28 و29 ديسمبر الجاري : انعقاد الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية بالرياض.    الميناء التجاري برادس محل متابعة من قبل سلطة الإشراف    خبايا الخطة..ماذا وراء اعتراف اسرائيل بأرض الصومال..؟!    كأس امم افريقيا 2025 :منتخب بنين يفوز على بوتسوانا 1-صفر..#خبر_عاجل    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    تأجيل محاكمة رضا شرف الدين    وزارة النقل: الدفعة الاولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين ستشحن قريبا (فيديو)    هام/ بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    النادي الصفاقسي: الكشف عن الحالة الصحية للاعبين إثر نهاية تربص سوسة    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    قابس: نجاح جديد بقسم طب العيون بالمستشفى الجامعي بقابس    كرهبتك ''ن.ت''؟ هذا آخر أجل لتسوية الوضعية؟    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    بعد ليلة البارح: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    التشكيلة المحتملة للمنتخب التونسي في مواجهة نيجيريا    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    الركراكي: التعادل أمام مالي كان محبطًا لكنه سيكون مفيدًا مستقبلاً    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    مزاجك متعكّر؟ جرّب هذه العادات اليومية السريعة    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    نشرة متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..#خبر_عاجل    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    السجن المؤبد لصاحب شركة وهمية أغتصب طالبة وقتلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العازفون عن الانتخابات.. محبطون.. قاطعوا خيارا لا فرضا
نشر في الصباح يوم 16 - 09 - 2019

عدد الجالسين على مقاعد مقهى قبالة مدرسة بباب الجديد تستقبل الناخبين كان أكبر من العابرين على صندوق الاقتراع.. جلس «أيمن» يراقب وسخرية يشوبها الألم تغزو ملامحه.. «لم أنتخب» بكل إصرار أجاب عن سؤال ووجهناه لجميع الجالسين في المقهى .. بين «تمتمات» الجميع كان صوته الأعلى: «ليس لدي ثقة في مشاريعهم، هي حبر على ورق.. نعم اخترت المقاطعة عن قناعة فلا توجد إرادة جادة ورؤية لمستقبل تونس ولا يعنيني أن يذهب صوتي هباء فالرئيس مختار من الغرب وهؤلاء مجرد إكسسوارات لإتقان اللعبة وإخراجها في مظهر ديمقراطي ثوري يليق بتونس، التي يرغبون في تسويقها لا ماهي عليه في الحقيقة.. الغرب يتدخل في اقتصادنا وسيادتنا وكل تفاصيل حياتنا.. أيمن وهو من بين 119.736 ناخبا أعمارهم بين 26 و45 سنة وتمثل هذه الفئة العمرية النسبة الأكبر من الناخبين يتساءل: «لماذا أختار رئيسا لن يكون رئيسا..!»
صدى كلمات «أيمن» رافقت جولة «الصباح الأسبوعي» في تونس العاصمة وأريانة.. بين الأحياء الشعبية والراقية منها، تنقلنا نبحث عن العازفين عن الانتخابات وأسباب عزوفهم هل يشاطرون «أيمن» قناعاته بالمقاطعة أم ظروف ما منعتهم من التصويت للرئيس القادم.
يقول «قيس» وهو شاب جامعي لم يتجاوز 25 من العمر: «لا أفكر في الانتخاب لا يعنيني الموضوع وهذا قرار اتخذته بعد متابعتي لكل المرشحين.. لست من الشباب، الذي يفكر في مغادرة البلاد سأبقى في تونس ولكن لا أحد من 26 مترشحا يستحق صوتي فهم لا يملكون الحلول وسيغرقون البلاد أكثر في أزماتها.»
لا أثق في أي مرشح
أسباب لطفي لمقاطعة الانتخابات الرئاسية تختلف فهو يتحدث عن تجربة سابقة خلفت الخيبة، يقول محدثنا وهو أحد الباعة في سوق «المنصف باي» «في 2014 اخترت وتحمست وأملت في التغيير لكن الوعود كانت واهية لم يتحقق شيء وزاد حالنا سوءا وللأسف الفوز يكون لمن يشتري أصوات أكثر ويدفع أكثر» ..مضيفا: «لم أعد أثق في المرشحين لا توجد مصداقية أشعر أن هناك لوبيات وحتى لو هناك مرشح قادر على إنقاذ تونس فلن يتركه يستمر أو يصل للدور الثاني.. الطامعون في تونس كثيرون والفاسدون لن يتركوها تتعافى خاصة وأنهم يلقون الدعم من ساستها..»
«لن انتخب» دون مقدمات أجابنا بائع التين الهندي في تقاطع «برشلونة» و»باب علوية» هو شاب بدت تجاعيد الحزن على ملامحه وهو لم يتجاوز 34 من العمر ومع ذلك جعلته الام الحياة يشيخ باكرا، حدثنا عن زوجته وأمه وإعالته لثلاث أطفال، يبحث عن لقمة العيش على عربات التين الشوكي واللوز ويحارب يوميا للبقاء يضيف محدثنا لماذا أنتخب رئيسا أو حكومة تأتي اخر النهار لتكسر عربتي وتأخذ نقود قليلة جمعتها بعرق جبيني لماذا أنتخب في بلد لا تحترم حقوق «الزوالي» ..أنا أعمل يوميا وفي نهاية ليلة الخميس والسبت من كل أسبوع أذهب تجاه البحر لعلي أجد فرصتي في الهجرة السرية نعم لم أكف عن المحاولة رغم أنهم يمسكون بي في كل مرة سأظل أفكر في «الحرقة» حتى أعيش وأعيل عائلتي.. في هذه البلاد أنتخب أو لا انتخب لا مكان للفقير..»
من سيء إلى أسوأ
عزيزة كانت تمارس عملها في التنظيف قرب سوق أريانة لم تخف موقفها من الساسة وقالت أنها سبق وانتخبت حتى قبل الثورة هي دائما تختار من يساعدها على العيش الكريم وهذه المرة من ترى أنه قادر على توفير ما ترغب فيه موجود في السجن ولن تنتخب غيره... المرأة بملامحها المتعبة تنبض الحياة في عيونها وتبحث عن سبل للعيش رغم واقعها المرير تقول الساسة يمضون الوقت في الخصام ونحن عامّة الشعب نمضي يومنا في العمل وليلنا في العناية بعائلاتنا وبيوتنا كل ما نحتاجه رئيس يلبي أبسط حاجياتنا فهل هذا يستحق في ظل كل هذه الفوضى..»
في 23 من العمر يملك بيتا وسيارة ومع ذلك يفكر في مغادرة البلاد هذا بعض من حياة حمزة الشاب، الذي اعتبر أن الوضع في البلاد لا يطاق وأن هذا اليوم الأحد المتزامن مع الانتخابات الرئاسية المبكرة زاده حنقا.. أسباب حمزة للمغادرة مرتبطة بحال تونس يقول: «ماذا بقي في البلاد؟ شاهديها بالليل وستعرفين لماذا الشباب مدمن ولماذا البطالة متفشية ولماذا الوضع كل يوم من سيء إلى الأسوأ..»
الثورة، التي تعتمل في أعماق حمزة تستقبلها دلندة (موظفة متقاعدة) بهدوء سيدة خبرت الحياة في هذا البلد.. حدثتنا ونحن نتبع خطواتها وهي تتجول مع كلب صغير في احدى حدائق المنزه: «ذاك الشاب يذكرني بأبنائي، اثنان منهم في كندا والثالث يدرس بفرنسا لقد طلبوا مني المغادرة لكن ذكرياتي هنا أحب قضاء أيامي في تونس حتى في هذا الأحد».. تصمت وكأنها تنتظر أن نطرح عليها سؤالنا عن الانتخابات كما فعلنا مع الشاب حمزة ولكنها لم تكن في حاجة لنكرر طلبنا فقد استهلت مجددا الكلام وهي تنظر لكلبها السعيد بجولته الصباحية:
«لم انتخب وعن قناعة.. لم أصدق المرشحين ولا أجد في برامجهم ما يحمسني لتغيير موقفي، يؤسفني قول ذلك لكن فقدت الثقة في كفاءات تونس وساستها وهذا الأحد بالنسبة لي كغيره من الأيام أشرب قهوتي وأخرج للتنزه صباحا كما تشاهدني مع كلبي في هدوء دون أن ألوث سمعي بأحاديث التلفازات والإذاعات عن مستقبل واهم.. هاجروا أبنائي وأنا أشيخ هنا في بلاد أحبها رغم تألمي ممّا وصلت إليه حالها..»
الكثير من الألم
جولتنا في أحياء تونس ومقاهيها وأسواقها حملت الكثير من الألم في نفوسنا، تقاسمنا خلالها لحظات تلقائية وصادقة مع مواطنين تبنوا مواقف مقاطعة وعزوف عن الانتخابات الرئاسية.. لكل مبرراته وحكاياته ومنظوره للأشياء لكن ما جمع بين المتحدثين ل»الصباح الأسبوعي» قبل يأسهم من حال الساسة وفقدانهم الثقة في قادة الرأي في بلدهم هو حبهم لتونس ولئن عبروا عن هذا الشغف بالمقاطعة إلا أن ذلك لا ينفي تعلقهم ببلادهم حتى لو خانتهم وخذلتهم الظروف.
نجلاء قموع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.