بعد الإطلاع على برامج القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية، "تأكد اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل أنها لا تحمل حلولا حقيقية لآفة البطالة التي يعاني منها قرابة 300 ألف حامل شهادة في تونس"، كما تبين له أن "الأحزاب التي تداولت على الحكم بعد الثورة والتي سبق لها أن قدمت الوعود الرنانة لفئة المعطلين عن العمل ثم أخلفتها، والأحزاب التي تعاملت مع حركاتهم الاحتجاجية المشروعة بالعصا الغليظة مازالت في حملاتها الانتخابية تقف في نفس المربع.. مربع المغالطة والكذب". شريف الخرايفي الأمين العام لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل قال إن فترة الحملة الانتخابية ليست مجالا للقيام بتقييم جدي لرؤية هذه القائمة المترشحة أو تلك لملف البطالة نظرا لأن معالجة هذا الملف تتطلب خطة كاملة وبرنامجا مفصلا واضح المعالم تقع صياغته بصفة تشاركية، وأضاف أن هذا لا يمنع الاتحاد في السياق الانتخابي من تقييم الأحزاب السياسية المترشحة وفق مرجعياتها وبرامجها العامة، فالأحزاب التي حكمت تونس منذ الثورة ومهما كانت الوعود التي قدمتها في برامجها الانتخابية للمعطلين عن العمل لا يمكن على حد تعبير الخرايفي تصديقها، لأنها بكل بساطة لم تكن طيلة السنوات الماضية مع حق الشغل بل كانت مع إيقاف التشغيل في أكثر القطاعات التي كانت تستوعب الوافدين من الجامعات وغيرهم من أصحاب الشهادات سواء منها القطاع التربوي أو القطاع الصحي أو في المؤسسات العمومية والإدارة. وأشار إلى أن هذه الأحزاب قدمت في السابق الكثير من الوعود لكن اتضح فيما بعد أنها ليست مع الدولة المشغلة بل هي مع سياسة عامة تدعم الخوصصة في سياق إتباع توصيات الأطراف المانحة وتنفيذ تعليمات صندوق النقد الدولي، فهي في برامجها وتصوراتها ومنهاجها في الحكم مرتبطة بما ترغب فيه الجهات المانحة وبالتالي فهي تخدم مصالح أخرى لا مصالح المعطلين عن العمل. مراجعة المنوال التنموي بين شريف الخرايفي أنه على الحزب أو الائتلاف الذي سيفوز في الانتخابات أن يقوم بمراجعة جذرية لمنوال التنمية لأنه من غير المنطقي أن يتواصل العمل بنفس المنوال الذي ثار عليه الشعب التونسي نظرا لأنه لا يضمن حق الشغل للجميع ولأنه لا يضمن تكافؤ الفرص بل هو يفتح المجال للمتنفذين سياسيا أو ماليا ويغلقه في وجوه المعطلين عن العمل بعد أن كانت هناك أمامهم إمكانية المشاركة في المناظرات وإمكانية الظفر بموطن شغل قار يساعدهم على الارتقاء في المصعد الاجتماعي. وأشار إلى أن اتحاد المعطلين عن العمل يريد دولة مشغلة، وهو عندما يصدع بهذه الرغبة ينعت بالاشتراكية، وبين أنه يرغب في تذكير الساسة بأن الدول الرأسمالية نفسها عندما تحصل أزمة تتدخل وتقوم بدور تعديلي، لذلك يجب على الدولة أن تتدخل لوقف البلطجة التي يمارسها القطاع الخاص على الوافدين على سوق الشغل، فالأغلبية العظمى من حاملي الشهادات الذين يشتغلون في القطاع الخاص يعيشون أوضاعا مهنية مضجرة، إذ يقع توظيفهم بعقود محدودة المدة وبآليات تشغيل هشة من قبيل تربصات الإعداد للحياة المهنية وبرنامج فرصتي وعقد الكرامة الذي هو أبعد ما يكون عن أن يحفظ الكرامة بل هو فضيحة في تاريخ وزارة التكوين المهني والتشغيل، إذ تم رصد مليارات من ميزانية الدولة لتنفيذه لكن نسبة الإدماج في سوق الشغل التي حققها هذا البرنامج كانت هزيلة جدا. ولاحظ الخرايفي أن الدولة وإضافة إلى تخليها عن دور التشغيل تضع كل سنة آليات جديدة تساعد بها القطاع الخاص على مزيد استغلال الطاقات الشابة من أصحاب الشهادات وبالتالي فإن المستفيد من تلك الآليات هو القطاع الخاص وليس المعطلين عن العمل، وكان من المفروض على الدولة أن تكون هي المشغل وهي المستفيد من ذكاء النخبة الذي أنتجته مدارسها وجامعاتها والذي أنفقت من أجله المجموعة الوطنية الغالي والنفيس، فهي عندما تستثمر في الشباب ستخرج رابحة لا خاسرة وغارقة في المديونية كما هو عليه الحال اليوم. وأشار إلى أن الأحزاب التي وصلت إلى الحكم بعد الثورة كذبت على المعطلين عن العمل كثيرا وهي اليوم في حملاتها الانتخابية تعيد نفس الكرة لذلك ينطبق عليها بيت شعري لابن اللحام جاء فيه : تكذب الكذبة يوما ثم تنساها قريبا.. كن ذكورا يا أبا يحيي إذا كنت كذوبا". وبين أن المعطلين عن العمل لم ينسوا أن هناك من وعدوهم سنة 2014 بتشغيل 400 ألف عاطل والذين أمطروهم قبل الوصول إلى الحكم بالوعود ثم تنكروا لها، وهاهم اليوم يعودون لطلب فرصة جديدة بعد أن مرروا مشاريع قوانين مالية موجعة لعموم التونسيين وبعد أن تصدوا لمقترحات تعديل قدمتها المعارضة وتهدف إلى توفير منح للباحثين عن شغل والى الترفيع في المنح المسندة للعائلات المعوزة لذلك لا يمكن للمعطلين عن العمل تصديق الأحزاب التي لها سوابق في الحكم ولا يستطيعون الثقة في برامجها الانتخابية لأنهم أكثر فئة متضررة من سياسات هذه الأحزاب لذلك سيكون تصويتهم بالضرورة تصويتاعقابيا للأطراف الحاكمة حتى لا يمنحوهم فرصة جديدة لمزيد تعطيلهم. وخلص الخرايفي إلى أن البرامج الانتخابية للأحزاب التي كانت في سدة الحكم فيها مغالطة للمعطلين عن العمل ومخادعة للتونسيين، فنفس هذه الأحزاب التي وعدت بتغيير وضع البلاد إلى الأفضل، تسببت في كوارث لا تحصى ولا تعد، كوارث اشتعلت معها جميع الأضواء الحمراء وذكر أن الأوضاع الاجتماعية للمعطّلين عن العمل تزداد سوء يوما بعد آخر، وعددهم يرتفع مع تزايد عدد المتخرجين من الجامعات والذي يناهز سنويا 70 ألف خريج يتقاذفهم اليأس والإحباط ويهددهم الجنوح والتطرف بعد أن علقوا آمالا كبيرة على ثورة الشغل والحرية والكرامة الوطنيّة، فالمآسي تعمقت والأزمة تفاقمت ليس لأن الحدث الثوري كان خطأ تاريخيّا، بل لأنّ من حَكَموا البلاد بعد الثورة ومازالوا يحكمونها إلى اليوم لم يقطعوا مع منظومة الفساد والعمالة وواصلوا الهروب إلى الأمام وإتباع نفس المنوال التنموي الذي ينتج البطالة والفقر. فترة ترقب لوح الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بالدخول في تحركات نضالية جديدة في صورة عدم أخذ مشروع ميزانية الدولة لسنة 2020 وضعيات المعطلين وخاصة من طال بهم أمد البطالة بعين الاعتبار. وذكر أنهم حاليا في وضعية ترقب ما ستؤول إليه الاستحقاقات الانتخابية، وما سيتضمنه مشروع قانون المالية وعلى ضوئهما يتحدد موقف الاتحاد. وللتذكير فقد تم تأسيس اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل منذ أكثر من 13 سنة وهو منظّمة أنشئت من أجل تنظيم المعطّلين في أداة جامعة لتأطير مطالبهم وتحرّكاتهم قصد تحقيق جملة من الأهداف والمطالب الحيويّة لهذه الفئة، وفي مقدّمتها الحقّ في العمل القار والعمومي واللاّئق، ومن بين أهداف الاتحاد الدّفاع عن حقّ المعطّلين في المشاركة في عمليات التوظيف والانتداب مع ضمان شفافيتها وتكافؤ الفرص، والمطالبة بتوفير حدّ أدنى للمعطّلين قبل مرحلة الانتداب: منحة بطالة، تغطية صحية، بطاقات تنقّل بمعاليم رمزيّة، المرافقة الضرورية لباعثي المشاريع الخاصة مع طلب مراجعة التشريعات الشغلية والقضاء على آليات التشغيل الهشّة والسّمسرة باليد العاملة. مطالب المعطلين عن سؤال يتعلق بمطالب اتحاد المعطلين من العمل من القائمات التي ستفوز في الانتخابات التشريعية بأغلبية المقاعد في مجلس نواب الشعب أجاب الأمين العام للاتحاد شريف الخرايفي بأن أول مطلب يؤكد عليه الاتحاد يتمثل في وجوبية التراجع الفوري عن قرار تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية، فهذا القرار سيّء الذكر الذي جاء في إطار جملة من مشاريع الإصلاح التي جاءت بها حكومات ما بعد 2014 تسبب في تزايد عدد العاطلين عن العمل. وأضاف أن المعطلين عن العمل يأملون في أن يصل الى الحكم من هم قادرون فعلا على الحد من آفة البطالة وعلى اتخاذ اجراءات عاجلة والمصادقة عليها في أول مجلس وزاري بما من شأنه أن يبعث رسالة طمأنة للشباب المحبط، ومن أوكد هذه الإجراءات بعث صندوق بطالة تشرف على تسييره هيئة مستقلة، ويمول هذا الصندوق من ميزانية الدولة ومن مساهمات المؤسسات، كما يفتح للغرض اكتتاب وطني يشارك فيه الجميع، ويتولى هذا الصندوق إسناد منحة بطالة قارة لا ظرفية على غرار ما هو معمول به في العديد من بلدان العالم. كما يطالب الاتحاد على حد قوله بأن تكون الانتدابات وفق مقاييس تراعي معايير الكفاءة والتميّز والوضع الاجتماعي وصعوبات الإدماج في سوق الشّغل، وفسر أنه من المفروض أن يقع العمل بنظام تّنقيط يراعي الكفاءة والتفوق في المناظرات وسنوات الأقدمية في البطالة والحالة الاجتماعية.. لأنه من غير المنطقي أن نجد مائة ألف عاطل عن العمل تجاوزوا سن الأربعين ، فتخلّي الدّولة نهائيّا عن دورها الاجتماعي في مجال التشغيل، مثلما تخلّت عن دورها في الصحة والتعليم هو الذي أدى إلى هذه الكارثة. وأضاف الخرايفي أنه لا بد أيضا من التشجيع على بعث المشاريع الخاصة في إطار سياسية ضامنة لمناخ تنافسي نقي، ولا بد من التشجيع على المشاريع النموذجية ذات القدرة التشغيلية العالية، ولا بد من إعفاء الباعثين الشبان وأصحاب الشهادات من شرط التمويل الذاتي مع التمديد في فترة الإمهال لخلاص القروض إلى ثلاث سنوات على الأقل. وأشار إلى مسألة وصفها بالسيادية وتتمثل في منح أولوية مطلقة للقطاع الفلاحي وفي تشجيع الشباب على بعث مشاريع فلاحية في شكل تعاونيات ومركبات كبرى يمتد نشاطها من الإنتاج إلى التصدير. وذكر أن الاتحاد يطالب الدولة بمنح تشجيعات للشباب تكون في شكل أراضي خصبة خاصة وأن هناك آلاف الهكتارات من الأراضي الاشتراكية والأحباس مهملة ومتروكة وسيكون من الأجدى للاقتصاد الوطني منحها للمعطلين عن العمل في شكل تعاونيات. نسبة البطالة 15.3% بالنظر إلى البرامج الانتخابية لأغلب القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية يتضح أنها تضمنت كما كبيرا من الوعود لفئة المعطلين عن العمل، من قبيل توفير منحة بطالة، أو منحة تكوين وتأهيل في قطاعات ذات تشغيلية عالية، أو توفير تكوين مهني جيد للشباب يضمن له الشغل في الخارج، أو بعث مشروع لفائدة كل عائلة أحد أفرادها متخرج من الجامعة، أو النزول بنسبة البطالة إلى أقل من 10 بالمائة وغيرها، وحرصت أغلب القائمات المترشحة خلال حملاتها الانتخابية على الاقتراب من المعطلين عن العمل واستعملت شتى الوسائل لإستمالتهم نظرا لأنها تعتبرهم خزانا انتخابيا هاما، إذ تشير نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثي الثاني من سنة 2019 حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء إلى أن عدد العاطلين عن العمل في تونس بلغ 634.9 ألفا من مجموع السكان النشيطين وبذلك تقدر نسبة البطالة ب 15.3 بالمائة، وتختلف هذه النسبة باختلاف الجنس إذ تبلغ لدى الذكور 12 فاصل 3 بالمائة ولدى الإناث 22 فاصل 4 بالمائة. في حين تبلغ نسبة البطالة لدى فئة الشباب 34 فاصل 4 بالمائة ويبلغ عدد العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا 253 ألف عاطل. سعيدة بوهلال