- تحسين جودة المضامين من مسؤولية وسائل الإعلام - ضرورة التسريع في المصادقة على قانون الاتصال السمعي البصري - لا بد من التوعية بدور الهيئات وهو أمر ليس مفهوما عند الكثيرين بما في ذلك السياسيين - أرجو ان نتفادى الصراعات ونتعالى على النزاعات مع هيئة الانتخابات استقبلنا رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي في مكتبه بمقر الهيئة للحديث عن عديد الملفات المرتبطة بأداء الهيئة وتحديات المشهد السمعي البصري. اللجمي عبر عن تخوفاته إزاء تركيبة مجلس نواب الشعب وتوجسه من مواقف هذه الأحزاب من حرية الإعلام وحرية التعبير. وأكد اللجمي أن تحسين جودة المضمون الإعلامي هي مسؤولية وسائل الإعلام. هذا إلى جانب طرح مسائل أخرى مثل نجاعة قرارات الهيئة واستمراريتها بعد انتهاء «صلوحيتها». وفي ما يلي نص الحوار: ●شهدت علاقة «الهايكا» بهيئة الانتخابات مشاحنات تحولت إلى «مواجهات كلامية»، وانسحبتم أيضا من رابطة الهيئات الدستورية، هل يؤشر ذلك إلى غياب التعاون في المستقبل مع هذه الهيئة؟ -نحن نطالب بتكثيف التعاون بين الهيئات الدستورية على أسس صحيحة وعلى أسس ومبادئ يدافع عنها الجميع لإنجاح المسار الانتخابي أو الديمقراطي بصفة عامة. فمن الأدوار التي يوليها الدستور لهذه الهيئات هو تكريس المسار الديمقراطي. صحيح أنه قد وقعت بعض الإشكاليات مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لكن هذا لا يعني أننا لا نتعاون مع هيئة الانتخابات بالعكس نحن نحاول أن نقرب المسافات وتكون لدينا وجهة نظر واحدة. ومن بين أشكال ذلك توحيد المفاهيم مثل الدعاية السياسية والإشهار السياسي حتى يكون هنالك تناغم في عمل الهيئتين. وأنا أرجو أن نتفادى هذه الصراعات وأن نكون كهيئات في مستوى الحكمة المطلوبة منا ونتعالى على النزاعات ونفكر في مصلحة البلاد. ●من الإشكاليات الرئيسية التي تطرح أمام الهايكا اليوم هو مدى قانونية وجودها في ظل عدم انتخاب مجلس هيئة جديد إلى حد اليوم، ما الذي تقومون به بهذا الخصوص؟ -تنتهي صلوحية «الهايكا «حسب المرسوم 116في 3 ماي 2019 لكن نص دستور 2014 في الفصل 148 على أن الهيئة الحالية تواصل العمل إلى حين تنصيب المجلس الجديد. وقد قمنا بمراسلات عديدة خلال الست سنوات من العمل لرئاسة الحكومة ورئاسة مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية حول أهمية التسريع في المصادقة على قانون الاتصال السمعي البصري لأنه لا يمكن انتخاب مجلس هيئة جديد دون قانون جديد. ومسألة المصادقة على القانون ليست بيد الهيئة. بل بالعكس نحن قدمنا مشروع قانون تبناه حوالي 34 نائبا. ونحن اعتبرنا أن المشروع الذي اقترحته الحكومة ونظر فيه مجلس النواب يعد منقوصا. ● في ظل التجاذبات السياسية الحالية، المصادقة على القانون يمكن أن تتطلب شهرين أو سنتين، هل يعني ذلك أن الهيئة الحالية يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى؟ -هذا هو الحاصل الآن.. ولكن هل سأقبل بذلك؟ هل سيقبل أعضاء الهيئة بذلك؟ لا أعرف ربما في مرحلة ما سأقول إنني لا أستطيع أن أواصل. وربما يقوم بذلك بعض الأعضاء أيضا ولكن لا أعتقد أن الأمر سيستمر طويلا... للهيئة التزامات وبرنامج ونشاطات ونحن نرجو أن يتم التسريع في المصادقة على القانون. ولكن لدينا تخوفات كبرى من التركيبة الحالية لمجلس نواب الشعب هنالك العديد من النواب الذين -مع الأسف- ليست لديهم نفس التعريف والفهم لحرية الصحافة وحرية التعبير، هنالك من لهم قنوات غير قانونية مثل حزب قلب تونس والسيد سعيد الجزيري. للأسف أصبحنا نرى أمورا غير معقولة اليوم نواب يحضرون في «بلاتوهات» ويتحولون إلى ضيوف قارين في مؤسسات غير قانونية وقد راسلنا رئاسة المجلس بهذا الخصوص. لا نعلم ما ستكون عليه مواقف الأحزاب في البرلمان في علاقة بحرية التعبير كف سيكون التداول في القانون الجديد؟ وكيف سيقع ضمان حرية الصحافة والمعايير الدولية في موضوع حرية التعبير واستقلال الهيئة...لدينا تخوفات كبرى ونعول على الإعلام والمجتمع المدني للوقوف صفا واحدا للدفاع على هذه الحريات التي هي مكسب من المكاسب التي حققناها بعد الثورة ولا يجب التفريط فيها. ●هنالك انتقادات وُجهت للهيئة على أساس الشغور الحاصل فيها، لماذا لم يتم سد الشغور اليوم بالتحديد؟ -نحن واصلنا العمل مع الشغور الحاصل. وراسلنا المنظمات والهيئات التي من دورها أن ترشح حسب المرسوم 116 أعضاء لمجلس الهيئة ولكن لم يتم ترشيح أحد لنا لأننا لسنا نحن من يختار أو يعين مارسنا ضغطا وطالبنا ولم يتحقق شيء. ولكن الآن تم ترشيح اثنين وينقصنا الآن قاض إداري. كما أن هذه الفترة يتواصل هذا الفراغ على مستوى الحكومة ويجعل الأمور ضبابية فالحكومة الحالية متخلية لصالح حكومة لم تتشكل بعد ..هذا يعطل العمل ونحن في هذا الوضع منذ شهرين وهذه ليست وضعية مريحة. ●هنالك إشكاليات على مستوى نجاعة القرارات التي تتخذها الهيئة في تعديل المشهد السمعي البصري، بماذا تفسرون ذلك؟ -في الحقيقة هنالك غياب للقرار السياسي. الهيئة في أي بلد في العالم لا يمكن أن تشتغل لوحدها. فمثلا في علاقة بقناة نسمة نحن قمنا بحجز معدات البث كما يمليه القانون ولكن القناة قامت بفك الحجز ومواصلة البث. قناة الزيتونة كمثال ثان رفعت قضية ضدي لأنني قلت إن حركة النهضة تساند قناة الزيتونة ورأوا فيها «ثلبا» و»مسا من الحياد». لابد أن تكون هنالك عزيمة سياسية واضحة لضمان الحريات وضمان نجاعة عمل الهيئات الدستورية، الفصل 125 من الدستور ينص على مساندة هذه الهيئات في عملها. لكن لا يوجد سند من مؤسسات الدولة لعمل الهيئات وهنالك إشكال كبير على مستوى فهم دور الهيئة وكأن الهيئات جاءت لتأخذ دور الحكومة ولكن هذا ليس صحيحا. لا بد من التوعية بدور الهيئات وهو أمر ليس مفهوما عند الكثيرين بما في ذلك السياسيين. ●يصف العديد من المتابعين المشهد الإعلامي في تونس بالرديء خاصة على مستوى البرامج الترفيهية، من يتحمل مسؤولية هذه الرداءة ؟ -نحن نقوم بما يمكن أن نقوم به كهيئة تعديلية نراقب وننظم لقاءات مع أصحاب المؤسسات ورؤساء التحرير للخوض معهم بهذا الخصوص. نحن نتابع عن كثب ما تبثه القنوات ويقع اتخاذ القرارات اللازمة للحد من ذلك، ونحن نوقف برامج إذا كان هنالك خطاب كراهية أو خطاب عنصري. وننتقد في قراراتنا استراتيجية «البوز» والرداءة وانفلات الإشهار. وعلى الأقل مرة في السنة في رمضان نقوم بندوة تقييمية للبرامج. ولكن تحسين المضامين هو مسؤولية وسائل الإعلام نفسها. نحن كهيئة لا ننتج المضمون. ومن الأشياء التي دافعنا عنها تعددية الخطاب الإعلامي وتوازن المحتوى ومقاومة الرداءة. ووسائل الإعلام لديها مسؤولية كبيرة في هذا المستوى وأيضا على مستوى توفير ظروف جيدة للصحفيين. ●جودة المضمون الإعلامي تحيلنا على دور مؤسسات الإعلام العمومي، هل تعتبرون أن هذه المؤسسات ناجحة على هذا المستوى؟ -الإعلام العمومي تطور بشكل كبير في السنوات الأخيرة. هنالك شعور بالمسؤولية لدى مؤسسات الإعلام العمومي وبضرورة تغيير الإعلام العمومي ليرتقي إلى مطامح الشعب التونسي. ويبتعد عن سيطرة السلطة التنفيذية وهنا نشير إلى عقد الأهداف والوسائل والذي تم إمضاؤه من قبل الهيئة والحكومة والرئيس المدير العام للمؤسسة. وسنقوم بتقييم عمل الإعلام العمومي. ●هنالك اتهامات للهيئة باعتماد سياسة المكايلين وعدم التعامل مع كل المؤسسات الإعلامية على حد السواء، كيف تردون على ذلك؟ -هذا الأمر غير صحيح طبعا. ومن لديه دليل فليتفضل. والقول بأنه «لماذا توجه لي هذه العقوبة لي وليس لغيري» هذا أمر سهل. نحن نتناول كل حالة على حدا وأحيانا نتداول لساعات لأن قرارنا يمكن أن يتم الاعتراض عليه في المحكمة الإدارية ونحن لا نريد أن نتخذ قرارات يتم إلغاؤها لاحقا، لذا تكون قراراتنا ثابتة وقائمة على حجج سليمة. ●ما هي توصياتكم لمجلس الهيئة القادم؟ -الأهم من وجهة نظري هو ضمان استقلالية الهيئة خاصة أن لا يكون أعضاء الهيئة تحت سيطرة الأحزاب التي ستدعمهم لأن البرلمان هو من سينتخبهم. من دون استقلالية لا يمكن الحديث عن هيئة تعديلية. كما يجب أن يكونوا حريصين على فرض ميزانيتهم. ومواكبة التقدم التكنولوجي لأن الشبكات الاجتماعية خاصة في الفترة الانتخابية أصبحت تلعب دورا أساسيا. ●كيف تقيمون تجربة «الهايكا» في سياق التجارب المقارنة؟ -بكل تواضع أقول إن الهيئة حققت مكاسب كثيرة و»الهايكا» اليوم هي رئيسة الشبكة الفرونكوفونية لهيئات التعديل. ولتجربتنا صدى ايجابي جدا في الخارج. قمنا بالعديد في الأنشطة المهمة وفي شهر جوان القادم سننظم لأول مرة الجامعة الصيفية للتعديل. أروى الكعلي