهدافها، تحدثت "الصباح نيوز" مع مدير التظاهرة نزار الجليدي الذي اعتبر أنه اليوم وفي ظل عالم سياسي واجتماعي متنوع فإنّ التونسيين بالمهجر هم "قيمة مُضافة"، مُشيرا إلى أنّ "اختيار الوجهة الفرنسية لتنظيم التظاهرة كان بهدف إعادة السوق الفرنسية والتوجه نحو السائح الفرنسي الذي يهتم بالصناعات التقليدية التونسية". وأفاد الجليدي أنّه "قد تم اختيار أحسن فضاء عرض بباريس بالقرب من مكان يتواجد به عدد كبير من الجالية التونسية، مُضيفا أنّه "من المتوقع أن يزور المعرض حوالي خمسة عشر ألف زائرٍ من أبناء الجالية التونسية ومن الفرنسيين وكذلك مستثمرين تونسيين في مجال العقارات والأسفار والبنوك والمؤسسات الخدماتية التونسية". وأضاف الجليدي أنّ التظاهرة ستستقطب أيضا مهنيين في قطاع السياحة التونسية يمثلون أبرز وكلاء أسفار عاملين على هذه الوجهة إضافة إلى مسؤولين عن فنادق تونسية، وكذلك مختصين في الأكلات التراثية التونسية أياما قبل دخول شهر رمضان المعظم حتى يكون رمضان هذه السنة بالنسبة للجالية التونسية التي سيكون لها فرضة زيارة المعرض، بنكهة تونسية". كما قال الجليدي إن سيتمّ توفير 5 مطاعم تونسية بفضاء المعرض وكذلك سوق تخصص لتقديم منتجات تونسية من بينها مواد غذائية تونسية. عروض وأنشطة ترفيهية وفي نفس السياق، أشار الجليدي إلى أنه سيتمّ تنظيم العديد من الأنشطة الترفيهية على غرار العروض الموسيقية التنشيطية والمسابقات في الألعاب التقليدية، قائلا إنّه سيقع تخصيص فضاء خاص بالأطفال يُقدّم فيه فرصة لأبناء الجالية التونسية بالمهجر للعب "ألعاب تراثية" على غرار "الخربقة" و"الزربوط".... وواصل الجليدي بالتأكيد على أهمية توفير مثل هذه الألعاب لهؤلاء الأطفال الذين لم يعيشوا مع أوليائهم لحظات "اللعب التراثية"، فتكون بذلك الفرصة متاحة لهم للتعرف على تقاليد أبائهم وأمهاتهم وأجدادهم. وفي سياق متصل، أشار نزار الجليدي إلى تقديم 10 عروض أزياء على هامش التظاهرة ستؤثثها عدد من عارضات الأزياء مثل لمياء العتروس ورفيقة النصيري وريم الغربي...، مُضيفا أنّه وبالتنسيق مع وزارة الثقافة سيكون هنالك 12 عرض فني وشعبي من بينها عرض "طبال جربة". التسويق للصناعة التقليدية وتعتبر هذه "التظاهرة الثقافية فرصة للتسويق للصناعة التقليدية التونسية وتشجيع السياح بصفة عامة والسائح الفرنسي بصفة خاصة على الاستثمار والتنمية في تونس"، وسيكون هنالك فضاء خاص بالحرفيات المشاركات في التظاهرة لتقديم منتوجاتهم، كما ستوجه الدعوة لسفراء دول أجنبية بفرنسا. وفي هذا الإطار، قال الجليدي إنّ الهدف من التظاهرة توفير الفرصة ل"الشباب المبدع" لتسويق إنتاجهم لمدة سنة أو سنتين بفرنسا، مُؤكّدا أنّ التظاهرة لن تنتهي بانتهاء أيام العرض بل ستكون هنالك متابعة عن كثب للإبداعات وفرص الترويج لها بفرنسا مع فتح باب التسويق العالمي أمام الإبداعات الحرفية التونسية". دعم وترويج السياحة التونسية وأضاف الجليدي أنّه سيتم توفير فضاء لدعم وترويج السياحة التونسية، مُوضحا أنه سيتم توفير أجنحة بفضاء المعرض للوفود الرسمية، إضافة إلى توجيه الدعوة لقطاع الخدمات من أجل تقريب الخدمات للتونسيين بالمهجر والقرب منهم والإنصات لمشاغلهم ومقترحاتهم. وفي نفس السياق، أفاد الجليدي أنّ هذه التظاهرة بدعم من القنصلية العامة وسفارة تونسبفرنسا وكذلك وزارتي السياحة والثقافة. كما سيوفر منظمو التظاهرة فضاء خاص بالصحفيين الذين سيواكبون هذا الحدث الثقافي في باريس من بينهم 50 صحفي تونسي و300 صحفي فرنسي. اختيار الحرفيات المشاركات؟؟ وعودة لكيفية اختيار الحرفيات المشاركات في التظاهرة والبالغ عدهن 100، أكّد الجليدي أنّ الاختيارات تمت على الشباب المبدع من مختلف الجهات بهدف تنويع الانتاج التقليدي من نسيج وملابس واكسسوارات وأحذية وتزويق للمنازل بلمسات تقليدية تونسية، بعد أن تم فتح طلب مشاركة في التظاهرة مع الاعتماد على فكرة "الاقتصاد التضامني". "الصباح نيوز" تحدثت مع عدد من الحرفيات المشاركات في التظاهرة، ومن جهتها، قالت عائدة بلحاج قاسم الهمامي أصيلة جهة نابل إنّها ستقدّم في هذه التظاهرة أحذية تقليدية بلمسات متطورة ومواكبة للعصر ولم يتم تسويقها بعد في الأسواق، مُستحسنة هذه البادرة. كما أفادت أنها ستشارك ولأوّل مرة في تظاهرة دولية بعد سلسلة من المشاركات في تظاهرات على المستوى الوطني والجهوي. وأشارت بلحاج قاسم الهمامي أنّها قد قدمت ترشحها للمشاركة تبعا لاعلان صادر عن الجهة المنظمة ليتم اختيارها ضمن قائمة ال100 مترشحة للمشاركة. بلحاج قاسم الهمامي لم تفوت الفرصة لتشدّد على ضرورة أنْ تأخذ الصناعات التقليدية النصيب اللازم من الاهتمام والدعم من قبل سلط الإشراف، قائلة: "اليوم صنعة اليد محقورة شويا ولم تأخذ حظها.. ولهذا يجب تسويق المنتوج التقليدي التونسي وتقديم الدولة للدعم اللازم ففي الظاهر هنالك دعم ولكن في الحقيقة الاجراءات الادارية تتطلب مدة زمنية طويلة". أمّا لمياء عتروس مصممة الازياء التونسية فوصفت التظاهرة ب"البادرة الطيبة" بهدف الترويج للمنتوج التقليدي الأصيل، مُضيفة أنها ستقدّم خلال التظاهرة مجموعة متنوعة من "القفاطن التونسية" المستوحاة من مختلف جهات الجمهورية منها قفاطن "مطرزة" بالنحاس وأخرى بالعنبر... بدورها استنكرت عتروس غياب الدعم الكافي للحرفيين في الصناعات التقليدية ما يمكن أن سكون عائقا أمامهم. ومن جانبها، قالت سنية خياط حرفية مختصة في صناعة الحلي التقليدية بالفضة إنّ مُشاركتها في هذه التظاهرة كانت صدفة وأنّها قدّمت ترشحها للمشاركة إيمانا منها بنجاح التظاهرة، مُشيرة إلى أنّ مشاركة حرفيات تونسيات في تظاهرة مماثلة من نوعها في فرنسا تعدّ فرصة لتأكيد مكانة المرأة التونسية ومدى قدرتها على الإبداع. واعتبرت خياط أنّ الصناعات التقليدية مُمارسة لفن يتيح للمرأة التعبير عن إبداعاتها وقدراتها الخاصة. ويبقى السؤال المطروح اليوم هل أنّ قطاع الصناعات التقليدية سيشهد قفزة نوعية تكون نتيجة لفت نظر الجهات المعنية لها تزامنا مع إطلاق أهل القطاع لصيحات فزع بسبب البضائع المقلدة والمهربة؟